الوظيفة الرقابية للبرلمان.. كيف تسهم الأسئلة الشفوية والكتابية في الارتقاء بأداء المؤسسة التشريعية؟

يطرح النواب أكثر من 40 ألف سؤال كمعدل خلال الولاية التشريعية، وتجيب الحكومة على نحو نصف هذه الأسئلة مع ميل إلى الرد على أسئلة المعارضة، فيما تعتبر النساء البرلمانيات أكثر نشاطا من نظرائهن من الرجال على هذا الصعيد، هذه الخلاصات وغيرها سجلها تقرير صدر حديثا بشأن العمل الرقابي للنواب البرلمانيين من خلال الأسئلة الشفوية والكتابية الموجهة إلى الحكومة.

التقرير الذي يحمل عنوان “ماذا يفعل النواب؟ النشاط البرلماني في المغرب من خلال أسئلة النائبات والنواب البرلمانيين”، والذي أصدرته جمعية “طفرة”، وهي مركز أبحاث يشتغل على جمع وتحليل البيانات المتعلقة بالفعل العمومي وتعزيز الحق في الحصول على المعلومة، يسلط الضوء على الأسئلة التي يطرحها النواب البرلمانيون وذلك من خلال استقراء بيانات الدورات الأربعة الأولى للولاية التشريعية الحالية وفق نهج متعدد الأبعاد، يرتكز أساسا على الانتماء السياسي والجغرافي، والنوع.

ويروم التقرير، الذي ينضاف إلى مجموعة من التقارير والدراسات التي تشتغل عليها جمعيات المجتمع المدني، متابعة وتقييم العمل البرلماني من خلال توفير قاعدة بيانات منظمة من شأنها أن ت سهم في تجويد أداء المنتخبين بالمؤسسة التشريعية.

+أسئلة البرلمانيين.. القضايا الاجتماعية في صدارة الاهتمامات+

يفيد التقرير بأن أعضاء مجلس النواب (نائبات ونواب) وجهوا خلال الدورات الأربعة الأولى من الولاية التشريعية الحالية حوالي 20 ألف و514 سؤالا كتابيا وشفويا إلى مختلف القطاعات الوزارية، مشيرا إلى أن الحكومة ردت على 46 في المائة منها، أي “بمعدل أقل بقليل من النصف وهو ما يمثل 9471 جوابا، ومن بين هذه الأجوبة تم تسجيل 380 تعهدا حكوميا أي ما يعادل 4 في المائة من إجمالي الردود المقدمة”.

وسجل التقرير أن القضايا الاجتماعية تحتل مكانة مركزية في المشهد البرلماني، مبرزا أن قطاعات التعليم والصحة والماء والفلاحة تستأثر أكثر باهتمام النواب، وذلك راجع “لمختلف التحديات التي يواجهها إصلاح النظام التعليمي والصحي لاسيما ورش تعميم التغطية الصحية الإجبارية”.

وأبرز في هذا السياق، أن قطاع التربية الوطنية والرياضة يحظى بالاهتمام الأكبر، إذ تلقت الوزارة 2248 سؤالا خلال الولاية الحالية، وتم الرد على 1177 سؤالا، تضمن 40 منها تعهدات حكومية، يليه قطاع الصحة والحماية الاجتماعية، بمعدل 2087 سؤالا، تم الرد على 1178 سؤالا منها، وشمل 19 منها تعهدات حكومية.

ويأتي قطاع التجهيز والماء في المرتبة الثالثة بمعدل 1909 سؤالا، يليه قطاع الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إذ وجه البرلمانيون 1903 سؤالا ردت الحكومة على 733 من ضمنها 40 شملت تعهدات، ثم وزارة الداخلية التي تلقت 1844 سؤالا، 65 في المائة تقدمت بها المعارضة، وأجابت الوزارة عن 855 من هذه الأسئلة التي أسفرت خمسة منها عن تعهدات.

وفيما يتعلق بالأغلبية والمعارضة، يورد التقرير أنه من أصل 20514 سؤالا تم طرحه، كان نصيب الأغلبية 10015 سؤالا، “أي 48 في المائة من إجمالي الأسئلة المطروحة وبمتوسط 37 سؤالا لكل عضو من أعضاء الأغلبية”، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة حصلت على 4297 جوابا، بمعدل 43 في المائة، 5 في المائة منها شملت تعهدات حكومية.

أما المعارضة، فطرحت ما مجموعه 10499 سؤالا، أي 51 في المائة من إجمالي الأسئلة المطروحة وبمتوسط 87 سؤالا لكل نائب. وقد توصلت المعارضة وفقا للمصدر ذاته بـ5174 جوابا من الحكومة، أي 49 في المائة من مجموع الردود المحصل عليها، 2,5 في المائة منها شملت تعهدات حكومية.

وفي تحليلها لهذه الأرقام، سجلت جمعية “طفرة”، أنها تظهر من جهة، أن المعارضة “تمارس نشاطا رقابيا أكثر كثافة من الأغلبية، وهو ما يتوافق مع دورها ومع القاعدة العامة في هذا الشأن”، ومن جهة أخرى، تبرز أن الحكومة “تستجيب بنفس النسب تقريبا للأسئلة التي تطرحها الأغلبية والمعارضة”.

مراقبة العمل الحكومي.. تطور ملحوظ في أداء النائبات البرلمانيات

وفي مقاربته لعنصر النوع، يشير التقرير إلى أن نسبة النساء البرلمانيات اللواتي تم انتخاب معظمهن بفضل نظام التمييز الإيجابي، تمثل 23 في المائة من أعضاء مجلس النواب، بينما يشكل البرلمانيون الرجال 77 في المائة.

وفي هذا الإطار، أورد التقرير أن النساء البرلمانيات طرحن خلال الدورات الأربعة ما مجموعه 6005 أسئلة، وهو “ما يمثل في المتوسط 62 سؤالا لكل واحدة منهن مقابل 45 سؤالا فقط للرجال”.

وتبرز هذه الأرقام، حسب “طفرة”، أن ‘النائبات أكثر نشاطا في مراقبة العمل الحكومي مقارنة بنظرائهن من الرجال على الرغم من عدم تولي أي منهن رئاسة أي فريق نيابي”، على خلاف دراسة سابقة أجرتها الجمعية ذاتها على الولاية التشريعية 2016-2011، والتي سجلت “هيمنة طفيفة للرجال على متوسط عدد الأسئلة لكل نائب”، وهو ما اعتبرته “تحولا يعكس التطور الإيجابي في مشاركة النساء في المؤسسة البرلمانية”.

وفي هذا السياق، نوه التقرير إلى أن هذه الأرقام تعزز “فكرة استدامة نظام الخصص أو +الكوطا+ بالنظر إلى آثاره الإيجابية على مشاركة المرأة في مختلف الأنشطة البرلمانية”.

وبخصوص أهمية التركيز على الأداء الرقابي للنواب البرلمانيين من خلال الأسئلة الشفوية والكتابية دون آليات أخرى؟ تجيب زينب بوزار مسؤولة مشاريع بجمعية “طفرة”، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بالقول إن “الأسئلة الشفوية والكتابية تعتبر آلية دستورية مهمة في يد النواب لمراقبة العمل الحكومي وهي تمثل واحدة من الآليات المتوفرة لمتابعة العمل الحكومي”.

وأضافت بوزار أن “هذه الأسئلة تمكن، وعلى عكس الآليات الأخرى، من تتبع النشاط الفردي للنواب، وحركية النشاط السياسي داخل البرلمان”، مضيفة أن “الأسئلة الشفوية والكتابية للنواب متوفرة بشكل كلي على موقع مجلس النواب في صيغة مفتوحة تساعد على استعمالها وقراءتها بطريقة آلية”.

وأوضحت الفاعلة الجمعوية أن العمل الذي تقوم به جمعية “طفرة” يعتمد بالأساس على البيانات المتعلقة بالشأن العام، “التي نقوم بتجميعها، تنقيحها ونشرها لتكون متاحة للاستخدام من طرف مختلف الفاعلين، كما نقوم بدورنا باستعمالها، وتقديم قراءات علمية من خلالها في شكل دراسات وتقارير حول مواضيع مختلفة”.

وأكدت أن البرلمان يشكل أحد أهم هذه المواضيع باعتباره من المؤسسات المركزية في النظام السياسي والديمقراطي في المغرب، مشيرة الى أن المجتمع المدني يلعب دور الوسيط بين الفاعل العمومي والمواطن، فضلا عن دوره الرئيسي في التوعية والتحسيس بأهمية المشاركة المواطنة وتنمية الوعي السياسي لدى المواطنين.

المصدر : وكالات

بوزوق يكشف لزملائه سبب رحيله عن الرجاء

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى