مركز بحثي: الخدمة العسكرية لن تنجح في امتصاص غضب الشباب
قال المعهد المغربي لتحليل الدراسات بأن “النظرة المُعمقة لدوافع إعادة العمل بنظام الخدمة العسكرية الاجبارية تحيل على أسباب مختلفة؛ فبناء قوة احتياط عسكرية لا تبدو أولوية ملحة للمغرب، ومن هنا فالسياق الداخلي قد يمنح معنى أقوى لمشروع القانون، الذي لم يكن مدرجا في البرنامج الحكومي، وتم الإعلان عنه بشكل مفاجئ للرأي العام خلال صيف 2018.
وأكد الدكتور إسماعيل حمودي في مقاله المنشور بالمركز المذكور بأن “سنتي 2017 و2018 تميزت باحتقان شعبي واسع، ارتبط أولا باحتجاجات الريف التي انطلقت منذ نهاية أكتوبر 2016، ثم احتجاجات جرادة في يناير 2018. وقد تعاملت السلطات مع هذه الاحتجاجات بالعنف والاعتقالات، ثم محاكمات للنشطاء، رأت فيها عدد من هيئات حقوق الانسان بأنها فاقدة لشروط المحاكمة العادلة. وفي أبريل 2018، تمكنت حملة المقاطعة الاقتصادية من تعبئة مئات الآلاف من المواطنين لمقاطعة ثلاث شركات كبيرة، أما خلال النصف الثاني من 2018 فقد تنامت ظاهرة الاحتجاجات داخل الملاعب من طرف نوادي “الإلتراس”.
وأوضح المركز البحثي في مقال بعنوان “العودة إلى الخدمة العسكرية: الدواعي والتحديات” بأن “الدوافع الرئيسية وراء هذا القرار تبدو ذات طبيعة سياسية واجتماعية أساسا. فمن الناحية السياسية، أتى القرار في ظل تنامي الاحتجاجات الاجتماعية، التي يُعتبر الشباب وقودها الرئيسي. ويشكل حراك الريف نموذجا للجيل الجديد من الاحتجاجات التي يعرفها المغرب، والتي تندلع لأسباب تتعلق بالكرامة والعدالة الاجتماعية، وتلعب فيها وسائل التواصل الاجتماعي دور المعبئ والمحرض، في الوقت الذي تراجع فيه دور الهيئات الوسيطة من أحزاب ونقابات ومجتمع مدني، ما جعل “الدولة في مواجهة الشارع”.
وتابع بالقول: “أما من الناحية الاجتماعية، فإن محرك هذه الاحتجاجات من الشباب هم ضحايا للبطالة والفقر والتهميش، ما يجعلهم فئة غير محصّنة إزاء مختلف التهديدات الأمنية. فحسب دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ظلت غالبية الشباب المغربي، من الفئة التي تتراوح أعمارهم ما بين 15 و34 سنة، على “هامش النمو الاقتصادي المطرد الذي شهدته المملكة خلال السنوات العشر الأخيرة”. وتنتشر البطالة في صفوف هاته الفئة بنسبة 20 في المائة، في حين أن 50 في المائة منهم يعملون في مناصب شغل بأجور زهيدة وغير قارة، أما ثلثي الفئة نفسها فقد انقطعت عن الدراسة”.
وأبرز بأن “الراجح أن هذا المشروع قد ينجح، على المدى المنظور، في تحييد جزء من الشباب الناشطين في الاحتجاجات الاجتماعية، لكن ذلك سيكون نسبيا ومحدود النطاق، على اعتبار أن التحديات الاجتماعية والاقتصادية، لا سيما مشكلة بطالة الشباب، أكبر من مجرد قانون أو إجراء مهما كانت فعاليته. لهذا، من المستبعد على المدى البعيد أن ينجح مشروع الخدمة العسكرية في امتصاص غضب الشباب العاطل والمهمش، ليس بسبب المقاومة التي تعرض لها حتى الآن، ولكن لأن الشباب الذين يلجون إلى سوق الشغل سنويا يقدرون بمئات الآلاف، وهو ما يقتضي إيجاد حلول عميقة لمعضلة إدماج الشباب”.
وشدد بأنه رغم “مشروعية الأهداف المعلنة، إلا أنه كان لافتا بروز مقاومة لمشروع الخدمة العسكرية الإجبارية منذ اللحظة الأولى لإعلانه. ففي يوم 25 غشت 2018، أي خمسة أيام بعد المصادقة عليه في المجلس الوزاري، تم تأسيس “التجمع الشبابي ضد الخدمة العسكرية” الذي دعا إلى رفض الخدمة العسكرية لعدة أسباب منها: “عدم الوضوح التام من قبل الحكومة حول أهدافه الحقيقية”، و”السرعة التشريعية التي تم التعامل بها مع القانون بخلاف قوانين أخرى أكثر أهمية لا زالت في الرفوف”.
وإلى جانب التجمع الشبابي، وجّهت منظمات حقوقية انتقادات إلى مشروع القانون، فقد اعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن مضامينه “تتنافى مع حرية الفكر والضمير والوجدان”، ودعت إلى “الاعتراف بالحق في الاستنكاف الضميري من الخدمة العسكرية” في القانون المغربي، و”الالتزام بتوفير الحماية التشريعية للمستنكفين ضميريا(..)، على أساس المعتقدات المذهبية أو الإنسانية”
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية