بنعليلو: بعض الإدارات ماتزال تتعامل مع الحق في المعلومة كاستثناء

قال محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربته، إن المؤشرات أظهرت أن العديد من المعايير التنظيمية في الإطار الاستراتيجي مستوفاة، لكن دون أن تصل فيها مؤشرات التنفيذ العملي إلى المبتغى المأمول، وهو ما يبرز أن التحدي اليوم لم يعد في سن القوانين ولا في صياغة الاستراتيجيات، بل في ضمان فعاليتها العملية على أرض الواقع، وقدرتها على التأثير في سلوك المؤسسات والإدارات، وفي تملك مضامينها داخل المنظومة الإدارية العمومية.

وأوضح ضمن كلمة له في المؤتمر الإقليمي حول النزاهة العامة في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) وإفريقيا، أن الضعف الحاصل في إعمال بعض الأطر القانونية تشكل ثغرة حقيقية تهدد شفافية القرار العمومي، وتجعله عرضة للتأثيرات غير المشروعة وتضارب المصالح، مما يكشف عن فجوة مقلقة بين المعايير والممارسة، وعن حاجة ملحة إلى تطوير آليات مراقبة فعالة، وإنفاذ صارم، وتشريع زجري متناسب مع خطورة هذه الأفعال، وملاءمة تشريعية مع مقتضيات الدستور.

وأكد المتحدث على أن نفس الملاحظة تتكرر في ميدان الشفافية والحق في الحصول على المعلومات، حيث إنه في مقابل مستوى مهم من الملاءمة النصية، هناك انخفاض واضح فيه من حيث التطبيق العملي، مما يعني أن بناء ثقافة الشفافية ما زال في بداياته، وأن النصوص تحتاج إلى من يفعلها لا إلى من يزين بها ترسانته التشريعية، مضيفا أن بعض الإدارات لاتزال  تتعامل مع الحق في المعلومة كاستثناء، ومع النشر الاستباقي كمبادرة تطوعية لا كواجب مؤسساتي.

وأشار المسؤول إلى أن الملك محمد السادس كان واضحا عندما حذر من اختزال الفساد في بعده الأخلاقي وحده، حيث قال إن : الفساد ينطوي على عبء اقتصادي يلقي بثقله على قدرة المواطنين الشرائية، لا سيما الأكثر فقرا منهم، وعلاوة على ذلك يساهم الفساد في الانحراف بقواعد الممارسة الديمقراطية، وفي تقويض سيادة الحق والقانون، كما يؤدي إلى تردي جودة العيش، وانعدام الأمن”.

واعتبر بنعليلو أن ترجمة هذا الوعي الملكي العميق بطبيعة الفساد “يقتضي مننا جميعا أن نجعل من مكافحته شرطا للتنمية، وأساسا لبناء العدالة الاجتماعية، وضمانا لتكافؤ الفرص. ولهذا فإن معركتنا ضد الفساد هي أكثر من مجرد معركة أخلاقية بل هي في جوهرها معركة من أجل سيادة القانون وكرامة المواطن”، مضيفا أن التطور الحقيقي لا يقاس بعدد النصوص ولا بعدد المشاريع المعلنة، بل بمدى قدرتها على تغيير السلوك الإداري وترسيخ ثقافة الإنصاف والشفافية في ممارسة السلطة العمومية.

وشدد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، على أن اللحظة الراهنة تفرض قدرا أكبر من النقد الذاتي ومن الجرأة في التشخيص والتوجيه، مشيرا إلى أن الإصلاح كما لا يتجسد بالمزايدات، لا يتجسد بالرضا الذاتي، وإنما بالمراجعة المستمرة والالتزام العملي والإنصات للآخر.

وأضاف المتحدث: “ولأن محاربة الفساد، هي قضية الدولة والمجتمع معا، كما جاء في الخطاب الملكي السامي، فالدولة بمؤسساتها ملزمة بتفعيل الآليات القانونية لمحاربة هذه الظاهرة وتجريم كل مظاهرها، والمجتمع بكل مكوناته مدعو إلى رفضها وفضحها الانخراط في جهود مكافحتها”.

وتابع: “إننا نملك اليوم كمغاربة من الرصيد المؤسساتي، ومن الطاقات الوطنية، ومن الإرادة السياسية المعبر عنها في أعلى مستوى ما يؤهلنا لأن نكون نموذجا إقليميا في ربط النزاهة بالتنمية، والشفافية بالثقة، والإصلاح بالمواطنة. لكننا لن نستطيع ذلك، كما قلت البارحة، إلا إذا امتلكنا الشجاعة على الاعتراف بالثغرات والنواقص، وامتلكنا الإرادة في تجاوزها، والمسؤولية في تحويل النتائج المحققة إلى التزام سياسي وتنفيذي حقيقي”.

وأضاف أن الهيئة مستعدة لمواصلة أداء مهامها الدستورية في الرصد والتقييم والتوجيه والتنسيق، بكل استقلالية ومسؤولية، وبروح من التعاون البناء مع كل القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية وهيئات المجتمع المدني، من أجل الانتقال من منطق مقاومة الفساد إلى منطق بناء النزاهة كمنظومة متكاملة تصان داخلها القيم، وتفعل فيها الرقابة، وتكرس فيها الثقة بوصفها رأسمالا وطنيا مشتركا كفيلا ببناء دولة قوية بمؤسساتها، شفافة في قراراتها، قريبة من المواطنين.


حامي الدين: جيلZ أعاد إنتاج نفس مطالب البيجيدي والحكومة توفر الغطاء السياسي للفساد -فيديو

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى