الوردي لمحامي “البيجيدي”: تُمارس أسلوب “تشكامت” الرخيص

لا زال النقاش بين نائب وكيل العام بمحكمة الإستئناف بالدار البيضاء حكيم الوردي، ومحامي حزب العدالة والتنمية عبد الصمد الإدريسي، عبر وسائط التواصل الإجتماعي حول قرار قاضي التحقيق بإحالة ملف القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد العالي حامي الدين على غرف الجنايات بمحكمة الإستئناف بفاس بخصوص الطالب اليساري آيت الجيد بنعيسى.

وقال حكيم الوردي عضو المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بالدار البيضاء في تدوينة له، بأن “القضاة يستمد حقهم في التعبير من المادة 111 من الدستور والاتفاقيات الدولية ذات الصلة ولاسيما مبادئ بانغالور التي وبمناسبة أضعها رهن إشارة زميلنا المحامي عبد الصمد الإدريسي للاطلاع على متنها وشروحاتها كما صاغها رؤساء المحاكم العليا وكبار قضاة العالم الحر، عساها ترفع عنه الجهالة وتخرجه من الضلالة هو وصحبه ليراجع أسلوب “تشكامت” الرخيص وتكرار  اتهامي بممارسة السياسة ( متلما كان يُتهم الوطنيين زمن الحماية ) الذي دأب على استعماله مؤخرا في الرد على ما أتداوله من أفكار كمواطن أولا وكجمعوي مهتم بمنظومة العدالة باعتباره جزء منها ثانيا”.

وشدد الوردي بأن صفته “القضائية كنائب للوكيل العام فلا علاقة لها بما أبديه من آراء وتبقى منحصرة في قاعة المحكمة وأشغال المكتب المنوطة بي إداريا. بالأحرى أن أنوب في الكلام عن النيابة العامة كسلطة قضائية لها من يتحدث باسمها ولها رجالاتها المبرزين والمفوهين المترفعين عن الجدال السياسوي الضيق، لذلك أقول لزميلي عبد الصمد الإدريسي ولغيره أنه لا يليق بنا كحقوقيين أن نصادر حق القضاة في التعبير مهما كان صوتهم مزعجا، وأنني قبل أن أكون قاضيا فأنا مواطن تخنقه الوصاية ولا تنال منه الوشاية، يغرد حرا في السماء مثلما كان قبل أن يرتدي جبة القضاء، ولي مقالات منشورة منذ أكثر من ربع قرن لذلك أترفع عن الرد على ذ الإدريسي عندما يستصغرني أمام ملفاته الكبرى، و يستخف بي كقلم مأجور لجهة رسمها في مخيلته واستأثر بعلمها لوحده ، وأكتفي بشكره لأنه دعاني إلى الجواب عندما اعتبر أن ردي فج ومبتذل على إشكالية قانونية تورط فيها قاضي التحقيق بفاس”.

وأوضح بأن “الاهتداء في هذا الرد السريع بمقتضيات القانون وأحكام القضاء، غايته الرفع من مستوى النقاش القانوني الرصين، والابتعاد عن خفة رجل السياسة التي طمست هوية ذ الإدريسي كمحامي جدير به أن يناقش القانون، و دون أن يعد ذلك تعليقا على قضية معروضة أمام القضاء حسبما حسم ذلك شراح مبادئ بانغالور الذين ألحوا على وجوب مشاركة القضاة في النقاش العمومي حول قضايا قانونية بشكل أكاديمي مع الاقتصار في النقاش على الجانب الإجرائي الصرف ودون المساس بقرينة البراءة”.

وتابع الوردي رئيس تحرير مجلته القانونية، “أن أمره بالإحالة على غرفة الجنايات لا يقبل سوى الطعن بالنقض مع الحكم الفاصل في الجوهر ( المادة 524 من قانون المسطرة الجنائية )، لذلك يبدو مستغربا التعبير عن الاستنكار في مواجهة القرار بالإحالة في قضية آيت الجيد (الذي للإشارة أصبح متاحا بعدما رفعت السرية عن ملف التحقيق) والحال أن الدفوع المؤسسة على المادتين 4 و 369 من ق م ج وغيرها من الأسانيد ( بعضها جاء في تدوينة معالي السيد وزير الدولة في حقوق الإنسان ذ مصطفى الرميد، والبعض الآخر جاء في بيان الأمانة العامة للحزب، ولفريقه البرلماني…) قدمها دفاع المتهم بمقتضى مذكرة أمام قاضي التحقيق ملتمسا منه عدم قبول الشكاية المباشرة ، فأصدر قاضي التحقيق أمره بقبول الشكاية المباشرة اعتمادا على المادة 95 ق م ج، وبلغه إلى دفاع المتهم الذي استأنفه خارج الأجل القانوني المنصوص عليه في المادة 223 من ق م ج ( الثلاثة أيام الموالية ليوم تبليغ الأمر للمتهم طبقا للمادة 220 ق م ج )، فلم تجد الغرفة الجنحية بدا من الحكم بعدم قبول الاستئناف”.

وأبرز أنه “لضيق المقام عن تفصيل الكلام في الإشكال، ولكون منتقدي قرار قاضي التحقيق بفاس زميلنا الأستاذ الطويلب جزء منهم أعضاء في الحكومة وجزء في البرلمان أكتفي في الجواب بالإحالة على الأعمال التحضيرية للمسطرة الجنائية التي تضمنت رد الحكومة بمناسبة مناقشة المادة 227 ق م ج في البرلمان عندما أوضح ممثلها أنه لا مجال لمناقشة أعمال قاضي التحقيق أمام هيئة الحكم والحال أن القضية عرضت على الغرفة الجنحية، وكان هناك المجال الواسع للطعن ببطلان إجراءات التحقيق، وأنه يتعين أن تنصب المناقشات أمام هيئة الحكم بعد الإحالة على جوهر القضية، لا على إجراءات التحقيق ( تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، الجزء الأول ص 185 وما بعدها). وهو نفسه موقف المشرع الفرنسي (الدكتور ميلود الحمدوشي: بطلان إجراءات التحقيق )”.

واعتبر الوردي في رده الذي عنونه بـ”خفة السياسة وتقل القانون”، بأن  “هذا الأساس فإن التعبير عن الاستياء والاندهاش يبقى مجرد حالة شرود قانونية في تتبع المتذمرين لملفهم واستيعاب إجراءاته القانونية الصرفة التي لا للنيابة العامة ولا قاضي التحقيق يعدان طرفا فيها، مادام أنه انطلق بشكاية مباشرة تقدمت بها عائلة الضحية في إطار المواد 92 وما يليها من قانون المسطرة الجنائية، وأن الذي يقيم الدعوى العمومية في الشكاية المباشرة ليست النيابة العامة ولكن الطرف المتضرر ( الفقرة 3 من المادة 3 ق م ج ).

وأورد في تدوينته بأنه “مادام الأستاذ عبد الصمد الإدريسي وصحبه اختاروا التقييم والقدح في عمل قاضي التحقيق خارج أسوار المحكمة فلا بأس من أن نذكرهم بأن قراءة سريعة للجانب الشكلي لملف القضية الذي لم يعد سريا بعد الإحالة على غرفةالجنايات تثبت أن هناك تقصير جسيم من جانبهم في تتبع إجراءاتها مسطريا وربما كانوا يعولون على الضغط والثقل الحزبيين لمعالجتها، بدليل استئنافهم لقرار قاضي التحقيق في ما يعتبرونه دفوعا جدية خارج الأجل القانوني، وهي واقعة يعرف الأستاذين المحترمين مصطفى الرميد وعبد الصمد الإدريسي بصفتهما محاميين أنها تشكل خطأ موجبا للمساءلة التأديبية مهنيا وللتعويض عن التقصير مدنيا، فماذا إذا عن الدفع بقوة الشيء المقضي والتقادم طبقا للمادة 4 من قانون المسطرة الجنائية وعدم جواز المحاكمة عن فعل واحد مرتين طبقا للمادة 369 من قانون المسطرة الجنائية”.

وأفاد بأنه “بصرف النظر عن كون قرار الحفظ المتخذ من طرف السيد الوكيل العام للملك لدى استئنافية فاس سنة 2012 وقرار قاضي التحقيق بعدم فتح تحقيق سنة 2013 لا يعتبران حكما حائزا لقوة الشيء المقضي ولا سببا ماسا بالدعوى العمومية كمانع من فتح تحقيق طبقا للمادة 93 فق3 من قانون المسطرة الجنائية، فإن ذلك لا ينفي أن مشروعية تعليلهما آنذاك كانت مؤسسة قانونا، ولا أحد قال بتدخل الأستاذ مصطفى الرميد من موقعه كوزير للعدل فيما انتهت إليه، ولست أدري كيف اختلط الأمر على الزميل عبد الصمد الإدريسي عندما ملأ الغل قلبه وانطمست بصيرته فواصل حملته الاستعدائية ضدي محرفا الكلم عن مواضعه، وناسبا إلي تهمة القدف في حق ذ مصطفى الرميد الذي لا خلاف لنا مع شخصه المحترم ولكن مع تدوينته التي أضحت بنشرها في الفضاء الأزرق مشرعة على النقاش العمومي الحر والمسؤول”.

وتابع بالقول: “ولا أعتقد أن مناضلا حقوقيا ووزيرا سابقا للعدل والحريات ووزيرا حاليا للدولة في حقوق الإنسان سيشرفه ما يشيعه زميله ذ عبد الصمد الإدريسي من ترهيب وتهديد بالإحالة على مقاصل التأديب، ومصادرة الحق في الإختلاف، مع التذكير كشهادة للتاريخ أنه وفي عز التجاذب مع الأستاذ الرميد كوزير للعدل والحريات كتبت مقالات عديدة أنتقد بعضا من قراراته في صفحة نادي قضاة المغرب على الفايس بوك تحت عنوان وحي القلم، ولم يصلني منه كوزير أي تهديد أو عتاب، وعندما جرى تهديده من طرف قوى إرهابية ورغم الاختلاف كتبت مقالا تحت عنوان ( مع الرميد ضد الإرهاب )، لذلك يجدر بزميلنا عبد الصمد الإدريسي أن يتحلى بالنزاهة الفكرية عند التعقيب و أن يرقى إلى مستوى مناقشة الأفكار في حد ذاتها بدل التفتيش عن خلفياتها”.

وتابع المصدر نفسه قائلا “الواقع أن قرار السيد قاضي التحقيق الذي اتهمه السطحيين بالإجتهاد الأخرق، يبقى مؤيدا بالعديد من قرارات محكمة النقض الفرنسية المنشورة لمن أن أراد أن يطلع أو يلقي السمع وهو شهيد، من بينها على الأقل ثلاث قرارات أكدت على أنه ليس هناك ما يمنع من المتابعة من جديد عن القتل العمد رغم سبقية الحكم من أجل القتل الخطأ متى ظهرت أسباب وأدلة جديدة لاحقة تثبت أن موت الضحية ناتج عن فعل عمدي للمتهم دون أن يشكل ذلك ضربا لمبدأ عدم جواز المحاكمة عن الفعل الواحد مرتين ( قرارات الغرفة الجنائية لمحكم النقض الفرنسية منشورة بالمجلة الجنائية ومجموعة داولوز تحت المراجع التالية : Cass.crim.25 mars 1954.Bull.121/ cass.crim.19 mai1983.Bull.121/ d 1984.51 ).

وختم الوردي كلامه بالقول: “كما لا يفوتني في الأخير أن أوجه التحية لزميلي الأستاذ عبد الصمد الإدريسي الذي أخرجتني تدويناته بعدوانيتها المستفزة من روتين عطلة قصيرة أقضيها كالعادة مستمتعا بتفاهتي تارة في البيت بين صغاري وتارة أخرى على رصيف المقاهي صحبة أصدقائي، ودفعتني إلى خوض نقاش قانوني صرف بصفتي مواطنا، جمعويا، وقبل ذلك باحثا في صف الدكتوراه، أما صفتي القضائية كنائب للوكيل العام فسرعان ما أنساها بمجرد أن تتخطى قدماي عتبة المحكمةـ وإن عدتم عدنا”.


أصوات من داخل مكتب ومنخرطي الرجاء ترفض التعاقد مع مدرب سابق للفريق

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى