لزرق: موقف فرنسا من قضية الصحراء المغربية نموذج واضح للدبلوماسية البراغماتية

في أعقاب الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للمملكة، بدءا من يومه الاثنين، تلبية لدعوة كريمة من الملك محمد السادس، أكد رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، أن “اعتراف فرنسا بأهمية قضية الصحراء للمغاربة يعكس فهماً عميقاً للواقع الاجتماعي والسياسي في المنطقة”، معتبرا أن هذا الفهم “ضروري لصياغة سياسة خارجية فعالة ومتجاوبة مع الواقع على الأرض”.

ويرى لزرق في تصريح لـ”سيت أنفو”، أن “الموقف الفرنسي في قضية الصحراء المغربية يمثل نموذجاً واضحاً للدبلوماسية البراغماتية في العمل”؛ إذ يجمع، بحسب تعبيره، “بين المرونة والواقعية، ويسعى لتحقيق المصالح الوطنية مع مراعاة التعقيدات الإقليمية والدولية”.

وأضاف لزرق أن “هذا النهج يؤكد على أهمية التكيف المستمر في عالم سريع التغير، حيث تصبح القدرة على إعادة تقييم المواقف وتعديلها وفقاً للظروف المتغيرة أمراً حيوياً لنجاح السياسة الخارجية لأي دولة”.

وفي ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي يشهدها العالم، تبرز الدبلوماسية البراغماتية كنهج فعال في إدارة العلاقات الدولية، حيث تعد حالة الموقف الفرنسي الأخير تجاه قضية الصحراء المغربية، بحسب رأي المحلل السياسي، “مثالاً بارزاً على تطبيق هذا النهج الدبلوماسي المعاصر”.

وتتميز الدبلوماسية البراغماتية، وفق توضيح لزرق، “بقدرتها على التكيف مع الواقع المتغير وتحقيق المصالح الوطنية بطريقة عملية، وتجلى ذلك بوضوح في قرار فرنسا الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، والذي جاء كاستجابة للتغيرات في المشهد الدولي، خاصة بعد الاعترافات الأمريكية والإسبانية”، مردفا بالقول أن “هذا القرار يعكس مرونة السياسة الخارجية الفرنسية وقدرتها على إعادة تقييم مواقفها وفقاً للمستجدات العالمية”.

وزاد رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، أن “حماية المصالح الاقتصادية تعد ركيزة أساسية في الدبلوماسية البراغماتية”؛ فالقرار الفرنسي، حسب رأي لزرق، “يهدف بشكل واضح إلى الاستفادة من الفرص الاستثمارية الجديدة التي يطرحها المغرب في أقاليمه الجنوبية”، وهذا “النهج يتماشى تماماً مع مبدأ تعظيم المنافع الاقتصادية، وهو أحد أهم مبادئ الفكر البراغماتي في العلاقات الدولية”، وفق تعبير المحلل السياسي.

كما يمثل إعادة التموضع الإقليمي، استنادا للمصدر ذاته، “بعداً هاماً في هذا السياق”، حيث لفت إلى أنه مع “تراجع النفوذ الفرنسي في بعض الدول الإفريقية، يشكل تعزيز العلاقات مع المغرب فرصة ثمينة لفرنسا لإعادة ترسيخ وجودها في المنطقة”، معتبرا أن هذا التحرك الاستراتيجي يعكس قدرة الدبلوماسية البراغماتية على التكيف مع التحديات الجيوسياسية المتغيرة.

وتجسد محاولة فرنسا للموازنة في علاقاتها بين المغرب والجزائر جوهر النهج البراغماتي؛ إذ “تسعى للحفاظ على مصالحها مع كلا الطرفين قدر الإمكان، مما يتطلب مهارة دبلوماسية عالية وقدرة على إدارة العلاقات المعقدة في منطقة حساسة”، وفق إفادة لزرق.

وأشار المصدر نفسه إلى أن “فتح الباب أمام استثمارات الوكالة الفرنسية للتنمية في الصحراء المغربية يُعد مثالاً واضحاً على الاستغلال العملي للفرص الجديدة”، معتبرا أن ذلك “يعكس قدرة الدبلوماسية البراغماتية على تحويل التحديات إلى فرص، والاستفادة من التغيرات السياسية لخلق منافع اقتصادية ملموسة”.

“من الواضح أن قرار فرنسا يستند إلى تقييم دقيق للمخاطر والمنافع؛ فرغم احتمال خسارة بعض المصالح مع الجزائر، إلا أن المكاسب المحتملة مع المغرب تبدو أكثر أهمية من منظور المصلحة الوطنية الفرنسية؛ فهذا التوازن الدقيق بين المخاطر والفوائد هو سمة أساسية للدبلوماسية البراغماتية”، يقول المحلل السياسي، رشيد لزرق.


هزة أرضية تضرب سواحل الحسيمة وخبير في الزلازل يوضح

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى