صفعة أمريكية أخرى للجزائر والبوليساريو
لا يمكن أن يمر هذا الأسبوع دون الوقوف كثيرا عند حدث بارز، وإن توارى قليلا إلى الوراء بسبب فواجع التساقطات المطرية بالعاصمة الاقتصادية، والتي أخرجت بدورها عمدة المدينة عن صكته بعد كثير من الغياب، وما كان أن يخرج في تلك البادرة التي كانت بدون رائحة ولا لون، وهو يصف مجلس أكبر جماعة في البلاد بكونها ليست إلا عابر سبيل لتلقي الشكايات وتسليمها للشركة التي يعنيها كل الأمر!!
وفي الوقت الذي كان البيضاويين ينتظرون القرارات المستعجلة التي تنقدهم من تضاريس الفشل التي تحيط بالمدينة، جاء ألم آخر يوم أمس في بلاغ يتيم دون تحديد مسؤوليات ولا ترتيب جزاءات، وهكذا كانت قرارات أولى بدون صوت في الدار البيضاء وأخرى مدوية في الجزائر العاصمة، حينما قررت الإدارة الأمريكية أن تحسم الشك باليقين لكل من ما يزال يهمه القرار التاريخي لإدارة الرئيس « ترامب » بشأن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، حينما قرر صقور البيت الأبيض أن يحل مساعد كاتب الدولة المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا “ديفيد شينكر” برحاب الجارة المشاكسة دائما وأبدا ليفصل الخيط الأبيض من الأسود ويضع القرار الأمريكي إياه تحت الضوء : إن المفاوضات حول قضية الصحراء يتعين أن تتم في إطار مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب.
انتهى التصريح التاريخي بدوره الذي كان مكانه الجزائر العاصمة وأمام عدسات الصحافيين الجزائريين ومنهم الكثير ممن يشتغلون في القنوات الرسمية، والرسالة إذن واضحة بحل الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب وتسانده أقوى دولة في العالم، وقد أُعلن عنه في الجزائر ومن طرف “شينكر” وهو أحد صقور السياسية الأمريكية الخارجية، لا يقل دهاء عن كبير مستشاري الرئيس الأمريكي “جاريد كوشنير”، وهكذا هدم “شينكر” أوهام الجزائر في الصحراء، وزاد في ردم الأحلام الواهية حينما وضع المفاوضات بين المغرب والبوليساريو الطريق الوحيد وفي إطار الحكم الذاتي الكفيلة بتسوية قضية الصحراء المغربية.
هذه إذن تفاصيل الصورة التي رسمها “شينكر” : الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية والمفاوضات بين المغرب والبوليساريو … الوصفة الوحيدة التي تلزم بها الولايات المتحدة الأمريكية كل من يعنيهم موضوع الصحراء المغربية وفي مقدمتهم الجارة الجزائر.
ولمزيد من التوضيح وربما الضغط على صقور قصر المرادية، رمى “شينكر” بالكرة في البركة الآسنة، وقال أمام الملأ، أن الوقت حان لاتخاذ قرارات شجاعة ما دامت كل مشاريع التسويات والمساعي التي تمت مباشرتها في السابق باءت بالفشل.
حينما يؤكد مسؤول أمريكي بارز من قبيل “شينكر” الذي يعرف أسرار السياسات بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن القرار الذي اتخذه بلاده بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه قرار شجاع، ويدعو في نفس الوقت الجميع لاتخاذ قرارات مماثلة، فإنه يدعو بدون شك الجزائر لإنهاء كل الأساطير التي رافقت أوهاما طال أمدها وتأكد فشلها.
ولكي تكتمل الصورة، وتكون أكثر وضوحا، طار “شينكر” من الجزائر إلى المغرب، وها هي وكالة المغرب العربي للأنباء تخبرنا هذا الصباح أن مساعد كاتب الدولة الأمريكي المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حل بمدينة العيون، وقام بجولة في المدينة، وخاصة الحي الديبلوماسي الذي يحتضن قنصليات عدد من الدول، كما زار بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء.