أبو حفص: تصريحات بوعياش حول الإرث مضبوطة وعقلانية
دخل محمد عبد الوهاب رفيقي المعروف بـ”أبو حفص”، الباحث في الفقه الإسلامي، على خط ردود الفعل حول التصريحات التي أدلت بها قبل أيام، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، بشأن نظام الإرث بمناسبة تقديم نتائج دراسة حول “نظام الإرث في المغرب.. ما هي آراء المغاربة؟”، والتي كشفت من خلالها أن الكثير من الأسر خاصة تلك التي لم ترزق بذكور، تلجأ بشكل متزايد إلى القيام بإجراءات قانونية وصورية كبديل عن القواعد الحالية لنظام الميراث، من قبيل البيع أو الصدقة أو الهبة، من قبيل البيع أو الصدقة أو الهبة، وذلك بهدف حماية بناتهن من قاعدة التعصيب وما قد يواجهن من حرمان من سكنهن بعد وفاة الأب أو بهدف حماية أحد الزوجين المتبقي على الحياة أو من أجل تحقيق المساواة بين الإناث والذكور من أبنائهن.
ووصف أبو حفص في تدوينة له عبر حسابه بـ”فايسبوك” ردود الفعل حول تصريحات أمينة بوعياش بشأن نظام الإرث، بـ”المتوترة والمتشنجة”، وذلك بعد أيام قليلة من استنكار الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية لما سمّاه “التصريحات المعبر عنها من طرف رئيسة مؤسسة وطنية يفترض فيها الالتزام بالقانون والحرص على احترامه، في إشارة إلى أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث اتهمها بالإساءة للثوابت الدينية للمغاربة”.
وفي هذا الصدد شدّد أبو حفص قائلا: “تابعت ردود الفعل المتوترة والمتشنجة حول تصريحات رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، -والذي هو بالمناسبة مؤسسة وطنية – ، حول نظام الإرث في الفقه الإسلامي، واستغربت من حدة هذه الردود، وكأنها قالت منكرا من القول وزورا، دون الحديث عن أوصاف الكفر والردة التي تطلق على كل مجتهد لما فيه صالح الجميع…
انا تتبعت الكلمة كاملة، وأول ملاحظة لي أنها معدة بشكل محكم، عباراتها مضبوطة وعقلانية، بعيدا علن الإنشائيات والعاطفة، ومركزة فيها موضوعين أعتبرهما فعلا مدخل أي إصلاح لمنظومة الإرث بالمغرب…”.
وأضاف أبو حفص “موضوع الوصية والعقبات التي وضعت أمامه لتقزيمه، والموضوع الثاني هو نظام التعصيب، ولا زلت أؤكد كما تكلمت في الموضوع عشرات المرات، أنه من العيب والعار في مغرب القرن الحادي وعشرين، حرمان البنت أو البنات من إرث والدهم بنسبة النصف أحيانا والثلث أخرى، لمجرد عدم وجود الذكر المعصب، وتحويل ذلك النصيب للأعمام أو أولادهم بغير أي مشاركة لهم في الثروة، أي تخلف هذا في معاقبة الأسر التي لم يولد لها ذكر بتفويت جزء من مالها للأقارب الذكور دون غيرهم وإن بعدو، علما أن التعصيب لا ينص عليه قرإن ولا سنة متواترة، وإنما هو اجتهاد مبني على أعراف قبلية و نظام اجتماعي بائد”.
وأوضح أنه “لا فائدة من بعض الاعتراضات الضعيفة كالقول بأن ذلك جزء من نظام الأسرة، فإن نظام الأسرة النووية اليوم لا يلعب فيه العم ولا أبناؤه أي دور في الأسرة حتى يكونو شركاء في الثروة،ولا الدفاع القديم القائل بأن المرأة ارث أكثر من الرجل في عشرات الحالات، بينما يعلم القائل نفسه أو لعله لا يعلم أنه يتحدث عن حالات نادرة، وأن الحالة الشائعة التي ييتلى بها الناس هي حرمان البنت والبنات من كل ميراث أبيهم لمجرد أنهم بنات، ووفاء لاجتهادات فقهية قديمة لا تتناسب ودور المرأة اليوم ومكانتها في المجتمع..”.
وختم أبو حفص تدوينته بالقول “لذلك لا مناص من فتح نقاش جدي وعلمي حول الموضوع، ومن يده في النار ليس كمن يده في الماء، ومن ليس له من الولد إلا البنات الجميلات الرقيقات، سيدرك حتما أهمية مثل هذا الموضوع”.
جدير بالذكر، أن أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قالت في في كلمة لها الأسبوع الماضي، بمناسبة تقديم نتائج دراسة حول “نظام الإرث في المغرب.. ما هي آراء المغاربة؟”، أن التأطير الحقوقي لموضوع نظام الإرث بالمغرب وما يمكن أن يترتب عليه من اجتهادات تؤصل للمساواة هو الطموح الذي عبرت عنه هذه الدراسة.
وأكدت المتحدثة على أن هذه الإجراءات لا يمكنها أن تكون حلا لكافة الأسر المغربية بالنظر للمخاطر التي قد تطرحها والنزاعات التي قد تثيرها، وكذا لمحدودية وصول كافة الأسر إلى إمكانية إجرائها سواء نتيجة التكاليف المادية المرتبطة بها أو الظروف الاجتماعية للأسرة.
واعتبرت الحقوقية، أن هذه الإجراءات لا يمكنها أن تكون بديلا عن منظومة قانونية عادلة ومنصفة وكفيلة بتوفير حلول ملائمة، تأخذ بعين الاعتبار الوضعيات والتحولات العميقة التي يعرفها المجتمع المغربي.
وأوضحت أن المجتمع المغربي شهد على غرار مختلف دول العالم تحولات بنيوية عميقة، من قبيل الانتقال من الأسر الممتدة إلى الأسر النووية وما استتبعه من نزوع إلى الفردانية وتراجع للتضامن العائلي الذي كانت تتيحه الأسرة الموسعة.
وتابعت “كما أن خروج المرأة إلى العمل ومشاركتها في اقتصاد الأسرة حولها بشكل متصاعد من كائن مٌعال إلى كائن عائل تعتمد العديد من الأسر على مساهمتها المادية واللامادية، وهو ما تؤكده إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2020، والتي تفيد أن نسبة الأسر التي تعيلها النساء قد بلغت 16.7.%من مجموع الأسر المغربية.
وتساءلت كيف يمكن للمجتمع أن يصل إلى الاستفادة من إمكاناته الكاملة الذاتية والموضوعية لتحقيق التنمية دون وضع إجراءات لمنح الرجال والنساء حقوقا متساوية في الموارد الاقتصادية، وفي الحق في ملكية الأراضي وغيرها من الممتلكات والتصرف فيها وفي الحصول على الخدمات المالية والميراث والموارد الطبيعية، وذلك بحلول عام 2030؟”.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية