القدس العربي: المغرب يُشيد سياجا شائكا حول سبتة المُحتلة
استغربت تقارير صحافية إسبانية الصمت الذي تضربه حكومة مدريد بشأن السياج الشائك الذي أقامه المغرب حول سبتة، وقالت إن هذا السياج لا يوجد على الجانب الإسباني، بل على العكس تماما، بل وأكثر ضررا، فهو على الجانب المغربي من الأراضي الإفريقية الواقعة تحت حكم إسبانيا، وكل ذلك بدون شكوى من وزارة الداخلية الإسبانية إلى حكومة الرباط، على الرغم من أن الوزير فرناندو غراندي مارلاسكا قد أزال تلك الشفرات التي وضعتها إسبانيا في عام 2005، إبان فترة خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، وفق ما أوردته “القدس العربي”.
فبعد زيارته الأولى للمغرب خلال يونيو 2018، وعد الوزير بالعمل جنبا إلى جنب مع سلطات البلد المجاور لتصميم الحدود الجديدة. لكن الداخلية الإسبانية، كما تقول تقارير صحافية، تضرب جدارا من الصمت “أمام المملكة المغربية، لأنها ترى أنه لا يجب ولا يمكنها التدخل فيما تفعله السلطات المغربية في أراضيها”.
الأوامر الواردة في الداخلية الإسبانية، وفقًا للمسؤولين عن هذه الإدارة، لن يتم التشكيك فيها على أقل تقدير في السياج الجديد الذي انتهى المغرب من تشييده في الأيام الأخيرة في سبتة، الواقع على طول ثمانية كيلومترات من محيط الأمن الإسباني.
وتقول مصادر إسبانية إن إسبانيا لم تنبس بكلمة واحدة، على الرغم من أن التقارير التي تصل إلى طاولة الوزير فرناندو غراندي مارلاسكا تصر على أنه سياج بدائي، وعاجز على التصدي لقفزات المهاجرين، وأن الشيء الوحيد الذي يمكن فعله تعميق جراح المهاجرين، بنسبة أكثر من تلك الناجمة عن السياج الإسباني الشائك، الذي سيتم إزالته من حدود مدينتي سبتة ومليلية.
وتضيف التقارير الإسبانية أن السياج الذي بدأ المغرب بتركيبه في نهاية يناير (بعد أيام فقط من موافقة مجلس الوزراء الإسباني على صرف 32 مليون دولار لتحسين محيط المدينتين وإزالة الشفرات) هو عبارة عن سلك شائك “بدائي تمامًا”، يبلغ ارتفاعه متران، ويتكون من طبقتين من السياج المتداخل والضخم، أحدهما فوق الآخر.
ويدعم هذا السور، الذي يوجد على أرض مغربية وبالتوازي مع البنية التحتية للمحيط الإسباني، بخنادق لإيواء الخدمات الأمنية والعسكرية في البلد المجاور.
وبحسب مصادر الأمن القومي الإسباني، فقد بدأت السلطات المغربية بالفعل جهودًا لشراء ما يكفي من الأسلاك لرفع سياج مماثل على طول اثني عشر كيلومتراً من محيط مليلية.
وأعلن فرناندو غراندي مارلاسكا رسميًا، في يونيو من العام 2018، بعد زيارة للرباط، عن مشروعه لإزالة الأسلاك، قائلاً: “يتعين على المغرب وإسبانيا أن يتفقا بشكل صحيح على كيفية إنشاء الحدود وكيف ينبغي تنظيمهما وفقًا للمعايير الأمنية”. وأصر الوزير الإسباني حينها على التنسيق مع سلطات البلد المجاور عند تصميم المحيط الجديد.
ولكن الواقع كان مختلفًا تمامًا، فالرباط لم تحذر مدريد من أنها في بداية العام المقبل ستبدأ في تشييد سور من الأسلاك الشائكة التي ستنسجها إسبانيا.
وفي فبراير الماضي، نفى المغرب للداخلية الإسبانية أن هذه البنية التحتية كانت سياجًا حدوديًا، مما يضمن كونها شرفات لضمان أمن المناطق العسكرية ومخيمات الجيش في الحدود. ودفعت هذه التصريحات الداخلية الإسبانية في بداية العام إلى إنكار أن المغرب يرفع السياج الذي تم تركيبه للتو.
ويرى الإسبان أن عدم وجود شفافية للمغرب في هذه المسألة لم يكن المشكلة الوحيدة للاتصال الداخلي، حيث أعلن الوزير نفسه، في زيارة إلى سبتة خلال شباط/ فبراير الماضي، أن الشفرات سيتم إزالتها في غضون أسابيع. وكل هذا على الرغم من حقيقة أن وزارته قد تلقت للتو التقرير الفني الهائل عن بدائل الأسلاك الشائكة الموكلة إلى “إسديف”، شركة الاستشارات والهندسة العامة التابعة لوزارة الدفاع.
وهذا التقرير هو الذي أوصى باختيار تثبيت النظام: “شبكة عالية الارتفاع بعشرة أمتار (مقارنةً بالستة الحالية)، مقسمة إلى أربعة أقسام”، الثلاثة الأولى سيكون ارتفاعها ثلاثة أمتار وستكون من مواد مضادة للسقوط، كما سيتم تجهيز الأخير بـ”مواد مضادة للتدخل غير ضارة”، والتي لم يكشف الإسبان بعد ما هي وكيف ستكون.
الوعد الأخير من الوزير مارلاسكا أنه بحلول عام 2020 ستكون “أعمال الأسوار مجهزة بالكامل”، رغم أنه بعد عام وشهرين من وعد الوزير بإنهاء تلك الأسلاك الشائكة لم يبدأ العمل بها.
وتجدر الإشارة إلى أن شفرات السياج الذي تستعمله إسبانيا أصغر من الإبهام، ولها شفرة مزدوجة، مع وجود سلك ملفوف بهندسة مضطربة.
وتعد أسوار سبتة ومليلية العنصر الأخير لمقاومة قفزات المهاجرين الذين لا يمكنهم دخول أوروبا إلا من خلال هذه الأبواب المحظورة، وهي مثل أي سياج شائك، فهي مصممة لإلحاق الأذى بالجسم، ومن خلال الألم أو الخوف تعيق التقدم.
لكن تلك الشفرات ليست فعالة، وفقا لفيرونيكا باروزو، المسؤولة عن السياسة الداخلية بـ”منظمة العفو الدولية”، التي ترى أن “الأشخاص الذين يعانون من الاضطهاد أو النزاعات أو الفقر المدقع في بلدانهم، ويريدون الوصول إلى أرض يتمتعون فيها بحياة أفضل، لن يتوقفوا عند شفرات السياج، حتى لو علموا أنهم يعرضون حياتهم للخطر”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية