بنصالح يردُ على منتقدي مذكرة “مجلس بوعياش” حول الحريات الفردية
أكد الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، منير بنصالح، أن “النقاش حول الحقوق والحريات بين الفرد والمجتمع في بلادنا يكتسي أهمية خاصة بالنظر إلى التحولات المجتمعية والقيمية العميقة والمتسارعة من جهة، وإلى المسار الذي تسير فيه بلادنا بثبات منذ عقود، مسار بناء دولة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان. ولا يمكن أن نغفل في هذا الإطار تأثير التفاعل مع المحيط الخارجي بمعناه الواسع والانفتاح اللامحدود على ثقافات وحضارات أخرى بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي والتطور الهائل لوسائل الاتصال والتواصل والإعلام، خصوصا أمام أجيال جديدة تنفتح أكثر من أي وقت مضى على المحتوى الثقافي والمعرفي الإنساني وتتفاعل معه”.
وأضاف منير بنصالح، في كلمته بالجامعة الشعبية لحزب الحركة الشعبية حول “الحقوق والحريات بين الفرد والمجتمع” صباح اليوم، بسلا، أن “دستور 2011 الذي عمل على تأصيل الحقوق والحريات في بعديها الفردي والجماعي وتفصيلها وتنظيم بناء مؤسساتي لحمايتها والنهوض بها ورصد مدى احترامها، معتبرا أن “التفكير في موضوع حريات الفرد وحقوق المجتمع من زاوية التعارض بينهما لا يخدم لا هذا ولا ذاك، بل بالعكس يسبب توترا معياريا ويهدد اللحمة الاجتماعية، وفي نفس الوقت يهدر كيان الأفراد”.
وأكد أن “المنظومة القانونية، خاصة من ضمنها القوانين ذات الصلة بالحقوق والحريات، هي المرجع الأساسي لرفع كل لبس أو تضارب محتمل. وتحقيقا لهذه الغاية، لا بد أن تتسم بالانسجام والشرعية، وأن تواكب التطورات الحاصلة في المجتمع وهي تستشرف المستقبل. لابد أن تستجيب لحاجات الناس المختلفة في مجال الحريات والحقوق، بما يحررهم دون إخلال بمستلزمات التلاحم الاجتماعي، بحيث إن الفرد يزداد ارتباطه بمجتمع يحمي حقوقه ويضمن له ممارسة حرياته في نطاق القانون، وفي إطار من الاحترام المتبادل بين الجميع”.
وبعد الإنتقادات التي وجهت إلى المجلس من رافضي الحريات الفردية بعد إصدار مذكرته، أبرز أن “المجلس مؤسسة دستورية ذات ولاية شاملة تشتغل وفق مبادئ باريس، ومواكبة منها للنقاش المجتمعي حول الحقوق والحريات في السنوات الأخيرة، واعتبارا لكون القوانين المشْبَعة بروح العدل والمفعمة بمبادئ حقوق الإنسان وقيمها تعطي للفرد (إذن لاختياراته وحرياته ومستلزمات ازدهاره) مكانته اللائقة به داخل المجتمع، ونقصد هنا القوانين ذات الصلة بالحريات، خاصة منها القانون الجنائي الذي ينظم مجال الحرية بامتياز، فقد قدم المجلس مذكرة تفصيلية و تكميلية للرأي الذي أدلى به سابقا استجابة لطلب الرأي من طرف البرلمان، حول مشروع القانون الجنائي”.
وأشار أن “مذكرة المجلس اعتمدت على مبادئ أساسية: الشرعية، الضرورة، التناسبية، وارتكزت على مرتكزات وطنية (الدستور، توصيات هيئة الانصاف والمصالحة، ندوة إصلاح السياسة الجنائية، الهيأة العليا لإصلاح منظومة العدالة، …) ودولية (الاتفاقيات الدولة المصادق عليها من طرف المغرب، التوصيات والملاحظات المقدمة بخصوص الاتفاقيات والتي قبلها المغرب، اجتهادات، …)”.
وذكر أن “التوصيات همت مجالات عدة نخص بها: التعذيب، المعاملة القاسية والمهينة، والحاطة من الكرامة الإنسانية، الاختفاء القصري، جرائم المخلة بالسير العادي للمؤسسات الدستورية، إلغاء عقوبة الإعدام، الإيقاف الطبي للحمل، حماية الحياة الشخصية”، في هذا السياق، قدم المجلس مذكرته لرئيسي غرفتي البرلمان واعتباره لأدواره كمؤسسة دستورية مستقلة، يلبي المجلس دعوة كل الفرقاء دون استثناء من أجل مناقشة مضمون المذكرة”.
وأورد أن “المجلس تابع النقاش الذي انخرط فيه المغاربة، نساء ورجالا، انتصارا للحريات الفردية وحماية الحياة الخاصة، وعاين المأساة الإنسانية وحالات اليأس التي يرزح تحتها المحكومون بالإعدام، وسجل وقائع العنف المتزايدة، سواء البدني أو اللفظي، في الفضاءات العامة والخاصة، ليترافع من أجل قانون جنائي يحمي الحريات ويستوفي مبادئ الشرعية والضرورة والتناسبية”.
وأشار إلى أن “المجلس يراهن على أن البرلمان سيضطلع بدوره في توطيد ديمقراطيتنا، باعتباره محركا أساسيا لها، وأن يعمل السيدات والسادة النواب، فرادى وجماعات، على مواكبة التحولات التي تعرفها بلادنا، وأن يدعموا بناء دولة قانون تتم الاستجابة فيها إلى الإرادة العامة”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية