رشيد بووشمة يكتب: الأداء السياسي بين المبدأ والفعل.. الإسلاميون نموذجا

السياسة في التوصيف والمدلول تختلف من فقيه سياسي لآخر ، وعموما كما يحددها فقهاء القانون هي مجموعة القواعد و المبادئ والأنظمة ، التي يضعها أهل الرأي، في أمَّةٍ من الأمم؛ لتنظيم شؤون حياتهم الاجتماعية، والاقتصادية، تنظيماً آمِراً مُلْزِماً، استجابةً لمتطلبات الحياة وسدّاً لحاجاتها. وهنا كان لزاما علينا الإشارة إلى الفرق بين الدولة ونظام الدولة، أو بمعنى آخر، الفرق بين النظام السياسي والنظام الدستوري، بالرغم من كون البعض يعتبرهما أمرا واحدا. هذا على ٱعتبار أن النظام السياسي هوالشكل الخارجي للسلطة العامّة وما يعتمده من قواعد تُحَدِّد شكل الدولة أو الحكومة القائمة على شأنها ووظائفها القانونية، وكيفية ممارسة السلطة من خلال دراسة النصوص الواردة في الدستور .

إلا أن في بلادنا لا يمكن الجزم بأن الحكومة تقوم مقام الدولة فبالأحرى أن تكون هي الدولة نفسها، وهذا أمر لا نرده إلى طبيعة التعاقب الناتج عن الإستحقاقات الإنتخابية وما تفرزه من أغلبية مكونة للحكومة، وإنما لأمور أخرى على الحكومة نفسها أن تجيب عنها بدلا من التستر وراء ضبابية سياسية لم تعد تجدي.

فإن كان الأمر يتجاوزها، لم يعد بدا من التعنت والتمسك بالكرسي الذي نشدوه بحجة القدرة على ٱستثماره إيجابيا في خدمة الصالح العام، في حين بقي الأمر على ماهو عليه ، عدى بعض التغييرات الإيجابية الطفيفة التي نثمنها ولا نجحدهم حقهم في الاعتراف بها بالرغم من كونها لا ترقى إلى مستوى التطلعات ، خصوصا وأن الشعارات التي رُفعت في الحملات الإنتخابية والإنتقادات الموجهة سابقا وقت المعارضة تفوق بكثير الإنجازات الراهنة في موقع الحكومة.

والمطالبة بإزالة مهرجان موازين وٱستثمار أمواله لصالح الشعب في مداخلة نارية لإحدا البرلمانيات المحترمة من موقع المعارضة آنذاك لا زالت عالقة بذهني، والسيدة المحترمة بعدما استوزرت صمتت وعجزت عن التغيير بل وحولت رأيها السابق عن مجراه الأول، أم أنها دارت غي فلكهم وسبحت مع التيار إذ لم تقدر على السباحة ضده ، أم دعني أقول أن تسلم زمام الأمر بالحكم أفقدهم القدرة على الحكامة.

ما نعيبه هو إدعاء الصواب والقدرة على التغيير ، وما نطالب به هو التواضع والتشارك ورفع مستوى الخطاب السياسي والتعامل مع بقية الفرقاء بالتعاون لخدمة مصالح البلاد والعباد ، فالمواطن لم يعد قادرا على الصبر وتحمل قساوة الظروف المعيشية وضياع مصالحه بين المزايدات السياسية العقيمة .

إن أسلمة المشهد السياسي بتوفير وزراء إسلاميي الشكل أو الخطاب لن يؤسلم المشهد الإجتماعي والحياتي أبدا ، وتجربة الجزائر على قدمها خير دليل، بحيث أصبح الزي الإسلامي ظاهرة ٱجتماعية، إلا أن السلوك الإسلامي لم يتحقق بالشكل المطلوب.

ثم تلت ذلك تجارب عديدة أفضت لنفس النتائج لاعتمادها نفس المنطلق والنهج الفكري والسلوكي، بخلاف التجربة التركية الناجحة بشكل كبير لٱعتمادها على مقاربة ٱجتماعية قويمة وسياسة مستوعبة وتنزيل برامج فاعلة تخدم مصلحة الوطن والمواطنين بشكل مباشر. فمعيار وصف السياسة والدَّولة بأنَّها إسلامية أو غير إسلامية هو القوانين التي يُحكم بها؛ فإن كانت قوانين إسلامية فهي دولة إسلامية، وإن كان جل أهلها من غير المسلمين؛ وإن كانت قوانين غير إسلامية فهي دولة غير إسلامية، وإن كان جُلّ أهلِها من المسلمين.

ووصف قانون مُعين بكونه إسلامي لا صلة له بأشكال المصطلحات بل بمضامينها، فدرء المفسدة وجلب المصلحة والأولوية فيما بينهما قاعدة فقهية عكسها رواد الإسلام السياسي عندنا، بحيث فضّلوا جلب المصلحة السياسية ــ وياليتها كانت مصلحة عامة ــ على درء المفسدة التي وقعت على المجتمع ، فعكسوا القاعدة وأثرها كذلك، بحيث ٱستفادوا هم بتجنب ضربات معينة ونهلوا من وديان المادة والترف ـ والفاهم يفهم ـ وتركوا الشعب يواجه خرقا وٱختراقا ثقافيا وفنيا لا أخلاقيا تربّع في بيوتهم قسرا وبشكل قانوني يأخذ مصداقيته من الدولة بشكل مباشر.

فحلّل وناقش … وما مهرجان موازين إلا نموذج من رقعة الصراع السياسي الكبير الذي تحضر فيه جميع مكونات المرميطة السياسية من حكومة ومعارضة ودولة عميقة ورأسمال وٱنتهازيين وبزناسا وسماسرة. نحن مع الفن الهادف ومع السياسة القويمة ومع الحكامة الجيدة في جميع المجالات.

عشت ياوطني.

 

 


انخفاض أسعار اللحوم الحمراء المستوردة ومهني يوضح لـ “سيت أنفو”

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى