مرصد مغربي: واقع السجون مؤلم والاكتظاظ أرهق العائلات والقضاء والميزانيات

دخل المرصد المغربي للسجون، على خط إشكالية الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية، التي أثارتها أخيرا المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج.

وشدّد المرصد في بلاغ له، اطلع عليه “سيت أنفو”، على أن واقع السجون مؤلم و تحدي مجتمعي فوق كل المزايدات، مبرزا أن السجن مرفق عمومي، والنزلاء هم مواطنات ومواطنون، وأطر المؤسسات هم موظفون عموميون، وكل خصاص بشري أو إنساني أو معنوي أو مادي قد يواجهها، إلا وكانت له نتئج وخيمة، يتحملها ويسأل عنها كل المتدخلين من أطراف السلطات العمومية ومن بينها السلطات القضائية والتشريعية و التنفيذية، فليس لأي منهم مفر ولا مخرج  دون مساءلة.

وونبه مرصد السجون، إلى أن الاكتظاظ ولد مع الاعتقال الاحتياطي فأرهق السجون، والعائلات، والقضاء، والمجتمع والميزانيات…، فأصبح ظاهرة تميز واقع السجون،  أثارت نقاشا قويا بالبرلمان، و بالمؤسسات الوطنية الحقوقية، و بالمندوبية العامة للسجون، وبالهيئات الحقوقية، ولدى المؤسسات الدولية ولدى المرصد المغربي للسجون بالأولوية، لأنها الظاهرة التي ترمز لضعف الحكامة القضائية ولأزمة التعاطي مع الحرية.

ويتميز السياق القانوني والحقوقي الراهن ببلادنا، بالكثير من الاهتمام بالسياسة الجنائية عامة و بقضايا السجون خاصة مجسدا  في النقاش الراهن حول المشروعين المقدمين من طرف وزارة العدل المتعلقين بالعقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية وقانون السجون رقم 10-6، بما لهما من وقع مؤثر في مسارات العدالة و الممارسة القضائية، والتي تعد من صميم انشغالات المرصد المغربي للسجون منذ تأسيسه خاصة تداعيات الاكتظاظ الذي تغذيه الاعداد المهولة من المعتقلين الاحتياطيين، بحسب تعبير بلاغ المرصد المغربي للسجون.

وأشار المرصد إلى أنه “يتفهم جيدا  البلاغ الأخير للمندوبية العامة للسجون، ويتفهم ردود بعض جمعيات القضاة ومواقفها منه، لكن المطروح اليوم ليس البحث عن أصل معاناة سجوننا، هل هو الجريمة أو المغالاة في الاعتقال الاحتياطي أو ممارسة الدعوى العمومية، أو عدم تفعيل المراقبة القضائية وبدائل العقوبات المتوفرة لحد اليوم…الخ، بل إننا بحاجة لحلول سياسية وحلول قضائية وتنزيل حقيقي للمقتضيات الدستورية، وأخيرا في حاجة لحوار وطني وازن وصريح حول السجون، والاعتقال الاحتياطي والعدالة الجنائية..”.

وانطلاقا من رسالته الرامية إلى حماية ودعم حقوق السجناء والسجينات، دعا المرصد المغربي للسجون، إلى إعطاء كامل العناية والأولوية لحالة السجون بعد أن امتلأت بمائة ألف نزيل ونزيلة، فالحالة خطيرة و مخيفة بلغة المسؤولية والوعي بحماية الوطن والمواطنين.

وأمام هذا التطور المقلق دعا المرصد، إلى تأسيس ” لجنة وطنية للرصد والإنقاذ ” من أطراف متعددة سياسية وقضائية وتشريعية وحقوقية وطبية، للقيام بزيارات للسجون، ومعاينة ميدانية لواقع الإيواء بالمؤسسات السجنية بدءا بالسجن المحلي عكاشة بالدار البيضاء، مشدّدى على ضرورة اتخاذ إجراءات مستعجلة للحد من إجراءات الإعتقال الإحتياطي، ومن أجل  الإفراج عن السجناء والسجينات الذين ستنتهي مدة الأحكام الصادرة في حقهم في الأشهر الثلاثة القادمة، أو الذين تتعثر قضاياهم لدى مكاتب التحقيق…

ودعا المرصد أيضا، إلى إعطاء صلاحيات جديدة لآليات الرقابة القضائية والادارية لكي تقوم بأدوارها سواء تعلق الأمر بتغطية شاملة للمؤسسات السجنية وعلى الخصوص المتأثرة بالارتفاع المهول للساكنة، أو بتقديم مقترحات تهم حالة الاكتظاظ، وكذا تفعيل حقيقي للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، باعتبار أن  الاكتظاظ هو أيضا تعذيب حسب القرارات الأممية.

وطالب المرصد، بالإسراع بعرض القانون والمسطرة الجنائية على البرلمان والقانون التنظيمي للدفع بعدم دستورية القوانين، وقانون العقوبات البديلة، والتي يعتبرها المرصد أدوات للرفع من النجاعة القضائية وضمان حقوق الإنسان والمحاكمة العادلة.

وأكد أيضا على ضرورة اتخاذ إجراءات لإطلاق سراح جميع معتقلي الراي و الحركات الاجتماعية، وتفعيل آلية المسؤولية والمحاسبة، حفاظا على مصداقية القرارات والأوامر القضائية، وتفاديا للأخطاء القضائية، واحتراما لقرينة البراءة، المقررة دستوريا وفي القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وكانت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، دعت يوم الإثنين الماضي، السلطات القضائية والإدارية إلى الإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية.

وقالت المندوبية، في بلاغ لها، “وإذ تعبر المندوبية العامة عن قلقها البالغ لتسجيل هذا التزايد المهول، فإنها تطلب من السلطات القضائية والإدارية الإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية لتفادي ما قد يترتب عن هذا الوضع الإشكالي المقلق من اختلالات أو حتى انفلاتات أمنية، علاوة عن المشاكل التي من المفروض أن تنتج عنه في ما يتعلق بظروف الإيواء والتغذية والتطبيب والاستفادة من برامج التأهيل لإعادة الإدماج”.

وأكد المصدر ذاته، أن “عدد السجناء بالمؤسسات السجنية قد بلغ، بتاريخ 7 غشت 2023، ما مجموعه 100 ألف وأربعة سجناء، وهو رقم قياسي، علما أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية حاليا لا تتجاوز 64 ألف و600 سرير، وذلك رغم المجهودات المتواصلة التي بذلتها المندوبية العامة لتحديث وتوسيع حظيرة السجون بالمغرب”.

ولتقريب الصورة أكثر إلى الرأي العام بخصوص الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية، تضيف المندوبية، “فقد بلغ، على سبيل المثال، عدد السجناء بالسجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء ما مجموعه 10 آلاف و877 سجينا، علما أن الطاقة الاستيعابية لهذا السجن لا تتعدى 3 آلاف و800 سرير”.

وخلص البلاغ إلى أنه “من المرتقب أن يستمر تزايد الساكنة السجنية مستقبلا إذا ما استمر الاعتقال بالوتيرة الحالية، ولم تتخذ الإجراءات الضرورية والاستعجالية لتدارك الوضع”.



whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
محامي يكشف العقوبات التي تنتظر “مومو” والمتورطين في فبركة عملية سرقة على المباشر







انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى