لزرق يستعرض واقع المشهد السياسي ما بعد بنكيران
عرف المشهد السياسي بالمغرب، في الآونة الأخيرة، تحولات جذرية، أدت إلى أفول نجم قادة أحزاب سياسية، كان لهم حضور وازن على الساحة السياسية إلى وقت قريب؛ وكان آخر هذه التطورات وقوف تيار ” الإستوزار” ضد ترشح عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية لولاية ثالثة، مما يعني بشكل أو بآخر الموت السياسي للزعيم الذي تلقى قبل ذلك ضربة تمثلت بإعفائه من منصب رئاسة الحكومة من قبل الملك، بعد فشله في تشكيل حكومة.
في هذا السياق، يرى الباحث في الشأن السياسي، رشيد لزرق، أن التطورات الأخيرة تفرض على حزب العدالة والتنمية الدخول في منعطف مفصلي يفرض عليه الوضوح السياسي الذي يستوجب الاجتهاد في تطوير أطروحته السياسية بغية ضمان التحول نحو حزب مدني كغيره من الأحزاب الديمقراطية.
وأوضح أن حزب المصباح مطالب بـ” تبني خطاب عقلاني متحرر من هواجس الهيمنة التي كانت تسكن الرعيل الأول المؤسس للجماعة”، مشيرا إلى أن المؤتمر القادم مؤتمر ” تقييم التجربة الحكومية والاستفادة من النقائص التي اعترضت التجربة الأولى”، والتي طبعها، في رأي لزرق، نزوع نحو ”التصادم واستعمال لغة المزايدة عوض لغة المقارعة ورفع الصوت عوض الخطاب الهادئ”.
وشدد ذات الخبير في القانون الدستوري، على أن مرحلة بنكيران شكلت صدمة للحزب الذي لم يكن مهيئا لها؛ سياسيا ومشاريعا، لهذا طغى على المرحلة” الفقر الفكري” ومواجهات حادة تم التعتم عليها عبر تصديرها للخارج، مكنته من إلغاء المخيال الشعبي، عبر لعب دور المفعول به سياسيا ومهاجمة من سبقوه.
وأضاف أن” بيجيدي”، حقق فوزه في الانتخابات نظرا لضعف المعارضة وعدم مصداقية قيادتها، إلا أن بنكيران لم يحسن تدبيرها بواقعية، ” إذ أبقى على نفس أسلوب المزايدة”، يقول لزرق، مضيفا أن بعض وسائل الإعلام جعلت من بنكيران ”ظاهرة سياسية” وأظهرته كقوة مما ولد لديه تضخم الذات، معتبرا نفسه حاجة وطنية لا غنى عليه ، اتجه إلى إدارة مفاوضات تشكيل الحكومة بأسلوب إذعان ورفع الصوت، مما خلف تغذية النعرات السياسية بين مختلف الأحزاب فيما بينها، محاولا تطبيق منهج فرق تسد على الحكومة، هذا المسار أدى إلى انحباس سياسي لمدة تزيد عن نصف سنة، رهنت البلاد ولم تنتهي الأزمة إلا بعزله وتعيين سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة.
وكشف لزرق أن العثماني وان نجح في تشكيل الحكومة، فإنه وجد نفسه محاصرا بين رغبة بنكيران ما اعتبره خصومه “إهانة العزل”، بين مستلزمات الانخراط الحكومي، جعل حكومته تعرف تخبطا وارتباكا حقيقيا في التعاطي مع الأزمات، وبدأ ذلك واضحا في في التعاطي مع أحداث الحسيمة.
وقال ذات الباحث إن الحزب الفائز مدعو خلال مؤتمره القادم أن يكون مؤتمرا للوضوح وما يفرضه ذلك من ضرورة الفصل بين المجال الدعوي والسياسي، وضرورة ممارسة نقد ذاتي يقوم على تقييم التجربة الحكومية، والإجابة على الأسئلة الحارقة، والتحديات الوطنية التي تفترض حكومة فاعلة و برلمان قوي، يقوم بينهم تعاون لاستكمال المخطط التشريعي الذي يبقى لا مناص منه لاستكمال البناء المؤسسات.
وزاد قائلا إن الحكومة الحالية جعلت العديد من القيادات تشن هجوما على التحالف الحكومي بدعوى خضوع العثماني للأغلبية الحكومية، رغم ما تعلمه، هذه القيادات قبل غيرها، بأن ” المرحلة حرجة، بسبب الإكراهات الدولية والإقليمية والتي تستدعي حكومة قوية وفاعلة أسلوبها قوى الاستقطاب داخل الأغلبية الأمر الذي يذكي الخلافات ويجعلها قابلة في أي وقت للانفجار من الداخل، وهو اتجاه لا يخلو من خطورة في إدخال البلاد في انحباس سياسي، في وقت من المفترض فيه أن تدخل في مسار تنموي ينهض بالاقتصاد الوطني ”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية