استعراض التجربة المغربية في مجال رقمنة العدالة بمنتدى رفيع المستوى بالصين
استعرض الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، أمس الخميس، التجربة المغربية في مجال رقمنة المنظومة القضائية، وذلك خلال المنتدى الرفيع المستوى، الذي نظم عبر تقنية التناظر المرئي من مدينة تزوجيانغ، بمبادرة من المحكمة العليا الشعبية بالصين.
وجدد عبد النباوي، بهذه المناسبة، التأكيد على التزام المجلس بتعزيز علاقات التعاون بين المحاكم العليا في المغرب والصين، التي تجمعهما اتفاقية التعاون القضائي في القضايا في المجالين المدني والتجاري الموقعة في 16 أبريل 1996، وكذا مذكرة 3 يوليوز 2018، التي تنص، من بين أمور أخرى، على التعاون وتبادل الممارسات الفضلى في مجالات رقمنة المحاكم والتكنولوجيا الرقمية.
وأبرز عبد النباوي، في المنتدى الذي عرف مشاركة العديد من رؤساء المحاكم العليا بالعالم، أن الرقمنة تصنف اليوم كثورة صناعية رابعة، مضيفا أنها تتيح فرصا اقتصادية واجتماعية كبيرة، كما تحدث تغييرات كبيرة في حياة المواطنين، وهذا ما يتطلب تكييف القوانين مع العصر الرقمي، من أجل الاستفادة من فوائدها ، والحد من الضرر الذي يمكن أن يسببه استخدامها غير المقنن.
وأضاف أن المغرب، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، واع بأن التكنولوجيا الرقمية تمهد الطريق نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أنها تساهم في تحسين جودة أداء الإدارة ، بما فيها الإدارة القضائية، التي انخرطت منذ مدة في درب التحديث.
وتابع أن هناك قطاعا وزاريا مكلفا بضمان الانتقال الرقمي، مشيرا إلى أن هذا القطاع يسهر على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحول الوطني، التي تستهدف 3 مجالات رئيسية ، تتمثل في إرساء الإدارة الرقمية ، ووضع منظومة رقمية، وأيضا تشجيع الابتكار والإدماج الإجتماعي والتنمية البشرية.
وأكد عبد النباوي أن رقمنة المنظومة القضائية تعد إحدى ركائز المحور الأول المتعلق برقمنة الإدارة، والذي يهدف إلى إنشاء المحكمة الرقمية، التي ستمكن من تنفيذ الإجراءات الرقمية ، على غرار التسجيل عن بعد للشكاوى والأعمال القضائية، وطلب الحصول على نسخ من الأحكام والشهادات ، مثل السجل العدلي أو السجل التجاري، أو الأداء عبر الأنترنت للضرائب والغرامات والعقوبات المالية.
وتابع أن الرقمنة تلامس كل ما يتعلق بالمعالجة غير المادية للملفات القضائية، دون إغفال تنزيل النصوص التشريعية والاجتهاد القضائي عبر الأنترنت على محركات البحث المناسبة لاحتياجات مهنيي العدالة، مثل القضاة والمحامين.
وسجل أن المحاكم المغربية، التي استفادت من بعض نتائج الرقمنة على مدى العقدين الماضيين ، يتوقع أن تسارع من وتيرة التحول الرقمي للمنظومة القضائية، مضيفا أن هذا من شأنه أن يمكن مهنيي العدالة والمتقاضين من الاستفادة من الخدمات عبر الأنترنت.
ولفت إلى أنه بالموازاة مع الجهود التي تبذلها وزارة العدل حاليا في المجال التقني ، تقوم السلطات المغربية بإعداد مشروع قانون خاص بالتحول الرقمي للإجراءات القضائية، من شأنه أن ينظم المحاكمات عن بعد ، والتبليغ الإلكتروني ، والعديد من الإجراءات الأخرى.
وأضاف أن هذا النص القانوني سيكمل النصوص التشريعية والمعيارية المصادق عليها أصلا في مجال الجرائم الإلكترونية، وحماية شبكات وأنظمة المعلومات، وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ، وحقوق التأليف والملكية، والعلامة الصناعية، والمواضيع المتعلقة بالتجارة الإلكترونية والأبعاد الأخرى للرقمنة، التي تؤثر على الحياة اليومية للمواطنين.
وخلص عبد النباوي إلى أنه في ظل غياب قانون محدد، فإن القضاة المغاربة لجأوا إلى استخدام تقنية التناظر المرئي للمحاكمات عن بعد، لصالح المعتقلين، خلال فترة الحجر الصحي بسبب جائحة كوفيد – 19، موضحا أن هذه التقنية التي تم اللجوء إليها بموافقة المتهم المحتجز ومحاميه، أتاحت إجراء محاكمات لآلاف القضايا في وقت كان فيه نقل المعتقلين إلى المحاكم يشكل تهديدا حقيقيا.