مشروع لتجنيد الفتيات إجباريا.. كيف تفاعل معه الجزائريون؟
أثار مشروع قرار بإجبار النساء على أداء الخدمة العسكرية جدلا كبيرا بالجزائر، عقب طرح إمكانية تجنيدهن في حالة المصادقة عليه من قبل مجلس نواب الشعب بقبة البرلمان.
وقبل أيام، أكد المقدم طارق دبياش من مديرية الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع بمقر البرلمان أن مشروع القانون واضح وأن الخدمة الوطنية إجبارية على كل المواطنين الجزائريين الذين بلغوا سن 19 سنة، من دون تمييز في القانون بين الجنسين.
وطالب المسؤول نواب البرلمان “باقتراح هذا المشروع إن أرادوا، وإن كان الجيش الوطني الشعبي يحدد في الوقت الحالي حاجته من خلال الذكور الذين يؤدون الخدمة”.
وتحول الموضوع إلى حديث الساعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وأثار موجة من الاستغراب لدى عامة الجزائريين، علما بأن عدد الفتيات المعنيات بالخدمة العسكرية يناهز تسعة ملايين فتاة من أصل 20.1 مليون العدد الإجمالي للنساء بالجزائر.
ورفض السواد الأعظم من الجزائريين تجنيد الفتيات نظرا لخصوصية المجتمع الجزائري المحافظ الذي لا يسمح بالزج بالبنات في الثكنات العسكرية جنبا إلى جنب مع الذكور.
ودونت إحدى الناشطات عبر فيسبوك تدوينة قالت فيها “لا للخدمة العسكرية للنساء.. فهم الكوزينة يكفيهم” (يعني مشاغل المطبخ تكفيهن)، وهي عبارة لها أكثر من دلالة على عدم قبول فكرة التجنيد وأن المرأة لها مسؤوليات عائلية تكفيها.
وعبرت الناشطة مريم زياني عبر فيسبوك بطريقة تهكمية على فكرة التحاق الفتيات بالخدمة الوطنية حيث كتبت بعض التسميات المضحكة منها “سلاحي سر سعادتي” و”مولات الكومبا” (يعني صاحبة البذلة العسكرية) و”العسكورة الأنيقة” (يعني العسكرية المغوارة).
أما الشاب عبد العزيز فقد رفض الفكرة من الأساس وكتب بصفحته “بالنسبة لخبر الخدمة الوطنية للنساء فلا صحة له.. هذه مجرد مؤامرة لإشعال نار الفتنة والحرب في البلاد”، مضيفا “لكن أريد أن أوجه رسالة لكل من أيد الفكرة نحن أمة محمد لا نرضى هذا الوضع، نملك أسودا على هيئة رجال لحماية وطننا الغالي”.
رفض شعبي
“الجزيرة نت” استطلعت آراء بعض النسوة بالجزائر عن إمكانية تمرير قانون تجنيد الفتيات للخدمة الوطنية، وقد صبت مجمل تدخلاتهن في خانة الرفض وعدم تقبل الفكرة إطلاقا لعدة عوامل.
تقول أم آدم إن المجتمع الجزائري تعوّد فكرة التحاق الذكور بصفوف الجيش تلبية لنداء قانون الخدمة الوطنية الإجباري عند بلوغهم سن الثامنة عشرة، ولكن غير المألوف هو إجبار الإناث بعمر الزهور على أداء الخدمة العسكرية جنبا إلى جنب مع الشباب.
وتضيف “أرفض تماما مثل هذه الفكرة، ولا أرى حاجة لدى الدولة إلى إقحام بناتنا في الخدمة الوطنية ويكفي تجنيد الشباب” وأضافت “لا أسمح بتاتا لابنتي بالذهاب للثكنة، فمستقبلها في بيتها حتى ولو تمت المصادقة على هذا القانون الذي أعتبره قانونا لا يخدم المجتمع الجزائري على الإطلاق “.
من جهتها عبرت الفتاة أمينة حري عن عدم تقبلها للفكرة لأن “الفتيات لا يملكن رغبة كبيرة في ذلك، وهن بساطة غير مؤهلات نفسيا وجسديا لاتخاذ خطوة كهذه”.
وتساءلت “كيف أقبل بالالتحاق بالخدمة الوطنية والذكور يتهربون منها ويعدونها مضيعة للوقت والعمر”؟ وأكدت أيضا أن العائلات الجزائرية لا تتقبل هذه الأفكار.
رحبن بالفكرة
وجمعت “الجزيرة نت” آراء بعض المناضلات والفاعلات في مجال حقوق المرأة، خاصة ممن ينادين في كل مرة بوجوب المساواة بين الجنسين.
وصبت مواقفهن في تأييد فكرة الخدمة الوطنية للفتيات من منطلق حرص المرأة الجزائرية على الدفاع عن وطنها وإثبات الذات والمساواة مع الرجل.
وعبرت رئيسة الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات نورية حفصي عن مساندتها لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، خصوصا إذا اقتضى الأمر الدفاع عن الوطن. وقالت “إذا كان الوطن في حاجة إلى خدمة المرأة فليكن ذلك”.
وأضافت حفصي “نحن النساء في الاتحاد نطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة ونتناول كل هذه القضايا”، في خطوة منها للتأكيد على استعدادها التام للموافقة على المشروع.
من جهتها عبّرت وزيرة التعليم نورية بن غبريط عن موقفها في هذا الموضوع وكشفت عن تأييدها للخدمة الوطنية للإناث.
وقالت في تصريح لوسائل الإعلام “أنا مع الخدمة الوطنية للمرأة، ولو أننا قد نعطيها محتوى قد يختلف قليلا عن الخدمة العسكرية للذكور، فإذا كنا ننادي بالمساواة بين المرأة والرجل فلا بد أن نذهب إليها”.
وأضافت بن غبريط أن الخدمة الوطنية مدرسة لا بد أن تدخلها المرأة، ومن الجيد أن تشمل هذه المدرسة كل الأطراف كي لا يكون هناك عدم مساواة بين المرأة والرجل.
استهجنت الزوبعة
ولم يكن للمحامية ورئيسة مركز الإعلام والتوثيق لحقوق الطفل والمرأة نادية آيت زاي رأي مخالف للحقوقيات حيث استغربت عبر تصريح لها لوسائل الإعلام الجدل والزوبعة التي سببتها قضية أداء المرأة للخدمة العسكرية بالجزائر.
وقالت آيت زاي “المرأة الجزائرية سبق لها أن أدت الخدمة العسكرية في عهد الراحل هواري بومدين في السبعينيات قبل أن تلغى، وهو ما تأسفت له كثيرا”.
وأضافت أنها تؤيد فكرة أداء المرأة للخدمة العسكرية، لأن المساواة بين الرجل والمرأة لا تخص الحقوق فقط، وإنما هي مساواة شاملة في الحقوق والواجبات، واعتبرت أن أهم الواجبات التي تقع على عاتقها هو حماية وطنها ووحدة ترابه، ولا بد، وفق تصريحات الحقوقية، أن تكون المرأة الجزائرية على أتم الاستعداد للدفاع عن وطنها.
وثمنت آيت زاي نضالات المرأة بالجزائر التي سجلت حضورها في جميع الميادين بصفوف الجيش الوطني الشعبي والدرك الوطني والشرطة والحماية المدنية، متسائلة في الوقت نفسه عن المانع في أداء الخدمة العسكرية.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية