النباوي: موقع المغرب الجغرافي جعله يرتقي بتنافسية الصناعة والمقاولات
قال محمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، ورئيس النيابة العامة، “إنه لمن دواعي السعادة والاعتزاز أن نجتمع اليوم بمدينة مراكش، لنربط القانون والقضاء بالاقتصاد والاستثمار، فنقرن بذلك الجغرافيا بالتاريخ والماضي مع الحاضر.
وأوضح رئيس النيابة العامة، خلال الكلمة التي ألقاها صباح اليوم الاثنين، بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر العدالة بمراكش، أن مدينة مراكش التي كانت فيما مضى من عصور قاعدة تجارية تربط المغرب بمجموعة من المراكز التجارية الأوروبية، كما تصله بعمقه الإفريقي، هي نفسها المدينة التي احتضنت حدث ميلاد منظمة التجارة العالمية وتوقيع اتفاقية مراكش بتاريخ 15 أبريل 1994، التي كانت منطلقاً لإصلاحات هيكلية تبنتها مختلف الدول لتأهيل اقتصادها الوطني وتهييئ المناخ المناسب للاستثمار.
وأضاف رئيس النيابة العامة، أنه منذ ذلك الحين وعالم التجارة والاستثمار يتطور ويتجدد باستمرار، بشكل أدى إلى ظهور عملية موازية، تمثلت في تأهيل القانون، بالدخول في حركة تجديد واسعة للقطاعات المالية والاقتصادية، بغية ضمان تنمية قوية لمختلف الأنشطة الاقتصادية، وتأمين تنافسية فعالة للأنظمة القانونية الوطنية، عبر تقديم التسهيلات الممكنة للمستثمر، وعلى رأسها أوضاع قانونية مريحة.
وأفاد عبد النباوي، أن الوضع لا يختلف في شيء بالنسبة للمغرب، فموقعه الجغرافي باعتباره بوابة لإفريقيا وجاراً لأوربا، جعله يتأثر بالتحولات الاقتصادية الدولية التي أدت به إلى الدخول في اتفاقيات للتبادل الحر، وصياغة استراتيجية للارتقاء بتنافسية الصناعة والمقاولات المغربية، كان من معالمها وضع عدة قوانين شكلت ترسانة متكاملة في مجال الأعمال، من بينها مدونة التجارة، والقوانين المتعلقة بالشركات التجارية، وقانون المجموعات ذات النفع الاقتصادي، بالإضافة إلى تنظيم نشاط مؤسسات الائتمان ومراقبتها، وإصدار القانون المحدث للمحاكم التجارية، وقوانين حماية الملكية الفكرية والأدبية والصناعية، ومدونة الشغل.
وأضاف رئيس النيابة العامة، أن وضع القوانين وتجويدها ليس غاية في حد ذاته، وإنما يعد وسيلة لبلوغ الأهداف التي تسطرها الدولة، وهنا تكمن أهمية دور القضاء الموكول إليه أمر تطبيق النص القانوني على وقائع معينة، على نحو يجعله مؤهلا لحماية النظام العام الاقتصادي وتحقيق الأمن القضائي، كما ينص على ذلك الفصل 117 من دستور المملكة، ومن أجل تحقيق أهداف المرحلة الجديدة التي أعلن عنها الملك في خطاب العرش لسنة 2018 بالتأكيد على أن : “الهدف المنشود هو الارتقاء بتنافسية المقاولة المغربية، وبقدرتها على التصدير، وخلق فرص الشغل، ولا سيما منها المقاولات الصغرى والمتوسطة، التي تستدعي اهتماما خاصا؛ لكونها تشكل 95 في المائة من النسيج الاقتصادي الوطني.
وقال عبد النباوي، إن القضاء في المغرب كان دائما مواكبا للإصلاحات الاقتصادية، حيث ابتكر حلولا واجتهادات كانت تقدم أجوبة ملائمة لمشاكل التجارة والمقاولات في غياب النص القانوني أحيانا، كما هو الشأن في استناد محكمة النقض إلى أحكام اتفاقية نيويورك للتحكيم قبل صدور القانون المغربي للتحكيم والوساطة، وتطبيقها لاتفاقية هامبورغ في مجال النقل البحري بالأولوية على بعض مقتضيات القانون الوطني )الفصلين 221 و262 من القانون التجاري البحري(، بالإضافة إلى حماية حقوق المقاول تجاه الإدارة في الصفقات العمومية، وغيرها من الأمثلة التي تؤكد على انخراط القضاء في تطوير المنظومة القانونية بما يتلاءم وأهداف تحسين مناخ الأعمال و تشجيع الاستثمار.
واعتبر رئيس النيابة العامة، أن دور القضاء في حماية الاستثمار لا ينتهي عند حدود تطبيق القانون بعدالة وإنصاف، وهما قيمتان لا مناص عنهما في أداء العدالة المستقلة، وإنما يتطلب كذلك أن يخضع اجتهاد القضاة للمبادئ الناظمة للأمن القضائي، التي تجعل المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين مطمئنين على استثماراتهم وعملياتهم، من جراء استقرار الاجتهاد القضائي من غير جمود، وتطوره من غير تسرع، رعياً لمتطلبات السوق وقواعد المنافسة الحرة وحماية حرية العمل وحقوق الأجراء وضمان استمرار المقاولة.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية