قبل حكومة العثماني وكورونا .. هذه أعمدة وسياق أول قانون مالية تعديلي في تاريخ البلاد

ليست حكومة سعد الدين العثماني أول حكومة تضطر لتعديل قانونها المالي، وقد سبقتها حكومة عز الدين العراقي في بداية التسعينيات من القرن الماضي التي أُجبرت على نفس الأمر.

وإذا كانت السياقات متخلفة، الحكومة الحالية بسبب الجائحة، والثانية بسبب سياق سياسي واجتماعي كان محتقنا.

في بداية العقد التاسع من القرن الماضي، والبلاد تعيش على تواتر الأحداث الاجتماعية الفائرة، ومنها خصوصا الإضراب العام الذي دعت إليه المركزيات النقابية في الرابع عشر من دجنبر 1990، وقبله ملتمس الرقابة الذي تقدمت به أحزاب المعارضة، الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، وبعدهما الحوار الاجتماعي الذي جرى مع المركزيات النقابية، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، واعتبرته المركزيتين، فاشلا.

لم تكن أجواء بدايات التسعينيات هي نفسها أجواء اليوم، وإذا كانت حكومة سعد الدين العثماني ستضطر لتعديل قانون مالية هذه السنة بسبب تداعيات جائحة كوفيد 19، بما يلزم من إعادة ترتيب الأولويات الاجتماعية وسبل الإقلاع الاقتصادي الضروري، فإن حكومة عز الدين العراقي اضطرت إلى تعديل قانونها المالية بعد تواتر الأحداث الساخنة إياها.

مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس، والأحداث التي عرفتها البلاد مع مطلع التسعينيات مختلفة تماما عن اليوم، حيث خلف الإضراب العام للرابع عشر من دجنبر 1994 ضحايا، وقد اضطر المغرب إلى انتظار 2004 لإحصائهم والكشف عن مصيرهم عبر هيئة الإنصاف والمصالحة التي قادها الراحل إدريس بنزكري.

لقد كانت تضغط معارضةُ الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال تضغطان في اتجاه إعادة قراءة الوثيقة الدستوية التي تعود لسنة 1972، وما يترتب عنها من انفراج في الحياة السياسية والحريات وباقي الحقوق … ولذلك حينما ضغط الحزبين على زر المركزيتين النقابيتين لإعلان الإضراب العام الذي انتهى إلى مأساة سوداء، فُهمت الرسالة عند الدولة، وجاء القانون المالي التعديلي يحمل رياحا مختلفة.

لقد رد مشروع قانون المالية التعديلي على الانتظارات التي تواترت في الساحة السياسة والاجتماعية، وأعاد النظر في العديد من قيم ونسب الضرائب التي كانت مفروضة في السنة المالية السالفة، ومنها تقادم عشرات الضرائب والاقتطاعات قبل ميعادها، من مثل الضريبة على الأرباح المهنية والاقتطاع من المرتبات العامة والخاصة والتعويضات والأجور والمعاشات والإيرادات والضريبة على المنتجات وعلى الخدمات والضريبة الحضرية وواجب التضامن الوطني والضريبة على القية المضافة والضريبة على الشركات والضريبة على الأرباح العقارية …

انتهت سنة 1991 وتراجعت التوترات إلى الخلف، وبدأ الترتيب لمناخ سياسي مختلف، وكانت أهم ملامحه إقرار دستور 1992، والشروع في أول محاولة تناوب فشلت بدعوى الإصرار على استمرار إدريس البصري وزيرا للداخلية، وكان على الجميع الانتظار ست سنوات أخرى، لتنزيل التناوب التوافقي في الحكومة التي قادها الراحل عبد الرحمان اليوسفي.


عاصفة “دانا” تجتاح إسبانيا وتؤثر على المغرب ومديرية الأرصاد توضح

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى