موقف الاستقلال من قانون التعليم من أجل الوطن
أيوب مشموم*
أتفهم جيدا عتب بعض الاخوات والاخوة من التصويت بالامتناع على القانون، على الأقل بالنسبة إلينا كحزب الإستقلال، خصوصا وأن هناك الكثير من اللغط و التحوير في هاته النقطة بالضبط، والتي يراد لها كما أريد لقانون الأمازيغية من قبل اللعب بالكلمات والجمل والمواقف لتسجيل أهداف سياسوية ضيقة، في حين أن الهدف كان تجويد النص وتقويته وضبطه إيمانا بقضية اللغة الأمازيغية وليس ضدها وهو ما تأكد في ما بعد، واليوم، في قانون التعليم كذلك، وللأسف الكثير من جبلتنا انساق وراء هذا الكم الهائل من الإشاعات، وأن التحوير بلغ مداه بحيث تقلب الصورة تماما عكس حقيقتها، والآن تعاد بنفس الطريقة و الأسلوب.
ما يجب على الجميع استيعابه هو أن حزب الاستقلال أدار سجال هذا القانون بحس عالي من المسؤولية الوطنية والتاريخية، وأن تصويته بالامتناع اليوم هو موقف له وليس عليه، هاته المسؤولية التي جعلت من القانون بالنسبة لحزبنا قابل للامتناع عوض الرفض التام، وعكس ما يشاع نحن الحزب الوحيد الذي امتنع عن التصويت على القانون بكل مواده وليس الامتناع عن مادة منه والتصويت عليه في شموليته كحال الحزب الأغلبي، ويجب أن نميز بين الموقفين.
السؤال المحوري الذي يجب أن نطرحه هو ماذا لو رفضنا القانون جملة و تفصيلا؟، كنا سنلبس مظهر البطل ونتغنى بمعاني الثورة ونلبس حلة العنيد المشاكس الثابت المغوار، ولكن كلها مكاسب سياسية وحزبية ضيقة، لأن في الختام سيمرر القانون بكل عاهاته و مساوئه، وسنقضي على مستقبل الأجيال القادمة، وعندها كنا سنكسب موقف سياسوية ونخسر مصلحة وطن، المعادلة كانت بهذه البساطة تماما، وحزب الاستقلال اختار أن يكسب وطن على أن يكسب مساحيق تجميل لن تخطئها عين المواطن، ولأهداف انتخابية ليس إلا.
في معركتنا من أجل القانون كنا سنخسر مجانية التعليم وحزبنا من أدخل التعديل وليس أي حزب آخر، كنا سنودع اللغة العربية للأبد و حزبنا من ناضل بقوة و أدخل مادة خاصة باعتماد اللغة العربية كلغة أساسية للتدريس إلى جانب تطوير اللغة الامازيغية لسد أي اجتهاد في القوانين التنظيمية لضرب مبدأ التدريس باللغة العربية وحزبنا من أدخل هاته المادة وليس أي حزب آخر، حزبنا من دافع عن تعدد لغات وليست ازدواجية اللغات كما كان في النسخة الأولى، إلى جانب تمكين المتعلمين من اللغات الأجنبية (و ليس لغة واحدة كما كان) قبل بلوغ سن 6، وحزبنا من دافع عن مبدأ التدرج وهو بالمناسبة نقطة مهمة جدا بحيث سيتيح لنا تقييم الوضع وتكوين الاساتذة في اللغات و تهيئ أرضية قوية لإنجاح مشروع التعليم.
كل هاته التعديلات وأكثر ساهم بها الفريق الاستقلالي للوحدة و التعادلية، في معركة اللجنة، يجب أن لا نسقط من خلدنا أن تمثيلية الفريق في اللجنة ست نواب فقط من أربعة و أربعين نائب برلماني ممثل في اللجنة، وقاموا بكل هاته الاختراقات والتعديلات في القانون، مقابل الامتناع عوض الرفض، إذن فموقف الإمتناع له ما يبرره والعكس يعد شرف استقلالي في معركة حققنا في مكاسب للوطن بشرف عوض السياسوية وبيع الاوهام.
إن موقف الحزب اليوم وفريقه النيابي منسجم تماما مع مخرجات دورة المجلس الوطني الاخيرة المنعقدة بسلا والتي أكدت على موقف الحزب الثابت من مشروع قانون الإطار حول التعليم انطلاقا من مرجعيتنا في التعادلية الاقتصادية والاجتماعية، ويؤكد المجلس الوطني على ضرورة الالتزام بالثوابت الجامعة للأمة المغربية، وإعطاء الصدارة للغتين الرسميتين، العربية والأمازيغية، مع تعزيز اللغة العربية وتنمية استعمالها والتعجيل بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وذلك وفق ما جاء به الدستور، مع الانفتاح على اللغات الأجنبية الأكثر تداولا للولوج إلى مجتمع المعرفة، وهو نفس الموقف المنسجم كذلك مع مخرجات دورة اللجنة المركزية التي أكدت على اعطاء مفهوم التناوب اللغوي مضمونا وطنيا يأخذ بالتعدد وليس بالثنائية اللغوية كما كان في مشروع الحكومة، وتعلن عن تشبثها بالاحتفاظ للغتين الرسميتين للدولة بمكانتهما الأساسية في هذا التناوب، مع التأكيد على الوتيرة التدريجية التي تمكن من توفير الموارد البشرية الكافية من الأساتذة حتى يستفيد كل التلاميذ، أينما كانوا من منافع التدريس بالعربية والأمازيغية وباقي اللغات الحية. مع جعل اللغة العربية هي اللغة الأساسية للتدريس في مختلف المستويات.
* عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال