“مجلس الشامي” ينقلب على نفسه في قضية “التوظيف بالتعاقد”
لم تمر مدة طويلة على إصدار التقرير السنوي لـ 2018 المصادق عليه في الجمعية العامة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المنعقد بتاريخ 18 يوليو 2019 الذي هاجم فيه بشراسة “التوظيف بالتعاقد” حتى انقلب أحمد رضا الشامي على نفسه بدعوته في تقريره حول النموذج التنموي الجديد الذي صودق عليه في 30 ماي 2019 إلى “منح استقلالية فعلية للأكاديميات والجامعات في مجالي تدبير الميزانية والتوظيف” مما فسر بالإبقاء على الوضعية الحالية.
واقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقريره الأخير حول النموذج التنموي في الإجراء الأول، “التوجه نحو منظومة للتربية والتكوين تكرس تعزيز وتوسيع مسؤولية الفاعلين وتقوية قدراتهم وتحفيزهم عبر “”منح استقلالية فعلية للأكاديميات والجامعات في مجالي تدبير الميزانية والتوظيف، وتخويل مديري المؤسسات التعليمية استقلالية تدبيرية حقيقية، وينبغي أن يتم ذلك في إطار تعاقدي مع تعزيز آليات الافتحاص والمراقبة والمحاسبة”، مما فتح الباب لاستمرارالتوظيف بالتعاقد عبر النقطة الأولى.
وحمل التقرير نفسه انتقاد إلى مدة التكوين وجودته بالنسبة للأساتذة التعاقد، وليس للتعاقد نفسه بقوله: “ويمكن تفسير انخفاض المستوى التعليمي للتلاميذ بعدة أسباب، من بينها على الخصوص، التكوين غير الكافي للمدرسين، فعلى الرغم من الإصلاح الذي شرع في إنجازه منذ سنة 2007، إلا أنه لا يزال غير ناجع بالقدر الكافي ولا يمكن الأستاذ من الكفايات اللازمة لممارسة مهنته. ذلك أن فترة التكوين الأساسي، المحددة رسميا في سنة واحدة، لا تتجاوز على أرض الواقع ستة أو سبعة أشهر”.
وأضاف التقرير “بالنسبة للأساتذة الذين تم توظيفهم بالتعاقد انطلاقا من سنة 2016، فقد تم تخفيض هذه المدة إلى ثلاثة أشهر تقريبا. إن هذا القصور في تكوين أفراد هيئة التدريس ينعكس في المحصلة سلبيا على جودة الرأسمال البشري ويضعف قدرته على رفع مستوى الإنتاجية وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني. من جهة أخرى، لا بد من الإشارة إلى أن تضرر الفئات المحرومة أكثر من غيرها من أوجه الخصاص التي تعتري المدرسة العمومية، يؤدي إلى تكريس وإعادة إنتاج عدم تكافؤ الفرص في صفوف الأطفال والشباب”.
اللهجة الباردة الواردة أعلاه تخالف ما تم تسطيره في التقرير السنوي لنفس المجلس، الذي أكد أن “مسألة توظيف الأساتذة المتعاقدين تشكل بدون تكوين ملائم أحد المشاكل الكبرى التي أضّرت بقطاع التربية الوطنية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، كما أنها تعكس بجلاء أزمة الحكامة التي يعيش على إيقاعها القطاع”.
وأوضح المجلس في التقرير السنوي 2018 بأنه “على المستوى الكمي، يعكس اللجوء إلى هذا النوع من التوظيف عدم قدرة السلطات العمومية على اعتماد تدبير توقعي للموارد البشرية العاملة بالقطاع، يأخذ بعين الاعتبار التوقعات المتعلقة بالأعداد المرتقبة للأساتذة المحالين على التقاعد، وتطور أعداد التلاميذ الممدرسين، ومستلزمات التصدي لاكتظاظ الأقسام الدراسية”.
وشدد أن “أولى نتائج هذا الخصاص، قد أظهرت فور نشوب توتر بين الأساتذة المتعاقدين ووزارة التربية الوطنية بشأن وضعيتهم الإدارية، مما أدى إلى شن إضرابات وإلى حرمان التلاميذ من عدة أيام من الدراسة”.
وأبرز بأنه “يُخشى أن تؤدي هذه المقاربة، على المدى المتوسط والطويل، إلى تأثر المنظومة التربوية سلبا بتَدَنِّي مستوى الأساتذة الذين التحقوا بالأقسام بدون تكوين ملائم في مهنة التدريس، وأن تؤدي بالتالي إلى تراجع مستوى التلاميذ. حيث سيصبح بكل ثلاثة أقسام تقريبا من أصل عشرة مدرس لم يتلق التكوين الضروري من أجل ممارسة مهنة التدريس. صحيح أن الوزارة تُعَوِّل على التكوين المستمر من أجل مواكبة الأساتذة الجُدُد وتمكينهم من المعارف اللازمة، إلا أن هذا التكوين يظل ضعيفا ولا يستهدف الحاجيات بالقدر المطلوب كما أنه يعاني من أوجه قصور على مستوى الحكامة تعيق قدرته على تعويض التكوين الأساسي”.
وأفاد بأنه “لقد كان من الأَوْلى، في سياق إصلاح المنظومة التربوية، جعل مسألة تكوين الأساتذة قضية مركزية، على اعتبار أن التعبئة والانخراط القويين للأساتذة شرطان لا محيد عنهما من أجل حسن تنفيذ هذا الإصلاح. غير أن ما وقع على أرض الواقع، هو أن الأساتذة الجدد لم يُمنحوا الوقت الكافي من أجل التأقلم مع التقنيات البيداغوجية والتقنيات التعليمية الجاري بها العمل، مما قد يؤثر على قدرتهم على الإحاطة بالقدر الكافي برهانات الإصلاح في ظل هذه الظروف”.
واعتبر التقرير بأنه “بات من الواجب العمل على وجه الاستعجال على إعادة النظر في استراتيجية توظيف وتكوين الأساتذة بالمغرب، والقطع مع الطريقة المعتمَدة في هذا المضمار منذ ثلاث سنوات، إذ يتعين على بلادنا النهوض بجودة تكوين الأساتذة، سواء التكوين الأساسي أو المستمر، وفي هذا الصدد، يجب أن تتم إعادة النظر في التكوين الأساسي من حيث مدته ومضمونه، بما يمكن من تعزيز امتلاك الأساتذة المتدربين للكفايات التقنية والبيداغوجية والمهارات السلوكية”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية