للباحثين عن عروض مغرية.. منازل للبيع بأورو واحد بإيطاليا لكن بشروط
للباحثين عن عروض مغرية، ممن يتحلون بروح المغامرة، تعرض أزيد من خمسة عشر قرية في شمال وجنوب إيطاليا منازل للبيع بسعر أورو واحد فقط، غايتها جذب سكان ومستثمرين جدد وإنعاش الاقتصادي المحلي، على أمل طي صفحة عزلة طويلة عطلت استثمار مؤهلاتها الطبيعة؛ لكن اقتناء هذه العقارات بأسعار زهيدة يبقى مقرونا بشروط معقدة بعضها ظاهر وأكثرها خفي. فبعد أن هجرها سكانها منذ عقود بحثا عن عمل وأصبحت مبانيها متداعية، يعول رؤساء هذه البلدات الصغيرة على بعض المزايا التي قد لا توجد في مناطق إيطالية أخرى، وتتمثل، بالخصوص، في كونها “خالية من فيروس كورونا”، إذ لم تسجل بها أي حالات إصابة بالوباء، وتمتاز بمناظر طبيعية خلابة وبقربها من شواطئ برمال ذهبية، وهي المؤهلات التي أثارت بالفعل اهتمام الكثيرين، سواء في إيطاليا أو خارجها.
وحسب موقع ” casea1euro.it “، فإن قرى تحتضر ومنازل متداعية تعرض للبيع بأسعار مغرية في بيمونتي وصقلية وتوسكانا وأبروزو وكامبانيا، كما يحصل بعض المشترين المحتملين على مبلغ 25 ألف أورو لتجهيز المباني المتداعية، بهدف جذب سكان جدد إلى المنطقة القديمة، بعدما غادرها الكثيرون إلى المدن.
وفي هذا الصدد، قال رئيس بلدة تروينا سيباستيانو فابيو إن عدد السكان انخفض خلال العقود القليلة الماضية، وتبذل جهود لإنقاذ ما كان ي عرف بـ”عاصمة صقلية النورماندية”، مبرزا أنه تم إطلاق مخطط ترويجي في نونبر 2020 مكن من بيع منازل ب 1 يورو في نهاية شهر يناير الماضي، ويمكن لبعض المشترين المحظوظين الحصول، أيضا، على 15 ألف يورو “مكافأة إعادة ترميمه، وأيضا 10 آلاف يورو لشراء المصابيح الموفرة للطاقة”.
غير أن هذه العروض المغرية التي يتزايد عددها في إيطاليا، تثير الدهشة بحسب صحيفة ” إل فاتو كوتيديانو”، التي سجلت أن تساؤلات كثيرة تطرح من قبيل هل ستكون صفقة حقيقية أم أن هناك شيئا خفيا ؟”.
وأوضحت اليومية أن المبادرة مثيرة للاهتمام ومفيدة حقا، لكن يجب الانتباه جيدا إلى بنود عقود البيع والشراء، وسيتعين على الراغبين في شراء المنازل دفع ما بين 10000 يورو إلى 20000 يورو لتجديده، إلى جانب رسوم تأمين سنوية بقيمة 250 يورو حتى اكتمال أعمال التجديد، وقد يتعرض المشترون للغرامة تقدر بـ20000 يورو إذا لم ينهوا التجديدات في غضون 3 سنوات.
وتبلغ مساحة بعض المنازل، المعروضة للبيع في هذه القرى المهجورة من السكان لعدم وجود فرص عمل بها، حوالي 50 مترا مربعا وتتوفر بعضها على شرفات صغيرة.
وحسب معهد “بيزنيس إنسيدر”، فقد تلقت البلديات المعنية بعمليات البيع، 150 طلبا من جميع أنحاء العالم، مبرزا أنه بالإضافة إلى المزايا الاقتصادية، توفر مبادرات بيع منازل بسعر زهيد فرصا كبيرة يستفيد منها قطاع السياحة، إذ يسمح بتحويل هذه المنازل إلى فنادق أو إلى مؤسسات إيواء، خاصة وأنه في السنوات الأخيرة، ركزت السياحة بشكل متزايد على القرى غير العروفة، والتي غالبا ما تكون كنوزا مخفية.
وكانت بلدة اولولاي في جزيرة سردينيا أعلنت سنة 2018 بيع 200 منزل بسعر يورو واحد للمنزل من أجل جذب مقيمين جدد إليها، بعد أن انخفض عدد سكانها من 2250 الى 1300 شخص.
وقال نائب العمدة إن أورو واحد هو ثمن بخس مقابل منزل في بلدة تقع “في محمية طبيعية تزخر بالتاريخ والشواطئ الرائعة والغابات والجبال المحيطة، وهي بلدة هادئة وآمنة وملاذ للتخلص من سموم المدينة”.
ومن هذا المنظور، “يلتزم بموجب القانون الإيطالي، المالك أو الوريث بضمان الصيانة الواجبة للأصل العقاري في أي وقت من أجل منع أي ضرر يلحق بأطراف ثالثة”.
وأوضح إيمليانو روسو، المحامي والأستاذ المساعد المختص في العقار، بكلية لويس للأعمال في روما، أنه “في حالة لحقت أضرار بالعقار المعني، فقد تفرض على (المالك) دفع غرامات تتراوح ما بين 154 و929 يورو ، وفي حالة وقوع أضرار حقيقية، فقد يخضع لعقوبة جنائية بالاعتقال”.
ونظرا لأن هذه القواعد تهدف إلى ضمان السلامة العامة، يمكن لرؤساء البلديات إصدار أمر قضائي يطلب من المالكين إجراء الإصلاحات، بحسب ما ذكره روسو.
وأضاف أنه يمكن للسلطات المحلية ملاحقة المالكين من خلال المحاكم أو استخدام سلطاتها الخاصة لاسترداد تكلفة الصيانة أو حتى الاستيلاء على الممتلكات.
والأكيد أن عروض بيع منازل بأقل من مقابل فنجان قهوة، تحمل بين طياتها أكثر من هدف، وقد يكون اقتناؤها فرصة ثمينة للمشتري، كما يمكن أن تكون مغامرة غير محسوبة العواقب.
د/