صادحاً زئيرها في قطر.. أسُود تقودها أحلامها لمجد تاريخي
لعله صدقَ من لقبه بمونديال الحالمين، الذين يؤمنون بالإمكان، الطامحون الجريئون، الناسجون لأحلام يمضون خلفها، يلاحقونها لبلوغها وإنزالها إلى واقع يبرزهم، كأس العالم قطر 2022 محتضن أحلام المنتخب المغربي، الكاتب لتاريخ جديد في مساره المونديالي، تاريخ ابتغاه حديثا، ويأمل أن يكون استثنائيا عما سبق، تاريخ يكافئ به المغاربة عامة، وجيلٌ سئم خيبات السنوات اليباب، سنوات الإخفاق الممتد، والاكتفاء بحكايات السلف لقمع الإحباط.
هو حلمٌ يقود المنتخب في هذه النسخة من المونديال، حلمٌ لم يكن باديا في وقت سبق، واعتبر مستحيلا، لم يُصدَّق لاعتبارات عدة، بين التحاق قريب لمدرب شاب جاء ليستلم المنتخب المغربي من أجل لم الشمل، على أن يكون ظهوره الرسمي الأول في كأس العالم بعد ثلاث وديات فقط، وبين لاعبون غابوا لأشهر وسنوات عن المنتخب المغربي، وعادوا مع قدوم وليد الركراكي، الذي اعتبر بالنسبة لهم بداية جديدة، يغلقون من خلاله الباب على نزاعات ضنّكت أوضاع المنتخب المغربي.
البداية كانت عقب تعيين الركراكي ناخبا وطنيا، خلفاً لوحيد خليلوزيتش، بعودة كل من حكيم زياش، وقبله نصير مزراوي، ثم عبد الرزاق حمد الله، في نهاية لإحدى أشهر الخلافات بعد اعتذار اللاعب وإبداء استعداده لحمل القميص الوطني مجددا.
دخل المنتخب المغربي مرحلة الاستعداد لكأس العالم، والتحق جميع اللاعبين بمعسكر الأسود في الدوحة، ليخوضوا ودية جورجيا، التي خلصت لصالح الأسود بثلاثة أهداف دون رد، ودية أعطت بوادر حسنة عن منتخب ملتحم له ما يقدم من إمكانيات، رغم ضعف المنتخب الخصم.
استمر “الأسود” في تحضيرهم إلى أن بلغ موعد المباراة الأولى أمام كرواتيا، دخل المنتخب المغربي بثقة وخاض المباراة بكامل العناصر، وكاد أن يسجل على وصيف بطل النسخة الماضية، بيد أن قوة الخصم جرّت المباراة لصراع تكتيكي بدني، انتهى دون أهداف، في تعادل اعتبر إيجابيا بالنظر لقوة الخصم وحيتيات المباراة، كونها الأولى للأسود في مونديال قطر، ودائما ما يكون الهدف منها اجتناب الخسارة من أجل دخول المنافسة بحظوظ وافرة.
دخل المنتخب المغربي المباراة الثانية أمام المصنف الثاني عالميا حسب تصنيف الفيفا والثالث في كأس العالم روسيا 2018، خاض الأسود المباراة بعزيمة إثبات قدراتهم وإمكانية تحقيق ما اعتقد سابقا مستحيلا، واجهوا بلجيكا بعدم الجماهير المغربية التي احتلت الدوحة وغطت مدرجات ملعب “الثمامة”، في حضور أظهر المباراة وكأنها تلعب في المملكة، في دعم استثنائي طوال المواجهة.
نجح المنتخب المغربي في التغلب على بلجيكا بهدفين دون رد، وتأكيد قدرته على تكرار إنجاز نسخة 1986 الذي اعتبر أسطوريا في وقت قريب، ليصل المنتخب الوطني للنقطة الرابعة، متقاسما الصدارة مع كرواتيا مع فارق أهداف لصالح الأخيرة.
بهدف حسم التأهل، جرت المباراة الثالثة بين المنتخب المغربي ونظيره الكندي، وفي حضور تاريخي آخر للجماهير التي بات تواجدها وتشجيعها الاستثنائي حدث يسلب الاهتمام وينال الإعجاب.
ورغم احتياجه لتعادل فقط يؤهله، أبى المنتخب المغربية الانصياع لجلّ التوقعات، وتمكن من الانتصار على كندا، بهدفين مقابل واحد، مقدما عرضا قويا يلُّم القتالية والانضباط التكتيكي، ليصل إلى نقطته السابعة، ويعتلي صدارة ترتيب مجموعته مقابل تعادل كرواتيا مع بلجيكا وإقصاء الأخير في المركز الثالث، في إحدى مفاجآت المونديال العربي.
عبَر المغرب كمتصدر بـ7 نقاط في سابقة لمنتخب عربي وإفريقي، كما استقبل هدفا واحدا في المجموعات، كدفاع هو الأقوى بين جميع المنتخبات العربية والإفريقية التي شاركت في كأس العالم، ضاربا موعدا مع المنتخب الإسباني في الدور الـ16 من كأس العالم قطر 2022.
مباراة صعبة أمام منتخب قوي مرشح للمنافسة على لقب كأس العالم، ولكنها ليست مستحيلة على منتخب وجد فرصة إثبات ذاته وكتابة تاريخ حديث يعزز ما يعود على القرن الماضي، جيل يؤمن بالقدرة، ويتمسك بأحلام يبصرها في مونديال يتحقق فيه كل مستحيل اقترن بكدٍّ واجتهاد.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية