بنيس لـ”سيت أنفو”: نائب عمل سائق طاكسي بعد انتهاء ولايته سبب بداية معاشات البرلمانيين

قال عبد الحي بنيس، رئيس المركز المغربي لحفظ ذاكرة البرلمان، حول بداية قصة معاشات البرلمانيين، “خلال الولاية التشريعية الرابعة التي كان يترأسها أحمد عصمان، أخبر أحد أعضاء مكتب المجلس بأنه التقى صدفة أحد النواب السابقين يعمل كسائق طاكسي كبير بمدينة مكناس، وبناء عليه تدارس مكتب المجلس موضوع تقاعد أعضاء مجلس النواب، وكلف الرئيس لجنة من بين أعضاء المكتب من أجل تهيئ مقترح قانون لنفس الغاية، وبعد تحريره تقدم مكتب مجلس النواب بهذا الاقتراح الذي يرمى إلى “تخصيص منحة تقاعدية لأعضاء مجلس النواب”، وتمت مناقشته في دورة أبريل بالجلسة 173 بتاريخ 25 يونيو 1987، ولم يتم تفعيله آنذاك”.

وأضاف بنيس في تصريحه لـ”سيت أنفو” أن الحسن الثاني لما علم بالخبر عاد خلال افتتاح الدورة الأولى لمجلس النواب يوم الجمعة 13 أكتوبر 1989 ليدعو إلى العمل على “إيجاد نظام للمعاشات للبرلمانيين الذين لا يعاد انتخابهم” حيث قال: “نحن مقبلون على تجديد البرلمان السنة المقبلة، منكم من أغناه الله، ومنكم من كان لا يعيش إلا بما يتقاضاه كبرلماني، فلا أريد هذا للنواب، لأنه حينما أخاطبكم أقول لكم دائما، حضرات النواب الأعزاء، لأنكم أعزاء عندي، فلا بد من أن نجد نظاما للمعاشات للبرلمانيين الذين لا يعاد انتخابهم، وهناك أمثلة كثيرة في أوروبا، فهناك صناديق أسست، وشارك فيها النواب، وهناك نمط يعمل بكذا ونمط يعمل بكذا، فكيفما كان الحال لا يمكن لهذا البلد أن يكون عاقا لأبنائه، ولذلك كلما توفي موظف كبير نزيه معقول تعامل الدولة دائما أسرته المعاملة اللازمة، لأنه ليس هناك أقبح من العقوق، فهذا حقكم، وأريد أن أقول أن الشيء الذي يدفعنا لأن ندرسه بجد هو أنكم لم تطالبوا به قبل اليوم ولا بعد اليوم، هذه فكرة جاءت مني، فلهذا ما لكم إلا أن تقبلوا هذا الاقتراح الذي أقدمه بكل احترام لما تمثلونه للسيادة المغربية”.

وتابع: “في الجلسة رقم 458 ما قبل الجلسة الختامية في 4 غشت 1992 تمت المصادقة على اقتراح قانون يتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب الذي تقدم به مكتب مجلس النواب في 23 يونيه 1992، والذي نص على أن يساهم العضو البرلماني والمؤسسة التشريعية مناصفة بمبلغ 2.900 درهم شهريا، وتقتطع من التعويضات التي تمنح لعضو البرلمان في آخر الشهر، وتساهم الدولة كذلك شهريا بنفس المبلغ، ويتم تحويل مجموع هذه المبالغ إلى الصندوق المغربي للتقاعد التابع لصندوق الإيداع والتدبير”.

معاش معفى من الضريبة

وأورد، “حسب هذا القانون يستفيد البرلماني الذي أكمل الولاية التشريعية من هذا المعاش صافي معفي من الضريبة على الدخل، وغير خاضعة لأي تصريح، ويتقاضى هذا البرلماني هذا المبلغ  مدى الحياة  بغض النظر عن سنه ابتداء من نهاية الولاية، ويمكن لأعضاء الغرفتين  الذين كانوا منخرطين في إحدى صناديق التقاعد قبل انتخابهم  أن يستمروا في أداء واجباتهم  للاستفادة منه كذلك عند بلوغهم سن التقاعد، ويمكن للبرلماني الذي لم يكمل ولايته لسبب من الأسباب أن يستفيد من معاش يحتسب على أساس المدة التي قضاها والتي يجب أن تكون على الأقل سنتين، أما إذا كانت أقل، فيمكنه استرجاع مجموع المساهمات التي اقتطعت له، كما حدد هذا القانون معاش البرلماني في  5.000 درهم عن ولاية تشريعية واحدة، و7.000 درهم للذي أعيد انتخابه مرتين. و9000 درهم إذا انتخب للمرة الثالثة”.

ولفت إلى أن “بتاريخ 2 مايو 2000 تقدم أعضاء مكتب مجلس النواب بمقترح قانون يغير ويتمم القانون رقم 24.92 المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب، ولما جاء دستور 1996 بإحداث مجلس المستشارين، صادق هذا الأخير في الجلسة 86 بتاريخ 18 مايو 1999 على مقترح قانون تقدم به أعضاء مكتب مجلس المستشارين يقضي بتطبيق أحكام القانون المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب على أعضاء مجلس المستشارين، وبتاريخ 14 ديسمبر 2005 تقدم مكتب مجلس النواب بمقترح قانون رقم 35.04 بتغيير قانون رقم 24.92 المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة أعضاء مجلس النواب والذي تم تطبيق أحكامه على أعضاء مجلس المستشارين”.

مساهمة الدولة

وأشار إلى أن “مبالغ مساهمة الدولة في صندوق التقاعد قد تم إدراجه كل سنة في الميزانية المخصصة لمجلس النواب ليستفيدوا منها النواب المنتهية ولايتهم سنة 1993، ونواب 1997، وبعد إحداث الغرفة الثانية أصبح يرصد هذا المبلغ برلمانيي 2002 و2007 و2011، وخلال سنة 2016 تم إفلاس صندوق التقاعد مما ترتب عن ذلك عدم استفادة البرلمانيين الذين انتهت مهمتهم بعد أن جاءت ميزانية 2017 و2018 و2019 مخصصة لهذا السطر ب 0 درهم، لكن الميزانية المرصودة لمجلس النواب سنة 2020 جاءت عكس ما صرح به رئيس الحكومة في سطر 12 مساهمة الدولة في تقاعد أعضاء مجلس النواب مبلغ 13.746.000 درهم”.

وأبرز أن “الدولة ساهمت  من أجل معاشات أعضاء مجلس النواب منذ سنة 1993 إلى سنة 2020 باستثناء سنوات 2017 و2018 و2019 التي لم تساهم بأي درهم، بمبلغ 297.454.000 درهم أي 29 مليار و745 مليون سنتم، أما مجلس المستشارين فقد رصدت له الدولة المساهمة في أعضائه ابتداء من سنة 1998 إلى 2020 دون انقطاع، حيث تم رصد هذه المساهمة من سنة 1998 إلى سنة 2015 مبلغ 140.940.000 درهم أي 9.396.000 سنويا بالنسبة ل 270 مستشار، وابتداء من سنة 2016 إلى 2020 مبلغ 20.880.000 درهم أي 4.176.000 درهم سنويا بالنسبة 120 مستشار، بذلك مجموع المبالغ التي خصصتها الدولة لمساهمة أعضاء مجلس المستشارين في صندوق التقاعد هي: 161.820.000 درهم أي 16 مليار و 182 مليون سنتم، وإذا جمعنا المبالغ التي خصصت لأعضاء مجلس النواب، مع التي خصصت لأعضاء مجلس المستشارين نجد المبلغ كالتالي: 459.274.000 درهم أي 45 مليار و 927 مليون سنتم”.

ديمقراطية الفيترينا

ويرى المتحدث ذاته،  أن “الإشكال الحقيقي لا يرتبط فقط بأحقية أو عدم أحقية البرلمانين في معاش “سمين أو هزيل” أو إنقاد صندوق تقاعد البرلمانيين من حالة إفلاس، بل إن الأمر في نظري، وانطلاقا من تجربة متواضعة قضيتها داخل قبة البرلمان لمدة قاربت 40 سنة، أبعد من ذلك بكثير؛ فهو يرتبط أساسا بالدور الذي يتعين أن تضطلع به المؤسسة التشريعية في عالم يعرف تحولات متسارعة، خاصة بفضل الثورة الرقمية التي حولت العالم إلى قرية صغيرة، ورفع التحديات وهي كثيرة ومتعددة، منها صورة البرلمان والبرلماني لدى المواطنين، ومستوى إنتاج وأداء ممثلي الأمة الذين كانوا يشكلون في وقت من الأوقات ضميرها الحي، وأيضا مدى تجاوبه مع الاحتياجات الحقيقية وانتظارات الرأي العام”.

وتأسف مما “يلاحظ على البرلمانيين أنهم كل ما قاموا ويقومون به، هو أنهم كافحوا من أجل رفع رواتبهم وتعوضاتهم ونجحوا في ذلك، وكافحوا من أجل تقاعدهم ونجحوا في ذلك، ثم كافحوا من أجل تأمينهم رفقة أزواجهم وأولادهم من المرض ونجحوا في ذلك أيضا، وكافحوا من أجل الاستفادة من أذونات البنزين، وكافحوا من أجل السفر رفقة زوجاتهم وأولادهم إلى أغلب دول العالم، والركوب في الطائرات والقطارات والطرامواي، وكذا المبيت في الفنادق مجانا أثناء تواجدهم في العاصمة، والاستفادة من عدة امتيازات مختلفة، فقد حققوا بذلك لأنفسهم ولذويهم الراحة الشاملة والعيش الرغيد، كما حققوا لموظفات وموظفي البرلمان ما لم تحقق في إدارة أخرى مغربية، من قبل أعلى راتب وأعلى تعويض وعدة امتيازات مختلفة، لكن بعد ذلك يبقى السؤال المطروح، خصوصا، ونحن في هذا الظرف العصيب الذي يمر منه العالم بأسره، ومن ضمنها المغرب، بسبب “جائحة كورونا كوفيد 19″، هو هل حققوا ما وعدوا به وانتخبوا من أجله؟، وحتى يتم الجواب عن هذا السؤال، يبقى الشعب يؤدي أجورهم وامتيازاتهم المختلفة بما فيها الحصانة البرلمانية وتقاعدهم وتأمينهم”.

وأعرب بنيس عن أمله أن “يُنتخب البرلمان الذي يتمناه الشعب المغربي، يبقى من حق هذا الشعب الذي يصرف على برلمان لا يخدمه، لاسيما وأن فئات واسعة منه تتحمل ضائقة العيش والعديد من أبنائه يرزحون تحت نيران البطالة والتهميش، أن يتساءل عن مدى ملائمة هذه المبالغ المرصودة إليه، مع الأدوار التي قام ويقوم بها منذ أول تجربة له إلى الآن، والتي يعتبرها “ديمقراطية الفيترينا” التي لم تقدم أي شيء ملموس لهذا الشعب، ويتساءل هل من الضروري الإبقاء على البرلمان بهذه الحالة، أو البحث عن مجال آخرى تصرف فيها ما يصرف عليه، خصوصا وأنه لا ينسى ما قاله الحسن الثاني لما خاطب البرلمانيين في 29 مارس 1965 عقب الأحداث الدامية التي عرفتها الدار البيضاء: “أقول لكم أيها النواب، وأقول لكم أيها المنتخبون، إنكم متشبثون بالحصانة فقط، ومتشبثون بما تتقاضونه كل شهر من الدولة، أطلب منكم أن يكون لكم ضمير مهني كاف لكي تعطوا لتلك الدولة، وذلك الشعب المقابل للشيء الذي تتقاضونه””.


زخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد مرتقبة اليوم السبت بالمغرب

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى