لزرق: تصريحات بنكيران تضع العثماني أمام امتحان كبير

وجد العثماني نفسه في وضعية صعبة، بعد خرجات بنكيران، وللمرة الأولى تقريباً؛ يصل الاحتجاج إلى مؤسسة الحكومة، و يتخذ الحلفاء قرارا سياسيا، يحتم ضرورة الحسم من طرف الحزب الأول، و يبدو أن العثماني فوجئ بالقرار.

1- ارتباك العثماني و تياره البرغماتي:

يشعر العثماني و معه التيار البرغماتي، بالإحراج اتجاه القصف الذي تعرض له حليف هام متمثل في عزيز أخنوش، عن التجمع الوطني للأحرار، وكان ردّ فعل العثماني في البداية أقرب إلى الحيرة والاستغراب، لكنه سرعان ما عدل من موقفه، في انتظار اتضاح الصورة، وتقديم الحلفاء ملاحظاتهم واقتراحاتهم. وتشارك “الأمانة العامة في العدالة والتنمية ” حالياً في سلسلة الاجتماعات الاستشارية، إلا أنها لا تزال تجهل الملامح النهائية للأزمة التي خلفتها تصريحات بنكيران، و هو ما يجعل العثماني يتقدم بكثير من الحذر.

2- الأغلبية الحكومية و مقولة ولى زمن تبادل الادوار:

على اعتبار أن تصريحات بنكيران تتجه إلى إحراج العثماني، عقب الرد الصارم من طرف شركائه في الحكومة، تحت عنوان ولى زمن تبادل الادوار، لأن الاتجاه إلى التصعيد سيؤدي إلى نهاية الحكومة.
ان التعيين الملكي للعثماني يعني الثقة، بحيث أن الملك “فضّل أن يتخذ هذا القرار من ضمن كل الاختيارات المتاحة التي يمنحها له نص وروح الدستور”.
خرجات بنكيران هي انقلاب على المواقف اتجاه الحكومة، يأتي هذا بعد أن اتجه الملك إلى دعم حكومة العثماني بتحييد الأثر السياسي للزلزال السياسي الذي شهدته الحكومة.
3- السياق السياسي و مطلب حكومة فاعلة و مسؤولة:

تصريحات بنكيران، و المزايدات التي عرفها البرلمان يمكنها ان ترسم تغييرا في مواقف العدالة و التنمية اتجاه الحكومة، و الدليل هو عدم حسم أمرهم حتى الآن، فرسائل بنكيران التي وجهها، يجب توضيحها، و يجب القطع مع سياسية تبادل الادوار، و هي السياسة التي نهجتها العدالة والتنمية منذ وصولها للحكومة حتى الآن، هذا النهج لم يعد يتحمله الواقع السياسي في وقت يتطلب السياق حكومة فاعلة و مسؤولة سياسيا، لأن البلاد لم تعد تتحمّل مزيداً من الفشل أو الأداء الضعيف للحكومات المتعاقبة. وبالنسبة لتيار المزايدة فإن كل تنازل جديد لها سيكون بمثابة خسارة جديدة تعمق أزمة الثقة بينها وبين الناخبين.
لقد أضرت سياسة الصراع المشخصن سابقاً بالمسار الانتقالي وعمّقت الانقسام السياسي في البلاد، وأدت إلى عنف لفظي، برز مع المرحلة الشعبوية، هذه المرحلة تقتضي القطع معها، لأن سياسة الفرجة لم تساعد على معالجة المشكلات الكبرى التي ازدادت تفاقماً، وفي مقدمتها المشكلة الاقتصادية. و بروز حركة احتجاجية في العديد من اقاليم المملكة.
4- العدالة والتنمية بين البقاء و مغادرة الحكومة:

التيار البرغماتي داخل العدالة و التنمية لا يزال حريصا على تجنّب الدخول في أي شكل من أشكال التنازع مع الحلفاء، و تدعو العثماني إلى ممارسة صلاحياته باعتباره الأمين العام و صاحب القرار النهائي في العدالة و التنمية و ليس بنكيران، يجب أن يلعن أنه متمسك بالأغلبية الحكومية، و انه لايزال على ثقة برئيس الدولة، وسيبقى مستعدا للتعاون مع كل الأطراف الحزبية والاجتماعية التي تؤمن بالشراكة.
في وقت لا يخفي بعض أعضاء التيار المزايد الدعوة إلى الانسحاب من الحكومة، وأنه “لا معنى سياسياً لبقاء العدالة و التنمية في حكومة المحاور السياسية، وحان الوقت لخوض تجربة سياسية جديدة، بعيداً عن المخاوف التقليدية التي تشكل تابوهات داخلية، أبرزها الخوف من العزلة السياسية، وهي هواجس لا مبرر لها في السياق الحالي، خروج العدالة و التنمية من الحكومة لا يعني خروجها من المؤسسات، لأن له فريقا برلمانيا الأول في مجلس النواب و يسير العديد من الجهات، هذه الفكرة التي روج لها بعض صقور التيار المزايد تتلقى رفضا من التوحيد و الإصلاح و من التيار البراغماتي. لكن الأزمة الحالية تعيد النقاش و تصبح إمكانية متاحة في ظلّ التحرّكات الكثيرة والتطورات المتواترة التي تشهدها الساحة السياسية المغربيةالتي لم تعد تستحمل إعاقة سير المؤسسات.
الحلول الدستورية والقانونية كفيلة بحل الأزمة الأغلبية الحكومية الحالية إنها تمنع وتغني الجميع من مواصلة الصراع و التنابز الذي لم يعد يرغب ولا يريدها أحد.

رشيد لزرق: محلل سياسي



whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
محامي يكشف العقوبات التي تنتظر “مومو” والمتورطين في فبركة عملية سرقة على المباشر







انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى