وهبي منزعج من “إشهار” الخطب الملكية في مواجهة النقاش حول “المدونة”
أبدى وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، انزعاجه من لجوء بعض خصومه السياسيين ومنتقديه، إلى توظيف الخطب الملكية في مواجهة النقاش حول تعديل بعض مقتضيات مدونة الأسرة، ومراجعة نصوص قانونية منظمة للحريات الفردية.
جاء ذلك خلال مشاركته، أول أمس الثلاثاء، في لقاء نظمته مؤسسة الفقيه التطواني، تحت عنوان “لا أحل ما حرم الله ولا أحرم ما أحل الله”: بين الدلالة الشرعية والتوظيف الإيديولوجي”، حيث أكد وهبي على أهمية المراعاة والوعي بمقتضيات الواقع ومتغيراته، وما يفرضه من تحديات وإكراهات، لما فيه تحقيق الصالح العام، والمحافظة على السلم المدني والاجتماعي، وَالإِعْلاَءِ من قيم الحرية والعدالة والتقدم.
وأشار وزير العدل إلى أن الخطاب الملكي لعيد العرش سنة 2022، كان واضحا في أن أي عملية إصلاح أو تعديل تشريعي متعلق بالأسرة لا يمكن أن تتعارض مع هوية الدولة وثوابتها الدينية، وهو ما عبر عنه الملك بالقول: “لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية”، مضيفا أن الملك أبرز في ذات الخطاب أهم منطلقات الاجتهاد والتجديد في هذا السياق، وكذا أهم مداخل وآليات الإصلاح.
وقال وهبي إنه تم توظيف هذه المقولة المعبرة عن الالتزام بمبدأ الشرعية؛ توظيفات حرفتها عن روحها ومقاصدها ووظيفتها الأسمى في تأطير الاختلاف، ورفع الخلاف، تحقيقا لوحدة الأمة بمختلف مكوناتها؛ كفالة لحقوق أفردها وضمانا لحرياتهم وكرامتهم.
واعتبر الوزير أن الاحترام الواجب للملك يقتضي من السياسيين، والمفكرين والحقوقيين، الفاعلين المدنيين وغيرهم، ألا يتعاملوا “مع خطبه وتوجيهاته بنوع من الانتقائية السياسية، أو لتصفية حسابات سياسوية أو فكرية صغيرة، فجلالة الملك يخاطب الأمة بصفته أميرا للمؤمنين، وبذلك فخطبه وتوجيهاته تكمل بعضها البعض، وتسعى نحو الأفق والمطلق، وليس إلى الجزئيات؛ كما أن لخطب الملوك دلالات كلية لما يأمرون به، لذلك لا تقحم خطبهم وتوجيهاتهم ضمن تلك المنازعات الضيقة التي يسعى إليها الذين لا تهمهم سوى المكاسب السياسية الصغيرة”.
وأضاف وهبي أن “الإجماع حول الملك يقتضي منا كثيرا من الاحترام والتواضع، والترفع عن التوظيف والاستغلال المقيت لبعض الكلمات لتحقيق انتصارات وهمية، لأن الإجماع الذي حول جلالته يجعل المغاربة يتفهمون مقاصده وأهدافه ولا يمكن أن يزايد عليهم أو يغلطهم أي كان”.
وشدد وزير العدل على أنه وجد نفسه مضطرا للحديث حول هذا الموضوع، إسهاما منه في إشاعة الوعي بالمغزى الحقيقي لمبدأ الشرعية، والنَّأْيَ به عن كل أشكال التوظيف الساعية إلى رَفْعِهِ شِعَارَ حَقٌّ يُرَادُ بِهِ باطل، وَحُجَّةٌ لوقف كل مساعي تحقيق الحرية والعدل والمساواة بين المواطنات والمواطنين، ورفع الظلم والحيف عن كل فئات المجتمع، والمساهمة في بناء دولة عصرية قوية.