السمّ الأبيض.. حليب يستهلكه ملايين المغاربة دون مراقبة
كشف التقرير السنوي الجديد، الذي أصدره المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية التابع لوزارة الصحة، أن الحليب كان أول المواد الغذائية التي تسبّبت في حالات تسمّم للمغاربة سنة 2017. بينما كانت المشروبات الغازية تحتل الرتبة الأولى في مسببات التسمم السنة الماضية.
مصدر من معهد باستور، أوضح في حديث لـ”سيت أنفو” أن الحليب الذي يُباع بشكل عشوائي دون الخضوع للمراقبة، يشكل خطراً كبيراً على صحّة المستهلك، نظراً لكون الحليب مادة جد حساسة تجاه جميع أنواع الباكتيريا.
وأضاف مصدرنا، أن الحليب لا يكون صالحاً للاستهلاك إلا ضمن شروط جد معقّدة، تضمن سلامته وجودته، دون أن يتعرض للتلوث البكتيري، مشيراً إلى أنه من السهل على جميع أنواع البكتيريا أن تتكاثر داخل الحليب، بحكم توفره على البروتينات، السكريات، الفيتامينات والكالسيوم وغير ذلك، مما يجعله وسطاً إحيائياً تنمو فيه البكتيريا بجميع أنواعها.
من البقرة إلى المحلبة
في جولة قام بها موقع “سيت أنفو”، بعدد من المحلبات بالدار البيضاء، أكد أصحابها أن الطلب على “الحليب البلدي”، ارتفع بشكل كبير خلال الأسابيع الماضية خاصة بعد دخول شهر رمضان، ما اضطرهم إلى البحث عن فلاحين أو موزعين لحليب “العبار”، لتلبية الطلب المتزايد.
وعمّا إذا كان هذا الحليب يخضع للمراقبة قبل بيعه للزبناء، يقول عمر، وهو صاحب محلبة بالحي المحمدي بالدار البيضاء “في الحقيقة لا أعرف إن كان أصحابه في الضيعة يراقبون ذلك، أنا أبيعه كما يصلني”، مشيراً إلى “الناس لا يهتمون لمسألة السلامة كثيراً”.
يضع عمر الحليب الذي يأتيه من ضيعات مدينة بنسليمان، في براميل بلاستيكية زرقاء، تستخدم في الأصل لتعبئة المواد الكيمائية الصناعية، ثمّ يتم بيعها بعد إفراغها، لمحلات بيع مواد التنظيف، ومعاصر الزيتون، وبائعي الحليب.
وأوضح صاحب المحلبة، أنه يبيع يوميا 200 لتر من الحليب، جزءٌ منهم يُباع خاماً في أكياس بلاستيكية أو قنينات، بينما يتم صنع “الرايب” و”الجبن” بحوالي 40 لتر، فيما يتم تحويل ما يقارب من 60 لتر إلى لبن تستخرج منه الزبدة. وفي جميع هذه المراحل لا يخضع الحليب ومشتقاته لأية مراقبة من أية جهة.
تقنيات تقليدية داخل الضيعات
يقول مصدرنا بمعهد باستور، إن عدداً كبيراً من الضيعات التي تُزوّد السوق بالحليب الذي يُباع بالمحلبات أو في الشوارع داخل سيارات، لا تخضع -الضيعات- لأية مراقبة كما أن الأبقار نفسها لا تخضع للفحص الدوري، ويعتمد أصحابها على تقنيات تقليدية لاستخراج الحليب، مما يُضاعف خطر تعرض هذه المادة الحيوية إلى التلوث المسبب في أمراض، بعضها خطير.
وحسب المصدر ذاته فإن الحليب غير المراقب، يمكن أن يتسبّب في أمراض، مثل السلّ، نتيجة احتواء الحليب على باكتيريا تسمى Mycobacterivm bovis مصدرها البقر، وتعْلَق بالحليب في مرحلة الحلب بالطرق العشوائية. كما يتسبب أيضاً في مرض “الحمّى المالطية” الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم وصداع وألم في البطن. بالإضافة إلى عدد من الأمراض الأخرى، التي تختلف حسب نوع الباكتيريا.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية