الشعباني: لهذه الأسباب ينشر أمثال بيوتي غسيلهم “المتسخ” على الفايسبوك
تكاد تتحول مواقع التواصل الاجتماعي لحبل غسيل، ينشر فيه من دب وهب ثيابه الوسخة، هكذا وصف علي الشعباني، باحث في علم الاجتماع، التغير الذي طرأ على الشبكة العنكبوتية، لتصبح اليوم مسرحا لتجريد الإنسان من خصوصيته وكرامته على نحو أخص، إذ بات البعض يستغلها لتعرية نفسه أمام الملأ، أي نشر حميميته وكل ما يرتبط به، سواء مشاكله الشخصية أو العائلية، أو غيره من الأمور التي لا يجب نشرها أمام العلن، لتصبح بعدها حديث الناس وشغلهم الشاغل.
ويوضح الشعباني لموقع “سيت أنفو” أن هذا الأمر راجع بالأساس لانهيار منظومة القيم بالمجتمع، واصطدامه بعدة تغيرات ثقافية، بما فيها شيوع هذه المواقع وإتاحتها أمام العامة دون مراعاة للمستوى الثقافي أو السن أو غيره من الأمور، حيث لم تعد هناك أية مقاييس تحدد ما يجب نشره من عدمه، وهو ما أحدث رجة بالمجتمع، بشكل لم نعد نفرق فيه بين المباح وغير المباح، بين المسائل العادية الممكن نشرها وبين الأسرار الشخصية والحميمية.
واعتبر الشعباني أننا بهذا الشكل نكون أمام ظاهرة ترخي بظلالها شيئا فشيئا على المجتمع، وهو ما أثار تخوف السوسيولوجيين من تحول الأمر إلى فوضى في عالم القيم من جهة، وفي العلاقات الاجتماعية من جهة أخرى، لأننا نتحدث في هذا الشق عن انفلات اجتماعي وقيمي، قد يدمر تلك اللحمة المجتمعية المبنية على الاحترام وحماية خصوصية الآخر، هذا الآخر الذي بات يدمر خصوصيته بنفسه، ويجعل نفسه عرضة للانتقاد والسخرية.
وفي هذا الجانب، يقول الخبير في علم الاجتماع إن الإنسان الذي يجد سعادته في خرق حرمته لا ينتظر احترام الآخرين، لأنه نفسه لم يعد يعطي الاعتبار لذاته وكرامته، إنما يبحث عن خلق الشهرة دون جهد مبذول من طرفه، ومن تم الكسب سريعا على أطلال ما أحدثه من “بوز”، ولو على حساب نفسه.
وعن تشجيع البعض لهذا النوع من المحتوى، فيفسر الشعباني أن وحده المتلقي ذو المستوى الثقافي الضئيل هو من يمكن أن يتفاعل إيجابيا مع هذه الظاهرة، بينما المثقف لا يمكن أبدا أن يتبع هذا السراب، إلا في حالة تتبعه لهذه الظاهرة لدراسة حيثياتها وأسبابها ومدى تأثيرها على العلاقة الفردانية والاجتماعية.
ويضيف الشعباني أن الحياة في إطارها الاجتماعي تفرض التزامات وترتيبات معينة، وغيره من اللبنات الاجتماعية التي وضعها الفلاسفة والمفكرون منذ قرون خلت، ويتساءل في هذا الجانب عن كيفية إعادة بناء العلاقات داخل المجتمع في وقت “نعيش مع بعض ونمشي أمام الناس عراة”، ويقصد بهذا الأمر اختراق الخصوصية والحميمية لبعضنا البعض، وهو ما يجعلنا نسير نحو نفق مظلم بعيد كل البعد عن تقدير الآخرين.
وتربعت فيديوهات من هذا الصنف قائمة “طوندونس” اليوتيوب المغربي بأزيد من مليون مشاهد ومتتبع لهذا النوع من المحتوى، ما أثار استياء واستهزاء البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، ما جعل بعضهم ينشر تدوينات ساخرة، مثالها “الحلقة القادمة زوج أسماء بيوتي خدروني ودارو ليا شي حاجة في العصير”، ساخطا على إحدى المدونات التي خلقت ضجة بمشاكلها الخاصة مع زوجها وحماتها على قناتها.
وتنضاف إلى هذه اللائحة تدوينات بعض المشاهير كذلك، اللذين اتخدوا من مواقع التواصل الاجتماعي حلبة لشن الحرب فيما بينهم أو لعرض مشاكلهم الشخصية، وهو ما اعتبره رواد هذه المواقع الاجتماعية تفاهة لا علاقة لها بأي قريب من عالم الثقافة والفن، غير أن هذا النوع من المحتوى هو ما يحقق عادة نسبة مشاهدة عالية، ما يعكس مساهمة الجمهور في انتشار هذه الظاهرة الغريبة على مجتمع محافظ، له عاداته وتقاليده وقيمه التي ترعى الحميمية وتتكتم عن بعض الأمور الشخصية، يقول نفس المتحدث.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية