رشيد أهمو يكتب: التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني.. المشاكل والحلول

*رشيد أهمو

يعرف التعليم عن بعد عدة مشاكل وإكراهات تطفو على السطح، وتنعكس سلبا على الوضع التعليمي ببلدنا في ظل ظهور وباء كورونا الذي عصف بالأخضر واليابس مما دفع وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي لنهج واعتماد التعليم عن بعد باعتباره حلا وخيارا وحيدا خصوصا مع توقف الدراسة الشيء الذي ترتب عنه إغلاق للمدارس، وتفكير الوزارة الوصية عن القطاع في الوسائل والإمكانات الممكنة لربط التواصل بين الأساتذة ،وتلاميذهم. وهنا تبدأ مشاكل التعليم عن بعد بصفة عامة ومشاكل التعليم الإلكتروني بصفة خاصة ،ويمكن مناقشة القضية على ضوء مايلي:

أولا : تعريف التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني.

لقد عرفه هولمبرغ holmberge في عام 1970 : على أنه ذلك النمط من التعليم الذي يشمل مختلف المكونات الدراسية لكافة المستويات التعليمية والتي لا تخضع فيها العملية التعليمية لإشراف مباشر ومستمر من الأساتذة في القاعات الدراسية، ولكن نجدد مكانه الوسائل التقنية من مواد مطبوعة ووسائل ميكانيكية وإلكترونية، بحيث تحقق الاتصال بين الأستاذ والمتعلمين دون الاتصال وجه لوجه.
ويعرفه نيجل neggil بأنه التعليم الذي يسمح للمتعلم باختيار متى يتعلم وكيف يتعلم وأين يتعلم وماذا يتعلم ضمن الحدود المتاحة.
وتعرفه اليونيسكو بأنه ” عملية تربوية يتم فيها كل أو أغلب التدريس من شخص بعيد في المكان والزمان عن المتعلم، مع التأكيد على أن أغلب الاتصالات تتم من خلال وسيط معين سواء كان إلكترونيا أو مطبوعا.
من خلال تتبع التعاريف السابقة نستشف أنها تجمع على أن التعليم عن بعد يتحدد في الزمان والمكان وتختلف طرق ووسائل إنجازه.
أما التعليم الإلكتروني فيمكن تعريفه على أنه جزء من التعليم عن بعد، ويعتمد فيه على مجموعة من الأجهزة الإلكترونية مثل: التلفاز والحاسوب والهاتف وذلك قصد إيصال الدروس والمعلومات للتلاميذ.

ثانيا: مشاكل التعليم عن بعد

يشهد التعليم عن بعد عدة مشاكل تتمثل في كون أغلب الأسر المغربية تعاني من العوز، والفقر، ولا تتوفر على حواسيب أو أنها لا تستطيع دفع تكاليف التزود بالأنترنت دون أن نغفل بعض المناطق النائية التي لاتتوفر على شبكة الكهرباء فما بالك بالحواسيب وصبيب الأنترنت ومن هنا يظهر جليا أن التعليم عن بعد لن يحقق النتائج المرجوة ،ولا نستطيع كما يزعم بعضهم تعويضه مستقبلا بالتعليم في الأقسام التعليمية. ومن مشاكل التعليم عن بعد أيضا تعذر إيصال المعلومة بالشكل المطلوب وخير مثال لذلك نأخذ أستاذا يتواصل مع تلاميذه عبر تقنية الفيديو ،والآخر غبر الواتساب فالذي سوف يوصل المعلومة بالشكل السليم والمقبول نسبيا هومن يعتمد تقنية الفيديو، أما من يتواصل معهم بالواتساب فسوف يجد صعوبات جمة في إيصال المعلومة بالشكل الجيد ،هذا من جهة ، ومن جهة أخرى يحتاج الأستاذ إلى الشرح والتوضيح أكثر من مرة.

وفي نفس الإطار لا يمكن أن نغفل أن هناك أيضا مشاكل صحية تتجلى بالخصوص في أضرار شبكة الحاسوب والهاتف ، أو التلفاز على التلاميذ فضلا على أن الجلوس لساعات طويلة متعب ومرهق ذهنيا سواء للتلميذ ، أو الأستاذ وعطفا على هذا نجد أن فترات التعلم طيلة اليوم وأخذ التلميذ لساعات مكثفة لمواد متنوعة وغير متآخية أحيانا يجعله في موقع ارتباك وضغط نفسي رهيب وهذا عائق ومشكل كبير من مشاكل التعليم عن بعد، علاوة على ذلك هناك مشاكل أخرى تبرز لنا من خلال عدم معرفة التلاميذ لكيفية التواصل إلكترونيا أثناء التعليم عن بعد وخير مثال على ذلك نجد تلاميذ الابتدائي والإعدادي على الخصوص، إذ لابد من جلوس أحد أفراد الأسرة للمساعدة في ربط جسور التواصل الإلكتروني بين التلميذ والأستاذ.

ومن العوائق أيضا عدم توفر الأسر المغربية على حاسوب أو صبيب للأنترنت للتواصل عبر إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، هذا بالنسبة لسكان المدن أما سكان القرى فبعضهم يعاني من العزلة وليس لهم تجهيزات كافية للتواصل إلكترونيا وبالتالي عائق في إنجاج التعليم عن بعد، كما ثمة مشكل آخر يكمن بالخصوص في عدم تلقي جل الأساتذة لتكوين ديداكتيكي حول كيفية تنزيل المادة إلكترونيا الذي يختلف اختلافا كبيرا عن تنزيل المادة داخل حجرات الدرس، وغياب أيضا لمشكل التكوين في كيفية التعامل مع المنصات التي وضعتها الوازارة الوصية ويتعلق الأمر هنا بمنصة ميكروسوفت تايمز سواء من قبل الأستاذ أو التلميذ وهذا الأخير يجهل طريقة إيصال رسالة عبر هاته المنصة أو أنه لا يملك حاسوبا أو هاتفا شخصيا للدخول للمنصة.

ولا بد من الإشارة أيضا إلى نقطة مهمة متعلقة بمشاكل التعليم عن بعد والتي تخص انشغال التلاميذ بالألعاب عوض تتبع الدروس في الوسائل الإلكترونية، أو نجد بعضهم شارد الذهن أثناء شرح أحد الأساتذة للدرس عبر التلفاز أو الهاتف أو من خلال تقنية الفيديو ،والبعض الآخر يرى أن الأمر لايهمه في ظل عدم تتبع الأسر لأبنائها وإذا ما قارنا هذا بالفصل الدراسي فإن المتعلم يكون مجبرا على الاهتمام بالدرس.

ومن المشاكل والإكراهات أيضا نجد تغيب أغلب، أو جل التلاميذ عن الحضور وتتبع التعليم عن بعد أو التفاعل إلكترونيا لأسباب أسرية اجتماعية، واقتصادية. والتفاعل أيضا يكون قليلا عكس التفاعل داخل الأقسام فالتلميذ يريد معلومة جاهزة من التعليم عن بعد وهذا سوف يجعل التلميذ غير قادر عن إنتاج أفكار وخلق نوع من العقول الراكدة وهذا يتنافى مع التعليم بالكفايات.
وهناك أيضا مشاكل أخرى تطرق لها مجموعة من الطلبة المفتشين في دراسة متعلقة بظاهرة التعليم عن بعد والاستمرارية البيدغوجية وهذه بعضها :
_ عدم اهتمام بعض الأباء وحرصهم على مواظبة ابنائهم.
_ ضعف صبيب الأنترنت وغلاؤه.
_ عدم تمكن التلاميذ من الالتحاق والتسجيل بمنصة teams.
_ صعوبة الحصول على أرقام المتعلمين.
_صعوبة تقويم إنتاجات المتعلمين “.

يتضح جليا من خلال هاته المشاكل أنها مشاكل متعلقة بماهو أسري تتجلى في غياب التتبع للأبناء، وما تعلق بالجانب المادي يتمثل في عدم القدرة على شراء حاسوب أو دفع التكاليف الباهضة للأنترنت، والجانب الآخر بيداغوجي أو ديداكتيكي يبرز في صعوبة تنزيل الدروس على وسائل التواصل الاجتماعي. إذن تلك أبرز المشاكل التي تواجه التعليم عن بعد والتعليم وتأزم الوضع التعليمي ببلادنا.

ثالثا : مشاكل التعليم الإلكتروني

تتعدد مشاكل التعليم الإلكتروني بكل أنواعه سواء بث في القنوات التلفزية التعلمية، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونأخذ على سبيل المثال لا الحصر ( الواتساب والفيس بوك …). وغيرها من الوسائل دون أن نغفل منصات التواصل التي أحدثتها الوزارة الوصية على قطاع التعليم. ولقد تحدث الأستاذ رمزي أحمد عبد الحي في كتابه ( التعليم عن بعد في الوطن العربي وتحديات القرن الحادي والعشرين ). حيث قال في مستهل حديثه عن مشكل التعليم الإلكتروني ” التعليم الإلكتروني كغيره من طرق التعليم الأخرى لديه معوقات تعوق تنفيذه…”.

يتضح من خلال قوله إن التعليم الإلكتروني يشهد مشكل في كيفية تنفيذه وهذا واحد من بين المشاكل العديدة التي يعرفها التعليم الإلكتروني باعتباره جزءا من التعليم عن بعد.

وانطلاقا من كل هذا يمكن أن نجرد هاته المشاكل، أو المعوقات التي تعوق التعليم الإلكتروني وهي كما اوضحها الدكتور رمزي أحمد عبد الحي في ذات الكتاب.

حيث قال” لا زال التعليم الإلكتروني يعاني من عدم الوضوح في الأنظمة والطرق والأساليب التي يتم فيها التعليم … ”
ومفاد هذا أن الأساليب، والأنظمة، والطرق التي يتم بها هذا النوع من التعليم غير واضحة للتلاميذ ،أو الطلاب؛ إذ أن أغلبهم لا يعرف كيفية اشتغال نظام الحاسوب وطرق تشغيله ،أو التعامل معه نظرا لعدم تلقيه التكوين الكافي لذلك فضلا عن عدم إلمامه بأساليب التواصل الإلكتروني باعتباره من متطلبات التعليم عن بعد، وعطفا على الكلام نلمس في الواقع المعيش مشاكل أخرى أشار لها الدكتور رمزي أحمد عبد الحي بالقول ” إن حدوث هجمات على المواقع الرئيسية في الأنترنت أثرت على المعلمين والتربويين .ووضعت في أذهانهم العديد من الأسئلة حول تأثير ذلك على التعليم الإلكتروني مستقبلا ..”

ونستشف من كلام الدكتور رمزي أن التعليم الإلكتروني مهدد بقرصنة محتويات المواقع الرئيسية. وهذا ما يقصد بالهجمات الشيء الذي يخلف تخوفا لدى المتعلمين، والتربويين في قادم السنوات وبالتالي فالتعليم الإلكتروني عن بعد مهدد بالفشل نتيجة هجمات قراصنة المعلومات الإلكترونية، أو المخربين الذين سوف يعبثون بكل المحتويات المتواجدة في المواقع التعليمية. وهنا تكمن خطورة الأمر. كما سوف تخلف عملية القرصنة نشر أشياء أخرى عوض المحتويات التعليمية .

رابعا: الحلول الكفيلة لتحسين وتجويد التعليم عن بعد.

بخصوص الحلول الكيفلة والمقترحة لتحسين وتجويد التعليم عن بعد نقترح مايلي:

_ توفير الأنترنت مجانا للتلاميذ.
_ توفير الحواسيب للأسر المعوزة.
_ تخصيص منصات سهلة الولوج .
_ تشجيع الأسر على حسن مواظبة الأبناء للدروس المنجزة عن بعد
_ دعم الأسر في العالم القروي ماديا ومعنويا مع توفير متطلبات التواصل الإلكتروني .
_ تخيصص حصص محددة لا تتجاوز أربعة ساعات يومية .
_ تخصيص قنوات للدعم النفسي للتلاميذ .
_ ربط التواصل بين الإدارة و الأباء لتشجيع التلاميذ على الحضور والتركيز للدروس.
._ تكوين الأساتذة في مجال المعلوميات لتسهبل ولوجهم للمنصات التعليمية.
_ تشجيع ودعم الأساتذة من طرف الوازارة الوصية ماديا ومعنويا.

ختاما

إن مختلف مشاكل التعليم الإلكتروني ،والتعليم عن بعد عموما تربك مسار التعليم المغربي بطريقة مقصودة، أو غير مقصودة فإن كنا نهتم بالتعليم عن بعد باعتباره حلا في ظل الأزمة الراهنة المتعلقة بوباء كورونا فإنه ليس حلا في المستقبل لتعويض التعليم في المؤسسات التعليمية ولابد إذا أردنا أن نحسن، ونجود التعليم عن بعد أن نحل المشاكل السابقة الذكر مثل ضعف صبيب الأنترنت وتوفير حواسيب للتلاميذ وخصوصا المعوزين منهم ووضع منصات سهلة الولوج للأساتذة والتلاميذ معا.
وبهذا نكون على الأقل حسنا من جودة التعليم عن بعد ،ونجحنا في إنجاح الموسم الدراسي في ظل الظروف الراهنة وغير اعتماد الحلول التي سبق وتطرقنا لها في هذا المقال يعني أننا نحوم حول حلقة مفرغة وإضاعة لزمن التعلمات الذي لطالما كانت الوزارة حريصة على عدم إضاعته. وبالتالي لا حل أمامنا سوى اعتماد حلول ممكنة التنزيل على أرض الواقع وذكرنا بعضها وكذا وضع ونهج استراتيجة واضحة المعالم لإنجاح أي تعليم عن بعد مستقبلا .


ظهور “نمر” يثير الاستنفار بطنجة ومصدر يوضح ويكشف معطيات جديدة

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى