هل يغير نقاش “القاسم الانتخابي” تموقع البيجيدي سياسيا ؟
لا حديث خلال هذه الأيام داخل الصالونات السياسية، إلا عن “القاسم الانتخابي” هذا النقاش الذي يدور داخل الأحزاب السياسية سواء داخل القيادات أو القواعد، وانتقل إلى الرأي العام الوطني، بل أصبح موضوع عناوين الصحف و تفاعلات الشارع السياسي، في زمن يمكن اعتبار أن النقاش السياسي العام عملة نادرة بفعل تحولات يعرفها المغرب وحتى العالم.
أول سؤال يطرح، أو يتبادر للأذهان، ما هو “القاسم الانتخابي” ولماذا كل هذا اللغط والبلاغات، والتصريحات، والهجمات بين الفينة والأخرى، عن موضوع تقني بامتياز، حيث اتفقت القيادات السياسية حول عدد من النقاط، ولايزال الاختلاف قائما على هذه النقطة بالذات.
هناك عدد من الآليات التي تحدد الاقتراع في المغرب، وهي مفاهيم ينص عليها قانون الانتخابات، وهي عمليات علمية رياضية، تفضي في نهاية المطاف لإفراز نتائج الاقتراع، هذه المفاهيم، مثل الاقتراع باللائحة، والتمثيل النسبي والقاسم الانتخابي، وقواعد مثل أكبر بقية، والحاصل الانتخابي والتقطيع الانتخابي، والعتبة، وكلها آليات تقنية تستخدم في العملية الانتخابية.
العتبة هي التي تحدد عدد الأصوات الواجب الحصول عليها من أجل الظفر بمقعد برلماني داخل دائرة معينة سواء كانت محلية أو وطنية، ذلك أن الأصوات الحاصلة عليها اللوائح التي لم تصل إلى العتبة تضاف إلى اللوائح البالغة العتبة والمحددة قانونا حاليا في 3%، وهي عملية تسمى “أكبر بقية” حيث يمكن أن تمنح لائحة معينة مقعد إضافي داخل دائرة انتخابية.
بعد تحديد العتبة والتي تكون مجموع الأصوات المعبر عنها والصحيحة، مضروبة في 3 ومقسومة على 100، يتم تحديد القاسم الانتخابي الذي يبقى إلى حدود اليوم محط جدل، حيث هناك طرح يقول أن هذا القاسم يجب أن يكون مستخلصا على حساب جميع الأصوات المعبر عنها، وهناك من يقول الأصوات الصحيحة فقط، بل أن النقاش العام يكمن في أن البيجيدي يرى أن القاسم الانتخابي يجب أن يكون على حساب المصوتين فيها ترى باقي الأحزاب أن القاسم الانتخابي يجب أن يرفع على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، لاسيما وأن إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، أكد وبشكل رسمي أن هناك اتفاق بأن التسجيل في اللوائح سيكون إجباريا لكل شخص بلغ سن 18 عشر بطريقة تلقائية، وهو ما سيرفع من دون شك عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية.
هذا ويرى مراقبون أن الهدف من هذا النقاش التقني بجبة سياسية، هو كبح صعود البيجيدي الذي كان سنة 2011 وتكرر في الانتخابات الجماعية لسنة 2015 و كذا تشريعيات 2016، فيما يرى عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أن دفاعه عن هذا الطرح، هدفه تمكين أحزاب أخرى صغيرة من الولوج إلى البرلمان، وإسماع صوتها من داخل المؤسسات.
وهنا كان علينا القيام بعملية حسابية، لتشريعيات 2016، على أساس قاسم انتخابي من منطلق جميع المسجلين في اللوائح الانتخابية وليس الأصوات المعبر عنها بطريقة صحيحة، وحصلنا على نتائج لم تغير من الترتيب العام للمقاعد.
باعتماد عدد المصوتين في تشريعيات 2016، و قاسم انتخابي على أساس عدد المسجلين، فإن البيجيدي كان سيحصل على 100 مقعد، متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة بـ95 مقعد، ثم حزب الاستقلال ب49 مقعد، وحزب التجمع الوطني للأحرار بـ48 مقعد، و حزب الحركة الشعبية بـ29 مقعد، و حزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية بـ24 مقعد، والاتحاد الدستوري بـ23 مقعد وحزب التقدم والاشتراكية بـ17 مقعد، وفيدرالية اليسار الديموقراطي بـ4 مقاعد.
هذه النتائج، وباعتماد فكرة وهبي ومن معه، وعلى أساس نسبة مشاركة 2016، فإن “البيجيدي” كان سيفقد 25 مقعدا، والبام ثمان مقاعد، فيما باقي الأحزاب كانت ستفوز بمقاعد إضافية، في مقدمتها التجمع الوطني للأحرار بـ11 مقعدا، ثم التقدم والاشتراكية 5 مقاعد، والاتحاد الدستوري 4 مقاعد، والاتحاد الاشتراكي 4 مقاعد، وحزب الاستقلال ثلاث مقاعد، والفيدرالية مقعدين وحزب الحركة الشعبية مقعدين.
غير أنه، إن وقع اتفاق على أساس أن لائحة المسجلين في اللوائح الانتخابية سيطالها تغيير، فإن النتائج إذا اعتبرنا أن القاسم الانتخابي مبني على نتائج تصويت 2016، ستكون مغايرة بشكل كبير.
إن النقاش الحالي حول الإصلاحات السياسية والانتخابية، يجب أن يدفع في اتجاه تقوية ثقة المغاربة بالهيئات السياسية، حتى يكون التعبير كبيرا في صناديق الاقتراع، وستعلم الأحزاب السياسية حينها أنها ستتنافس على أصوات عدد كبير من المغاربة، وهناك ستكون مجبرة على الابتكار وتقديم حلول في برامجها الانتخابية، والنقاش سيكون في العمق، وليس في “الآلة الحاسبة”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية