رغم الجائحة…الدبلوماسية المغربية واصلت التزاماتها بالبرامج المسطرة

تعد سنة 2020، سنة استثنائية بامتياز، لاسيما على المستوى الدولي، والذي يدبره المغرب بفضل دبلوماسيته، وسياسته الخارجية، التي تعتمد أساسا على العمل متعددة الأطراف. وبما أن السنة التي سنودعها بعد أسابيع، كانت خاصة بفعل تفشي فيروس كورونا المستجد، فإن هذه الأزمة حتمت على الدبلوماسية المغربية تكييف طرق اشتغالها، حيث لم يقتصر أثر الجائحة على إلغاء الاجتماعات والمؤتمرات الدولية فحسب، بل غيرت سيرورتها من الأولويات والقضايا المطروحة في الأجندة الدولية، بحث أصبحت قضية الأمن الصحي تتصدر اهتمامات المجتمع الدولي.

ومع ذلك، فقد ظلت الدبلوماسية المغربية، ملتزمة بالعمل المشترك لتدبير التحديات الدولية المتزايدة، وتكريس قيم التضامن الفاعل والتعاون المثمر، والتبشث بالحل السلمي للنزاعات، واحترام سيادة الدولة ووحدتها الترابية واستقلالها السياسي.

قضية الصحراء المغربية

لاشك بأن الحدث الأبرز خلال هذه السنة، هو الاعتراف الأمريكي بالسيادة الكاملة للمغرب على صحراءه، للمرة الأولى، عبر مرسوم رئاسي، بما له من أثر قانوني فوري، مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن افتتاح قنصلية لبلاده، بمدينة الداخلة، ستساهم في تعميق الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وواشنطن، وكما لا يخفى عن الجميع، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، من القوى الاقتصادية والسياسية العظمى في العالم، ولها عضوية دائمة داخل مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة، وهو الجهاز الذي يوجد بين يديه ملف الصحراء المغربية، مما يعني أن الأثر السياسي لهذا الحدث، يعد كبيرا، وانتصارا للدبلوماسية المغربية، مع استحضار، قرار المغرب السيادي باستئناف علاقاته مع إسرائيل، مما يعزز مكانة المملكة في الشرق الأوسط، واهتمامها بالتطورات، مع التأكيد على أن القضية الفلسطينية تعد في مرتبة القضية الوطنية، وهو ما عبر عنه الملك محمد السادس خلال اتصاله الهاتفي مع رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس أبو مازن.

وبما أن أولويات الدبلوماسية المغربية، قضية الصحراء المغربية، فإن المغرب يتجند للدفاع عنها في كل الظروف داخل المحافل الدولية وحشد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي للنزاع المفتعل في المنطقة المغاربية، حيث يواصل المغرب نهج سياسة الوضوح والحزم، فيما يخص القضية الوطنية الأولى، على أن هذا الحل لا يمكنه أن يكون خارج أربع معايير أساسية وهي السيادة الكاملة للمغرب علي صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي، كحل وحيد لهذا النزاع المفتعل، إضافة إلى المشاركة الكاملة لجميع الأطراف في البحث عن حل نهائي، والاحترام التام للمبادئ والمعايير التي كرسها مجلس الأمن الدولي في جميع قراراته منذ 2007، وهي أن الحل لا يمكن إلا إن يكون سياسيا واقعيا عمليا ودائما ومبنيا على التوافق، كما أن المغرب لا يزال يرفض أي اقتراح متجاوز، والذي أكد الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، منذ أكثر من عشرين سنة، بطلانه وعدم قابليته للتطبيق، والهادف إلى تحريف المسلسل السياسي الحالي عن المعايير المرجعية التي اعتمدها مجلس الأمن.

هذه المحددات هي التي أعادها مجلس الأمن الدولي، قبل أسابيع، التأكيد عليها وكرسها في القرار 2548 من خلال إبراز أن الحل السياسي والواقعي والعملي والمستدام القائم على التوافق، والإشارة بالإسم إلى أطراف النزاع الإقليمي حيث ذكر الجزائر 5 مرات، في حين لم تذكر قط في القرارات السابقة لسنة 2016، واعترف بأن انخراطا قويا، ومستمرا وبناء للجزائر يعد أمرا ضروريا طيلة العملية السياسية، مع تعزيز مكتسبات المغرب في القرارات السابقة، بشأن أولوية مبادرة الحكم الذاتي وضروري إحصاء ساكنة مخيمات تندوف في الجزائر، ووجوب احترام “البوليساريو” لوقف إطلاق النار، والوفاء بالتزاماتها بشأن الامتناع عن الأعمال المزعزعة للاستقرار، والماسة بالوضع القائم شرق وجنوب المنظومة الدفاعية المغربية.

إن تبني مجلس الأمن لهذا القرار الهام، جاء في الوقت الذي يواصل فيه الأمين العام الأممي مشاوراته لتعيين مبعوث شخصي، وذلك في سياق يتسم بالموقف الواضح والحازم للمغرب، وبثبات المرجعية الأممية المؤطرة للمسلسل واتباع الأطراف الأخرى استراتجية استفزازية تجاه المغرب والأمم المتحدة.

لقد استبق الأمين العام للأمم المتحدة، قرار مجلس الأمن وأكد في تقريره 2020/938 بتاريخ 23 شتنبر 2020، معطيات محينة حول الوضع في الصحراء المغربية، مما يفند أكاذيب الجزائر والبوليساريو، كما أشار إلى مضمون الخطاب الملكي بمناسبة المسيرة الخضراء، مع إشادته بتعاون المغرب مع المينورسو في شقها العسكري والمدني.

كما واصل المغرب، الديناميكية التي أطلقها حول مغربية الصحراء، وإقناع مجموعة من الدول بسحب اعترافها بالكيان الوهمي، من بينها السالفادور، وبوليفيا، ليصل عدد الدول التي لا تعترف بالبوليساريو 164 دولة، علما أن الاستراتيجية المتبعة من طرف المغرب أعطت نتائج تتمثل في مراجعة 11 دولة من منطقة الكراييبي من أصل 14 لموقفها من قضية الصحراء المغربية، وأصبحت تساند الوحدة الترابية للمغرب وسيادته على الأقاليم الجنوبية، ودعم كذلك لمبادرة الحكم الذاتي.

كما شهدت هذه السنة، جعل مدينتي الداخلة والعيون، منصة دبلوماسية بامتياز، بما يكرس سيادة ووحدة الأراضي المغربية ويسفه أطروحات الخصوم، حيث تمكن المغرب من إقناع 20 دولة إلى حدود كتابة هذه الأسطر، بفتح قنصليات لها بكل من العيون والداخلة، وهي دول جزر القمر، ليبيريا، ساو طومي، الغابون، الكوت ديفوار، الرأس الأخضر، إفريقيا الوسطى، غينيا، غينيا بيساو وغينيا الاستوائية، إضافة إلى السينغال مالاوي زامبيا الكاميرون وإسواتيني، فضلا عن دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية الكونغو الديموقراطية، ومملكة البحرين، في انتظار افتتاح قنصلية للأردن بالعيون، والولايات المتحدة الأمريكية في الداخلة.

كما احتضنت مدينة العيون خلال فبراير 2020، المنتدى الوزاري الثالث المغرب دول جزر المحيط الهادي، والذي تبنى إعلانا سياسيا داعما لمغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي. بالموازاة مع ذلك، اعتمد المغرب قانونين يرومان تحيين حدود المياه الإقليمية للمملكة، ومنطقتها الاقتصادية الخالصة، وضم سواحل الصحراء المغربية.

ومن الواضح، أن هذه السياسة التي تقودها المملكة، في هذه الملف، أغاضت الأطراف الأخرى، وجعلتها تلجأ لممارسات أخرى يآئسة لعرقلة الحركة التجارية والمدنية بمنطقة الكركارات، وهي ممارسة، حمل المغرب الأمم المتحدة المسؤولية عن تبعاتها الاستفزازية، كما سيواصل المغرب تشبثه بالعملية السياسية، في إطار الاحترام التام لأسس الموقف المغربي، التي أكد عليها الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة المسيرة الخضراء سنة 2017.

ولأن المغرب يتلزم بمقتضيات القانون الدولي الإنساني، فإنه من الضروري إثارة الوضعية الإنسانية الأليمة، التي تعيشها مخيمات تندوف التي فوضت الدولة المضيفة تسييرها إلى جماعات مسلحة انفصالية، في تحد صارخ لالتزاماتها الدولية بموجب اتفاقية 1951 الخاصة بوضع اللاجئين والاتفاقيات الدولية الأخرى المتعلقة بالقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، كما أن المغرب لم يتوان عن التنبيه إلى مصير سكان مخيمات تندوف وأن الوقت حان لأن يتخد المجتمع الدولي قرار حاسم من أجل دفع الجزائر إلى للسماح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالقيام بإحصاء وتسجيل هذه الساكنة، وهو الإجراء الذي كان مطلبا في قرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة منذ سنة 2011.

ورغم كل هذه الإنجازات في ملف الصحراء المغربية خلال سنة 2020، فإن هناك مجموعة من الانتظارات، والتي وضعت كأهداف للدبلوماسية المغربية خلال السنة المقبلة، منها تكريس شرعية تمثيلية منتخبي الصحراء المغربية داخل الأمم المتحدة لجعلها ممارسة اعتيادية داخل لجنة 24، توسيع دوائر الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، الاستمرار في المطالبة بتسجيل وإحصاء ساكنة تندوف، مواكبة تفعيل النموذج التنموي للأقاليم الصحراوية، والجهوية المتقدمة، وتعزيز الحضور المغربي داخل المنظمات الدولية، علما بأن المغرب تمكن للسنة الرابعة على التوالي من تحقيق نسبة نجاح 100% في الترشيحات المغربية داخل المنظمات الدولية والإقليمية.

الدبلوماسية المغربية والتطورات في المنطقة المغاربية 

مع استمرار جمود اتحاد المغرب الكبير، بفعل واقع التفرقة والانشقاق داخل الفضاء المغربي، وبقاء العلاقات المغربية الجزائرية، في هذا الوضع الغير طبيعي والغير مقبول، فإن هناك معيقات كبيرة تواجه المنطقة المغاربية، فضلا عن التحديات الأمنية، وهاجس الاندماج، ورغم هذا فقد نجح المغرب في تدويب الخلافات بين الفرقاء الليبيين، لأن استقرار ليبيا من استقرار المنطقة برمتها.

وظل المغرب وفيا لمقاربته في الملف الليبي، وهي المقاربة التي استضاف بها جولتي الحوار بين الفرقاء الليبين، في بوزنيقة، وذلك من أجل توحيد المؤسسات وإنهاء الانقسام والمضي نحو الاستفتاء على الدستور، والانتخابات البرلمانية والرئاسية.

كما لعب المغرب دورا مهما في إنهاء انقسام أعضاء مجلس النواب الليبي، اعتبارا منه أن مجلس النواب إلى جانب المجلس الأعلى للدولة، النواة الأساسية للحل السياسي في ليبيا، ولقت نتائج هذه الحوارات واللقاءات، إشادة واسعة من عواصم عربية ودولية ومن الأمم المتحدة.

هذا فإن مبادرة المغرب لجمع الفرقاء الليبين لجمع الفرقاء الليبيين على أرضه للخروج من حالة الانسداد التي لازمت الأزمة الليبية منذ سنوات، ورهنت مستقبل الشعب الليبي، جاءت من قناعته بأن أمنه لا ينفصل عن أمن ليبيا، وبالتالي فإن المساعدة على جمع الفقراء الليبيين في المغرب والخروج بتفاهمات وتوافقات حول بناء المؤسسات الليبية وتوحيدها يدخل في إطار رؤية المغرب للحل في هذا البلد والذي لن يكون إلا سياسيا، ولا يمكن أن يأتي إلا من الليبيين أنفسهم، ولا يمكن أن يأتي من الخارج أو بإملاءات من أجندات خارجية.

وفي هذا السياق، واصل المغرب التأكيد في مختلف اللقاءات الدولية أو الجهوية على أن اتفاق الصخيرات يظل هو الإطار الدولي الوحيد المعترف به من قبل الأطراف الليبية والأمم المتحدة والمجتمع الدولي.

المغرب يواصل الاطلاع بمسؤولياته داخل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي

بالرغم من ظرفية عربية وإسلامية صعبة، رهنت مستقبل العمل العربي والإسلامي المشترك، وجعلته متجاوزا ويغلب عليه الاجترار السياسي وتغيب عنه الفعالية والطابع الملموس، واصل المغرب الاطلاع بمسؤولياته داخل منظومة جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، مدافعا عن إصلاح متدرج لهياكل هاتين المنظمتين لتسايرا المتغيرات الجوهرية من حولهما.

واعتبارا لكون المغرب يرأس في شخص الملك محمد السادس لجنة القدس، التي تعد أهم اللجان الدائمة في منظمة التعاون الإسلامي، فقد واصل الدعوة إلى الحفاظ على الطابع القانوني والحضاري الفريد للمدينة المقدسة، باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية ومركزا لقيم الاحترام المتبادل والحوار ورمزا للتعايش السلمي بالنسبة لأتباع الديانات التوجيدية الثلاث، تجسيدا لروح نداء القدس الذي وقعه الملك محمد السادس بمعية قداسة البابا فرانسيس في الرباط في 30 مارس 2019. وبالموازاة مع ذلك، واصلت وكالة بيت مال القدس الشريف، كآلية تنفيذية للحنة القدس، إنجاز مشاريع وبرامج ملموسة، صحية وتعليمية وسكنية واجتماعية لفائدة الساكنة المقدسية، من أجل توفير سبل العيش الكريم لها، ودعم صمودها وتحسين أوضاعها الاجتماعية والمعيشية.

كما تستند رؤية المغرب للسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط إلى كون المقاربات الاقتصادية على أهميتها لا بد أأن تكتمل بحل سياسي للقضية الفلسيطنية وفق حل الدولتين الذي توافق عليه المجتمع الدولي.

وفي الأزمة الخليجية، لايزال المغرب الذي يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، يحذوه أمل كبير في أن تتجاوز الدول الخليجية خلافاتها بأسرع وقت، وهو ما تم تضمينه في البلاغ الصادر عن الخارجية المغربية مؤخرا، على ضوء التطورات في منطقة الخليج العربي، ذلك أن تجاوز الخلافات، من شأنه أن يفعل مسار الشراكة مع مجلس التعاون الخليجي تجسيدا لمنظور الملك محمد السادس الوارد في الخطاب الملكي أمام القمة المغربية الخريجية التي عقدت بالرياض بتاريخ 20 أبريل 2016.

وفيما يتعلق بالدول العربية، التي تعاني ظروفا سياسية وأمنية صعبة، يعمل المغرب باستمرار على إعلاء فضائل الحل السياسي المستند إلى روح التوافق والانخراط البناء مع كل الجهود الدولية، وبما يحافط على استقلال وسيادة ووحدة هذه الدول وسيادتها في ظل تدخلات خارجية إقليمية ودولوية سافرة وتنامي النزعة الانفصالية تحت يافطة الانتماء الطائفي والعرقي والمناطقي.

وضمن هذه الرؤية، يواصل المغرب الدعوة إلى ضرورة إيلاء الجانب الإنساني الأهمية القصوى، علما بأن استمرار تلك الأزمات خلف مآسي إنسانية تمثلت في أن المنطقة العربية تحتل الرتبة الأولى عالميا ب40 مليون لاجئ من أجل 60 مليون على المستوى العالمي، هذا وعمل المغرب على إقامة مستشفى عسكري ببيروت قدم حوالي 60 ألف خدمة طبية طيلة شهرين، إضافة إلى المستشفى العسكري الميداني بمخيم الزعتري منذ غشت 2012 والذي قدم أزيد من 1،5 مليون خدمة لفائدة اللاجئين السوريين طيلة 8 سنوات.

وفيما يتعلق بالسودان واليمن، استجاب المغرب لطلب هذين البلدين برفع عدد الطلبة الممنوحين والمقاعد البيداغوجية مع التركيز على المجالات القنية والمهنية، وانطلاقا من ترؤسه لمجموعة العمل المعنية بانضمام العراق إلى منظمة التجارة العالمية، يشرف المغرب على تكوين وتدريب الكفاءات العراقية في المغرب في مجال المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف.

الإندماج الإفريقي والسياسة الخارجية في شقها القاري

اتسمت السنوات الماضية، بتكثيف الجهود الدبلوماسية لعودة المغرب إلى أسرته المؤسسية، وما تلا ذلك من تعزيز لتموقعه داخل مختلف هياكل المنظومة الإفريقية، تكللت بالظفر بعضوية مجلس السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي، للفترة من 2018 إلى 2020، وبالمشاركة في العديد من الاستحقاقات القارية، كما أن المرحلة الراهنة، تعرف إصلاحات مؤسساتية مهمة، ألقت على المغرب مسؤولية تكريس تلك العودة وتعزيزها بمواصلة التعبئة والانخراط في هياكل الاتحاد الافريقي.

فقد واصل المغرب الذي انتهت ولايته في مجلس السلم والأمن في مارس 2020، العمل بنشاط للدفاع عن زهمية قرار الاتحاد رقم 693 والاستشارة القانونية للمستشار القانوني للاتحاد بتاريخ فبراير 2019، التي لا تسمح لمجلس السلم والأمن بذكر أو الإشارة إلى قضية الصحراء المغربية بأي شكل من الأشكال وعلى أي مستوى. وكان من نتائج نشاط المغرب داخل الاتحاد الإفريقي، وبدعم ومؤازرة من أصدقائه الأفارقة، أن التقرير الخاص بحالة السلم والأمن بمجلس السلم والأمن لعام 2020، لم يشر، ولأول مرة إلى قضية الصحراء المغربية، حيث أن قمة الاتحاد الإفريقي التي عقدت في فبراير 2020 لم تتخد، للسنة الثانية على التوالي أي قرار يتعلق بقضيتنا الوطنية.

الإتحاد الأوروبي والمسلسل الأورو متوسطي

وإذا كان المغرب حقق في السنتين الأخيرتين مكاسب مهمة في شراكته مع الاتحاد الأوروبي لاسيما بالتوقيع على اتفاقية الصيد البحري في صيغتها الجديدة، مكرسا بذلك ولايته على كافة المياه المتاخمة للتراب الوطني، فقد شهدت هذه السنة اعتماد الإعلان السياسي حول الشراكة الأوروبية المغربية للرخاء المشترك، الذي أعاد الدينامية لشراكة الجانبين، حيث تم بموجب إطلاق خطة التنمية لفائدة المغرب وتنقيع سياسة الجوار التي ستعرف تعديلا جوهريا خلال 2021.

غير أن الدينامية الجديدة التي أضفتها الشراكة المتجددة مع الشريك الأوروبي تتطلب تعزيز التنسيق واليقظة في مواجهة بعض المبادرات من شأنها أن تقوض تلك الديناميكية، من قبيل اللجوء إلى الطعون ضد الاتفاقيات، وقوائم الضرائب وغسل الأموال والقرارات الأحادية للمفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي.

وبخصوص المسارات الجهوية، واصل المغرب مساهمته في تفعيل الشراكة الأورو – متوسطية من خلال مشاركة بناءة وفاعلة في العديد من اللقاءات التي تدخل في إطار “الاتحاد من أجل المتوسط” ومنتدى “حوار 5+5″، وذلك بهدف إعطاء دينامية جديدة لهذين المسارين الإقليميين في أفق إرساء فضاء أورو متوسطي يعمه السلام والاستقرار والازدهار المشترك.

الشراكات والحضور الدبلوماسي 

تفعيلا لرؤية الملك محمد السادس التي تضع تعزيز التعاون وتقوية الشراكة مع الدول الإفريقية على رأس أولويات السياسة الخارجية المملكة، يتم تتبع وتقييم مختلف الاتفاقيات الثنائية الموقعة خلال الزيارات الملكية لعديد من الدول الإفريقية، بهدف تعقب التفعيل الجيد لهذه الاتفاقيات، وارتباطا بتعزيز تلك الشراكة، سيتم عقد 19 لجنة مشتركة للتعاون مع الدولة الإفريقية في سنة 2021.

كما تروم هذه السياسة، تعزيز الشبكة الدبلوماسية المغربية عن طريق برمجة فتح مراكز دبلوماسية جديدة في إفريقيا سنة 2021، وخاصة في غينيا بيساو وجزر القمر مع السعي إلى إحداث مراكز دبلوماسية مقيمة خلال سنة 2021 بكل من السيشل المالاوي ليبيريا السيراليون والرأس الأخضر.

كما استقبل المغرب خلال سنة 2020 أزيد من 15 وزيرا إفريقيا للخارجية في إطار زيارات عمل رسمية، والتوقيع على 30 نص قانوني لتعزيز التعاون مع الشركاء الأفارقة.

كما يواكب المغرب عدد من دول منطقة الكارايبي في عدد من المشاريع ذات الطابع الاجتماعي والتنموي، حيث تم التوقيع على خمس اتفاقيات، وأصبح المغرب يؤمن تغطية 50 في المائة من أمريكا الوسطى أو الجنوبية عبر شبكته الدبلوماسية في 11 بلد من أصل 22، وقد مكنت هذه الاستراتيجية من تلبين مواقف بعض الدول المناوئة، إضافة إلى ذلك عزز المغرب من حضوره في المنظمات الجهوية الأمريكية، حيث حصل على وضعية عضو مراقب في 75 بالمئة من المنظمات الجهوية في تلك الجهة.

ولأهمية تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، وقع المغرب اتفاقية تعاون في المجال العسكري، لتوطيد الأهداف الأمنية المشتركة، وتحسين درجة الاستعداد العسكري، وذلك بمناسبة زيارة الوزير الأسبق للدفاع الأمريكي مارك إسبر، إلى المغرب في بداية شهر أكتوبر 2020، كما التزم المغرب وكندا على تطوير علاقاتهما الثنائية ورفعها إلى مستوى شراكة استراتيجية خلال زيارة وزير الخارجية الكندي فيليب شامبان.

القضايا الثنائية ومتعددة الأطرف

يواصل المغرب تكريس دوره الريادي في قضايا أساسية في الأجندة الدولية، من قبيل محاربة الإرهاب ونزع السلاح وحقوق الإنسان والمناخ والهجرة وتعزيز التعاون جنوب جنوب وفي هذا الصدد، عملت الدبلوماسية المغربية على اضطلاع بالمسؤوليات المترتبة عن تبوء المغرب المواقع الريادية في الأجندة الدولية والتأكيد على محورية المغرب كمنصة دولية وإقليمية موازاة مع مواصلة الترافع لدعم موقع القارة الإفريقية ومطالبها في القضايا المتداولة من قبل المنظمات والمسلسلات متعددة الأطراف.

وبالرغم من الظرفية الاستثنائية التي عاشها المغرب مع سائل بلدان العالم بسبب جائحة كورونا، فإن الدبلوماسية المغربية استطاعت أن توظف إمكانياتها البشرية والمالية من أجل تحقيق الأهداف المسطرة، والمضي قدما في تحقيق مكتسبات جديدة، تكرس شرعية موقف المغرب بالنسبة لقضيته الوطنية، كما لعبت الدبلوماسية المغربية دورا هاما في الجائحة، وكل هذه المكتسبات، تفتح أمام المغرب آفاقا واعدة بهدف تمكين المغرب من تعزيز مصالحه وقضاياه الحيوية وتثبيت إشعاعه علي المستوى الدولي وتخطي الصعاب الاقتصادية والاجتماعية التي فرضتها هذه الظرفية الغير مسبوقة.


سفيان رحيمي يثير ضجة في مصر

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى