الانعكاسات الاقتصادية والمالية لقرار خروج المغرب من اللائحة الرمادية
يتطرق نبيل بدر، نائب مديرة الرقابة البنكية ببنك المغرب، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى الانعكاسات الاقتصادية والمالية لقرار مجموعة العمل المالي (GAFI)، بإجماع أعضائها، خروج المملكة من مسلسل المتابعة المعززة، أو ما يعرف بـ “اللائحة الرمادية”. كما يتوقف عند التدابير المعتمدة لإنجاح هذا الخروج، وكذا الإجراءات اللازم اتخاذها من أجل الحفاظ على هذه المكتسبات وتعزيز النظام الوطني لمكافحة غسل الأموال بما يتماشى مع تطور المعايير الدولية.
1 – يعتبر خروج المغرب من “اللائحة الرمادية” لمجموعة العمل المالي قرارا طال انتظاره. على ما ينطوي هذا القرار من الناحية الاقتصادية والمالية؟ وما الآفاق المتوقعة بهذا الخصوص؟
يؤكد هذا القرار وفاء المغرب بكل التزاماته تجاه مجموعة العمل المالي، وأنه قام بتنفيذ خطة العمل بهدف الامتثال للمعايير الدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تعتمدها هذه المنظمة.
وستكون لقرار خروج المغرب من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي انعكاسات إيجابية على الاقتصاد والنظام المالي المغربي، ولا سيما من خلال:
– تعزيز سمعة المملكة المغربية؛
– تحقيق جاذبية أكبر للمستثمرين الأجانب؛
– أهلية أكبر لعمليات التمويل من طرف المانحين الأجانب؛
– توطيد علاقات المراسلة البنكية بين البنوك المغربية والبنوك الأجنبية.
– تخفيف الإجراءات وآجال معالجة المعاملات المالية والتجارية مع الخارج.
2 – تسلط الخلاصات الواردة في تقرير خبراء المجموعة الضوء على نجاح المغرب في تحسين الإشراف على أساس المخاطر، فضلا عن المراقبة الفعالة لمدى امتثال المؤسسات المالية والمقاولات والمهن غير المالية المحددة للالتزامات المتعلقة بالعقوبات المالية المستهدفة. كيف نجح المغرب في تحقيق ذلك؟
يمثل تنفيذ خطة عمل المغرب من أجل الامتثال لمعايير مجموعة العمل المالي ثمرة جهود التعبئة والتنسيق على الصعيد الوطني في إطار اللجنة الوزارية التي يترأسها رئيس الحكومة. وفي هذا الصدد، تم اعتماد خطط عمل قطاعية بشكل يسمح لمختلف الجهات المعنية والقطاعات الوزارية والسلطات بتنفيذ الإجراءات التي تقع ضمن مجال اختصاصها.
وفي هذا الإطار، شكلت إحدى الأوراش ذات الأولوية، إحداث لجنة وطنية مكلفة بتطبيق العقوبات المالية المستهدفة المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة بالإرهاب، وانتشار الأسلحة وتمويلهما. وتتألف هذه اللجنة من ممثلي مختلف السلطات والإدارات المعنية. وهم مشروع آخر مهم إشراف سلطات المراقبة على مخاطر قطاع المؤسسات المالية والمقاولات والمهن غير المالية. وتم تنفيذ هذا المشروع بدعم وثيق من الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، واللجنة الوطنية المكلفة بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلى جانب السلطات المسؤولة عن مراقبة القطاع المالي.
ومن جهتها، اعتمدت سلطات مراقبة القطاع المالي، منذ عدة سنوات، مقاربة مستندة إلى قياس المخاطر الناشئة، وقد تم تعزيز عملية المراقبة هذه لتشمل احترام المؤسسات المالية للالتزامات المتعلقة بتطبيق العقوبات المالية المستهدفة.
3 – شمل تقرير الخبراء أيضا تحسن وتنوع البلاغات حول المعاملات المشبوهة، وهي مهمة ليست هينة التنفيذ، ولا سيما في ما يتعلق بطبيعة سلوك الوكلاء المغاربة الذين اعتادوا في كثير من الأحيان على التعامل بالنقد دون الخضوع للمساءلة حول مصدر هذه الأموال. كيف تمكنت سلطات الإشراف والمراقبة (بنك المغرب، وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، والهيئة المغربية لسوق الرساميل) من تخطي هذا التحدي؟ وما التدابير المعتمدة من أجل ذلك؟
يعد تحسن وتنوع تقارير البلاغات حول المعاملات المشبوهة نتيجة إجراءات التكوين وحملات التوعية المنظمة لفائدة الجهات المعنية ضمن القطاع المالي، فضلا عن تبادل الخبرات بين الفاعلين في المنظومة.
ويعكس هذا التقدم أيضا مدى تطور أدوات مراقبة المعاملات ورصد المخاطر ورفع جودة مراقبة تطور تقنيات غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
4 – يجدد المغرب التزامه بمواصلة تعزيز الآلية الوطنية لمكافحة غسل الأموال بما يتماشى مع تطور المعايير الدولية. ما هي النقاط التي تستدعي المزيد من التحسين؟
تشكل مكافحة الجرائم المالية أولوية وطنية وضمانة لسلامة النظام المالي، ويتطلب الإبقاء على هذه المكاسب:
– الامتثال الدائم للمعايير الدولية التي تتغير باستمرار في سياق يتسم بتطور الأساليب والوسائل التي يستخدمها المجرمون؛
– الإبقاء على جهود التعبئة والتنسيق على الصعيد الوطني بين القطاعين العام والخاص من أجل مواكبة هذه التطورات.