طلبة الطب والصيدلة يتهمون وزارتي الصحة والتعليم العالي بالإخلال بالتزاماتهما
اتهم طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة بالمغرب وزارتي التعليم العالي والصحة، بالإخلال بمحاضر الاتفاق بين الطرفين وهو ما من شأنه أن يساهم في زعزعة الثقة وتعميق البؤس في ظل تغول وحش الهجرة، مسجلين ما وصفوه بـ”التراجعات الخطيرة والقرارات محدودة الرؤية التي تم اتخاذها السنة الماضية بشكل أحادي من طرف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، تحت ذريعة التسريع من الزيادة في عدد الأطباء بالمغرب بأية طريقة ممكنة”.
وذكر بلاغ اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، أن من بين هذه الإكراهات هناك الزيادة المهولة في أعداد الطلبة الوافدين الجدد بنسب تفوق 20%، مضيفا أن اللجنة سبق وأن عبرت عن كونه أمرا غير قابل للتحقق في غياب تخطيط استباقي يعمل على توفير الظروف الملائمة والموارد اللازمة لمواكبة تكوين هؤلاء الطلبة الجدد، وما يقتضيه ذلك من رفع في عدد الموظفين والأساتذة وتوسيع لأراضي التداريب الاستشفائية، وزيادة في المعدات وكراسي العلاج التي تخص تكوين طلبة طب الأسنان، بشكل يجعلها تتماشى والتوصيات المعمول بها دوليا، والتي تغيب عن واقعنا في الوقت الحالي في جميع الكليات باختلاف المواقع.
وأشارت إلى قرار خفض مدة التكوين الطبي من سبع سنوات إلى ست سنوات “وهو ما تعتزم الوزارتان أن تسرع به عملية تخريج الأطباء المغاربة بسنة كاملة، ما أثار مخاوف عديدة لدى الطلبة في ما يخص جودة تكوينهم والمساس بشهادة الدكتوراه في الطب و الصيدلة المحصل عليها في نهاية المسار الجامعي والاعتراف بها دوليا، وكذا الضبابية التي تحيط بظروف التكوين خلال السنة السادسة والتي تستوجب المزيد من التفصيل، إذ لا يمكن بأي حال من الأحوال العمد إلى تقليص سنوات التكوين دون الانتهاء من صياغة النظم البيداغوجية المؤطرة للسلك الثالث ووضع تصور واضح لمستقبل طب الأسرة بالمغرب، والعمل على ذلك في إطار مقاربة تشاركية بمساهمة جميع الفاعلين”.
وانتقدت اللجنة العدد الهزيل للمقاعد المتاحة هذه السنة ضمن مباراة الإقامة، معتبرة ذلك “خرقا مباشرا لبنود محضر اتفاق 28 غشت 2019، الذي يؤكد في أول محور له متعلق بمباراة الإقامة على ضرورة الالتزام بزيادة 50 منصبا في كل سنة على الصعيد الوطني مقارنة مع عدد مناصب الإقامة للسنة الجامعية السابقة في ما يخص المقاعد غير التعاقدية، وهذا على أساس عدد المقاعد المفتوحة خلال مباراة الإقامة لسنة 2019، وابتداءا من مباراة الإقامة لسنة 2020؛ وهو ما يعني بالنسبة لمباراة الإقامة الحالية 2022، زيادة 150 مقعدا على عدد مقاعد مباراة الإقامة 2019 في ما يخص عدد المقاعد غير التعاقدية، و الذي كان يقارب 428 منصبا، وهو ما يجعل عدد المقاعد غير التعاقدية المفترض إتاحتها سنة 2022 مساويا لـ578 ، غير أن مجموع المقاعد المعلن عنه حاليا لا يتجاوز 267 فقط، أي حسب الاتفاق يلزمنا 311 منصبا غير تعاقديا، ما يعني أن الوزارتين عوض أن تضيف 150 منصبا قامت بسحبها..
وأضاف البلاغ أنه “بهذا تكون الوزارتان قد عكفتا على خرق متعمد ومقصود لبنود محضر الاتفاق، كان الهدف منه هو اضطرار المتبارين إلى الارتماء مجبرين نحو الإقامة التعاقدية مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، غير أن السنتين الماضيتين كانتا خير دليل على أن سياسة الجبر والإكراه لا يمكن أن تأتي إلا بنتيجة عكسية، إذ عرفت نتائج مباراة الإقامة عزوفا شبه تام عن المقاعد التعاقدية فيما يشبه مقاطعة تلقائية لهذه المناصب وهو ما اضطر المسؤولين -ولأول مرة منذ أول مباراة تخصص ببلادنا- إلى تنظيم دورة استدراكية لمباريات التخصص، والتي كانت كل مقاعدها وبدون استثناء تعاقدية محضة، بعد أن بقيت شبه فارغة خلال الدورة العادية، ووصل عددها ببعض الكليات إلى 90 مقعدا”.
وتابع ذات المصدر “مشكل المستشفيات الخالية من الأطباء أو ما صار المسؤولون يلقبونه بالصحاري الطبية، ويستحبون الإشارة إليه بالهروب من الوظيفة العمومية والتعاقد مع وزارة الصحة، لن تحله زيادة 20% أو حتى 50% من نسبة الطلبة الوافدين الجدد، ولا تسريع عملية تخرج الطلبة الأطباء بتقليص سنوات التكوين من سبع سنوات إلى ست سنوات، ولن يساهم في حلحلته التضييق الممنهج على الخريجين بتقليص عدد المناصب غير التعاقدية والدفع نحو الإقامة التعاقدية بمباريات التخصص، ذلك وببساطة لأن الإشكال الحقيقي لا يمكن اختزاله في ضعف عدد الخرجين من الطلبة الأطباء، بل يعزى بشكل مباشر إلى النزيف الحاصل نتيجة هجرة هؤلاء الخريجين، حيث أن ما يقارب 1/3 من نسبة الأطباء المغاربة يعملون خارج البلاد، وقد عبرت عن ذلك دراسة أجريت مؤخرا بكلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء لفائدة طلبة السنة السابعة، تفيد بأن ما يفوق ثلثي الطلبة يفكرون في الهجرة! ورجحوا لذلك عدة أسباب تحضر بنسب متفاوتة”.
وذكرت اللجنة الوطنية بالمقترحات التي سبق وقدمتها السنة الماضية والتي من شأنها المساعدة في عملية الإصلاح والتي لم تجد سبيلها إلى الضوء، في مقدمتها تقليص مدة التعاقد عوض 8 سنوات الحالية والتي يتم تمديدها لتصير عقدة أبدية، والرفع من قيمة التعويضات عن المهام للطلبة الأطباء والصيادلة، إضافة إلى الرفع من قيمة التعويضات للمقيمين غير المتعاقدين، فضلا عن توفير ظروف تكوين ملائمة، من غرف راحة بالمداومات الليلية خاصة بالطلبة، والاستفادة من وجبات غداء المخصصة العاملين المداومين.