رسائل الاتحاد الاشتراكي لسعد الدين العثماني
من يستطيع التوفيق بين الأحزاب حول قوانين الانتخابات .. العثماني أم لفتيت؟
مرد السؤال ليس نابع فقط من أن سعد الدين العثماني لم يستطع تقريب وجهات نظر الأحزاب حول القوانين التي ستجري بها الانتخابات السنة المقبلة في اللقاء الذي عقده مؤخرا مع ثمانية أحزاب سياسية، ولكن أيضا لاستمرار الانتقادات بين مكونات الأغلبية الحكومية حتى بعد اللقاء وحول نفس الموضوع.
وإذا قرأنا المقال الرئيسي ليومية « الاتحاد الاشتراكي» لهذا اليوم، لا بد أن نتوقف عند رسائل واضحة لسعد الدين العثماني وحزبه، والبداية بعنوان المقال: «العثماني يجتمع مع ثمانية أحزاب في غياب توافق سياسي حول القوانين الانتخابية »، ثم تقول إحدى الفقرات البليغة: « إن سعد الدين العثماني يوجد في وضع حرج لأنه كحزب يقود الأغلبية، لم يستطع خلق توافق لا داخل الأغلبية ولا بين الأغلبية والمعارضة، وهو ما جرت به الأعراف في تاريخ المغرب، إذ كانت القوانين تعتمد بالتوافق وهو ما عمل به قائد تجربة التناوب التوافقي الراحل عبد الرحمان اليوسفي، حيث أجمع الفاعلون على تبني قوانين مجمعة وموحدة بهدف إقرار الديمقراطية ».
وليس اعتباطيا التذكير في هذا الظرف بالتوافق الذي أحدثه زعيم الاتحاد الاشتراكي وقائد حكومة التناوب الراحل عبد الرحمان اليوسفي حول القوانين الانتخابية، مثلما ليس اعتباطيا أن يذكر مقال اليومية العثماني بضرورة إحداث توافق سياسي “كسابقيه من رؤساء الحكومات من أجل عرض القوانين داخل مجلسي البرلمان، مسنودين بإدارة سياسية متينة وتوافق سياسي، لأن العملية الديمقراطية تعني الجميع وتتطلع لإبراز والتعبير عن الإرادة الشعبية عبر المؤسسات الانتخابية ».
ولم تكن هذه الرسائل سوى واحدة من سلسلة إشارات ساخنة للاتحاد الاشتراكي الذي كان قد أكد في آخر اجتماع لمكتبه السياسي، عن ما أسماه إصرار رئيس الحكومة على خلق كل شروط تفكك الأغلبية، وتسويغ القرارات التقنوية ومنحها التغطية السياسية المؤسساتية، من خلال استبعاد السند السياسي للحكومة: « الشيء الذي يرمي بظلال الشك حول نواياه الحقيقية في تفعيل البند الديموقراطي في منهجية تفعيل السلطات التي يملكها دستوريا وكذا استشارة الأغلبية السياسية للحكومة، في القرارات والمحطات الواجب التشاور فيها ».
ولم تقف انتقادات الاتحاد الاشتراكي اللاذعة عند هذا الحد، بل أكد في البلاغ الأخير لمكتبه السياسي عن : « تغييب الإطار المؤسساتي للأغلبية في المناقشات الخاصة بالقوانين المهيكلة للحياة المالية والاقتصادية، والاكتفاء بدور التبليغ بما يتقرر بعيدا عن السقف السياسي المؤسساتي للجهاز التنفيذي، داخل بنية إدارية تقنية، من خلال عدم التشاور حول الحمولة السياسية لقانون المالية المعدل، ثم تعليق اي مشاورات حول القانون المالي القادم، وكذا عدم اتخاذ أي إجراءات فيما ينشر حول صفقات عمومية مشبوهة تهم محاربة الوباء مع ما يمكن ان يكون لذلك من تأثير على ثقة المواطن في مؤسساته، والاكتفاء بإعادة تسجيل البلاغات التاطيرية الكلاسيكية، كما لو أن الوضع عادي والسنة لا وباء فيها ولا توقعات مأساوية وقاسية تهدد البلاد ».
ولم يتأخر رد الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، والتي أكدت في بلاغ ليوم الإثنين الماضي عن « انخراط بعض أطراف الأغلبية الحكومية في حملات انتخابوية سابقة لأوانها بأساليب مغرضة»، مضيفة أن « الشغل الشاغل أصبح هو استهداف الحزب من خلال التهجم على قياداته وعلى إسهامه في العمل الحكومي، مع توظيف مغرض لظروف الجائحة، في الوقت الذي تفرض فيه الظرفية إعمال منطق التضامن الوطني واستبعاد الحسابات والمناورات السياسوية».
وهكذا وصلت الردود والردود المضادة إلى مستوى الاتهامات البليغة وبلغة غير معتادة بين مكونات الأغلبية .. المناورات والحسابات والأساليب المغرضة … تنضاف إليها إشارات أخرى لا تقل تعبيرا في نفس مقال اليومية حينما تحدث عن غياب آلية اجتماع الأغلبية لمناقشات القوانين: « في الوقت الذي يبقى المستقبل مجهولا اقتصاديا واجتماعيا، مما يتطلب تراصا وطنيا من طرف جميع الفاعلين الوطنيين لأجل تجاوز الأزمة الحالية، والعبور بالمغرب من نفق الأزمة، بكثير من التضحيات والتي سبق وقدمها الاتحاد لأجل الوطن ولأجل إنقاذ المغرب من السكتة القلبية، بتعبير الراحل الحسن الثاني».
وإذا كانت الصورة بهذا المضمون، وبكثير من الخلافات القوية بين مكونات الأغلبية، وبين المعارضة والحكومة، فهل يستطيع رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية إحداث توافق سياسي بين الأحزاب حول القوانين الانتخابية؟ هل يمكن لسعد الدين العثماني أن يفعل ذلك، أم يكون وزير الداخلية هو المؤهل؟
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية