عبد النباوي يستعرضُ جهود المغرب لمحاربة الجريمة المعلوماتية
قال الوكيل العام للملك، ورئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، صباح اليوم الإثنين، بأن “المشرع المغربي قد شعر بخطورة الجريمة الإلكترونية منذ بداية الألفية الثانية، فتبنى القانونُ الجنائيُ باباً خاصاً بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات منذ سنة 2003 ، وأن سرعة تطور تكنولوجيا المعلومات أدت إلى شيوع استعمال هذه الوسيلة في ارتكاب جرائم متعددة ومختلفة يمتد أثرها خارج الحدود”.
وأضاف عبد النباوي في اليوم الدراسي حول “إجراءات التعاون الدولي وفقا لأحكام اتفاقية بودابست المتعلقة بالجريمة المعلوماتية” بمراكش، 03 دجنبر 2018، بأن “المشرع المغربي قد استحضر روح الاتفاقية الأوروبية حول الإجرام المعلوماتي إبان وضعه للباب العاشر من الجزء الأول من الكتاب الثالث من مجموعة القانون الجنائي (المواد 3-607 إلى11-607)، فإن المستجدات الحاصلة في مجال استخدام المعلومات في ارتكاب الجرائم العابرة للحدود، جعلت الدولة المغربية تصادق على اتفاقية بودابست حول الجريمة المعلوماتية. هذه المصادقة التي تم إيداع وثائقها لدى أمانة مجلس أوروبا بتاريخ 29 يونيو 2018 ليبدأ العدُّ العكسي لدخولها حيز التنفيذ بعد ثلاثة أشهر من ذلك”.
وأوضح رئيس النيابة العامة أنه “وفقا للدستور المغربي الذي يمنح السمو للاتفاقيات الدولية على التشريعات الوطنية فور المصادقة عليها. فإن هذه الاتفاقية قد أصبحت منذ تاريخ فاتح أكتوبر 2018 جزءً من القانون الوطني، وأن السلطات ملزمة بتطبيقها اعتباراً للمنصوص عليه في تصدير الدستور بشأن سمو الاتفاقيات الدولية على التشريع الوطني، وكذلك عملاً بالمقتضى الوارد في المادة 713 من قانون المسطرة الجنائية فيما يتعلق بالمقتضيات المنظِّمة للتعاون القضائي الدولي”.
وأبرز بأن “الدولة المغربية كغيرها من الدول اختارت الانفتاح وإرساء دعائم مجتمع المعلومات والحق في المعلومة وتوسيع نطاق الاقتصاد الرقمي، معنية بمخاطر الجريمة المعلوماتية، التي تعرف تطورا كمياً ونوعيا، نتيجة ارتفاع عدد المستفيدين من خدمات الانترنيت واتساع نطاق المعاملات عن بعد، وتطور وسائل وأساليب ارتكاب الجرائم المعلوماتية. فإن مستعملي الأنترنت المغاربة أنفسُهُم مَعْنِيُّونَ بأمن أنظمة المعلومات وحماية البيانات، غير أن حوالي 76% من الأفراد لا يقومون بحماية أنفسهم ضد مخاطر الانترنت لعدم علمهم بالأدوات المتوفرة لهذا الغرض، حسب ما أكدته الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بالمغرب”.
وأشار بأن المغرب انخرط في “الدينامية العالمية الرامية إلى توفير الأمن الرقمي وحماية نظم المعالجة الآلية للمعطيات، حيث وضع إستراتيجية المغرب الرقمي، التي ساهمت في توفير سبل تنمية الاقتصاد الرقمي ببلادنا وتسهيل ولوج الأفراد لتكنولوجيا المعلومات. فضلا عن إرساء إطار مؤسساتي وقانوني حديث وفعال لمواجهة مخاطر الجريمة المعلوماتية. كان من تجلياته بناء منظومة قانونية متكاملة توازن بين تحقيقِ هدف المغرب الرقمي وتوسيعِ نطاق المعاملات الإلكترونية، وبين تحقيق الأمن المعلوماتي وزجر كلَ الممارسات التي تهدد سلامة الأنظمة المعلوماتية”.
وشدد بأن “النيابة العامة في إطار تنفيذها للسياسة الجنائية، مطالبة بالحرص على تحقيق الردع العام و الخاص، لتحقيق الأمن المعلوماتي و حماية أمان المعاملات الإلكترونية، والحياة الخاصة للأفراد. وكل ذلك في حرص تام على تحقيق التوازن بين ردع الجريمة المعلوماتية واحترام الحقوق والحريات الأساسية للأفراد وعلى رأسها الحق في المعلومة وحرية التعبير والرأي”.
وأكد بأن “تطور الجريمة وفقا لظروف متغيرة، يستدعي متابعة مستجداتها عبر الحدود الإقليمية والدولية والتعرف على الجرائم المستحدثة وخصائصها، وذلك من خلال اعتماد التقنيات الحديثة في التحقيق الجنائي والارتقاء بقدرات المحققين لا سيما فيما يتعلق باستغلال الدليل الرقمي في إثبات الجريمة. وهو ما يتطلب من الجهات المعنية وضع الوسائل التقنية والبشرية اللازمة لذلك”.
وكشف أن المغرب استفاد من “مجموعة من برامج المساعدة التقنية خاصة في إطار برامج Glacy وGlacy+ وCyberSud التي تنفذ بدعمِ ورعايةِ مجلس أوروبا، حيث كان من نتائجها تكوين مكونين متخصصين في الجريمة المعلوماتية في صفوف القضاة وضباط الشرطة القضائية، وإدراج الجرائم المعلوماتية ضمن برامج التكوين الأساسي والمستمر بالمعهد العالي للقضاء والمعهد الملكي للشرطة”.
واعتبر أن المغرب واع بأن “مواجهة الإجرام المعلوماتي تعني مواجهة إجرام متحرك ومتطور بشكل سريع، فإننا مدعوون جميعا لمواصلة تطوير الآليات الكفيلة بمكافحته، عبر دعم التكوين المتخصص وتبادل الخبرات والممارسات الجيدة وملاءمة التشريعات مع مستجدات الجريمة المعلوماتية، سواء في الشق الموضوعي أو في الشق الإجرائي، وتقديم أجوبة قانونية ملائمة لما يطرحه الإجرام المعلوماتي والدليل الرقمي من إشكالات وصعوبات تقنية وقانونية”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية