“ثانوية الإمام مالك بالدار البيضاء في السبعينيات”… ثلاثة أسئلة لمصطفى اجماهري

كتاب “ثانوية الإمام مالك بالدار البيضاء في السبعينيات.. تحولات جيل” ، الذي يحمل توقيع المصطفى اجماهري وأحمد العيوني، يرصد ذكريات مجموعة من قدماء تلاميذ هذه الثانوية ، انطلاقا من وعي بالمساهمة في تقديم أمثلة حية عن فترة مشرقة من التعليم العمومي في المغرب.

المصطفى الجماهري يجيب في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء عن ثلاثة أسئلة حول هذا المؤلف الجماعي الجديد ، في محاولة للتعريف، كما قال، بنماذج من تجربة جيل، غيرت هذه المؤسسة التربوية مساره من “العدم إلى الكائن”.

ــ ما هي دواعي إخراج كتاب ثانوية الإمام مالك بالدار البيضاء في السبعينيات، “تحولات جيل”؟

ــ حينما فكرت مجموعة من قدماء تلاميذ ثانوية الإمام مالك بالدار البيضاء إنجاز هذا الكتاب، لم تكن الغاية من المبادرة مجرد سرد ذكريات عن فترة من المراهقة والشباب وحسب، بل كان ذلك انطلاقا من وعي حاد بالمساهمة في تقديم أمثلة حية عن فترة مشرقة من التعليم العمومي في المغرب.

لقد أعطت المدرسة العمومية نتائج باهرة في تكوين جيل من المتعلمين، وكانت الدار البيضاء آنذاك، بمؤسساتها المتوفرة على أقسام داخلية، مشتلا متميزا لعينة من هذا الجيل الذي يدعى في الأدبيات الاجتماعية “جيل القنطرة” بوصفه أتى مباشرة مع عهد الاستقلال .

وخلال عقدي الستينيات والسبعينيات تتلمذ هذا الجيل على يد أساتذة مغاربة وفرنسيين شباب مشبعين بقيم الحرية والديمقراطية والتقدم، وفي جو اجتماعي وثقافي محفز . لم تكن المدرسة مجرد مؤسسة لمحو الأمية، وإن كان ذلك من بين أهدافها، بل هدفت أيضا إلى خلق مواطن ملتزم ومتفاعل مع وطنه وقضاياه.

وجاء هذا الكتاب للتعريف بنماذج من تجربة جيل غيرت هذه المؤسسة التربوية مساره من “العدم إلى الكائن”. فمجمل الشهادات عبرت عن شغف بالتعلم وتعلق بالمعرفة باعتبارهما الوسيلة المثلى للترقي الاجتماعي . وتحقق ذلك، غالبا، بالموازاة مع الانخراط في حركات نضال اجتماعي أو سياسي داخل أطر شبيبية أو جمعيات ثقافية وفنية. يرجع الفضل في ذلك إلى المؤسسة التربوية التي هيأت الفضاء المناسب لتشكيل شخصيات منتسبيها ورسم مصائرهم بصورة حاسمة، والتي عملت بمثابة مشتل لصقل المواهب وتطوير الكفاءات وتأهيلها وإعدادها للمستقبل.

وكان القسم الداخلي لثانوية الإمام مالك يستقطب التلاميذ من مختلف جهات المملكة موفرا لهم إقامة مريحة وتغذية ملائمة. كما أن الهيئة الإدارية والتربوية، والتي سيلتحق أغلبها، فيما بعد، بالتدريس في الجامعة أو لتولي مناصب وازنة، لم تكن تكتفي بتلقين الدروس النظامية وحسب، وإنما كانت تجعل الثانوية، وبالنظر إلى موقعها الجغرافي، منفتحة على محيطها الثقافي والرياضي والفني، من خلال تنظيم الأنشطة والمساهمة في التظاهرات المختلفة حيث تم اكتشاف كثير من المواهب التي سيكون لها شأن، وما يزال لبعضها حضور قوي إلى اليوم.

من الناحية البيداغوجية، الكتاب يعد وثيقة متعددة التقاطعات تؤرخ لمؤسسة عريقة استطاعت أن تقوم بدور مهم في حيوات منتسبيها. إذ، إلى جانب المعطيات السوسيوتاريخية لعوالم الثانوية، يقدم الكتاب فيضا من التفاصيل، بعضها طريف، التي قد تصنع الفرق، في حياة المربين والمتعلمين على حد سواء.

لذلك فإن هذا الإصدار، المؤثث بصور نادرة لبعض قدماء الثانوية من تلاميذ وأساتذة وإداريين، قد جاء لسد فراغ كبير في توثيق الذاكرة التربوية ببلادنا، من خلال نموذج ثانوية الإمام مالك . والأهم من هذا أنه رسم صورة نموذجية لفعل تربوي هادف ما أحوج الأجيال الحالية إلى الاقتداء به.

 

ــ هل واجهتكم صعوبات في تجميع هذه المادة؟

ــ الصعوبات التي واجهت هذا العمل الجماعي عند إعداده هي من مستويين: الأول توثيقي، يتعلق بجمع مادة الكتاب من الفئة المستهدفة والتي استغرقت زمنا طويلا امتد لحوالي خمس سنوات، لأن التوصل بشهادات بعض المشاركين تطلب اتصالات متكررة وتذكيرات، بينما تعذر التواصل مع فئة أخرى إما بسبب ظروفها الصحية أو الاجتماعية أو لفقدان أثرها بعد مرور نصف قرن على مغادرتها للمؤسسة. ومع ذلك، فقد جاءت الحصيلة إيجابية واستطعنا تجميع ستة عشر مساهمة بالإضافة إلى تقديم ومقدمة ملأت حيزا معتبرا من حوالي 180 صفحة.

أما النوع الثاني من الصعوبات فمادي، يتعلق بتغطية تكلفة طبع هذا العمل. وقد تغلبنا على ذلك باللجوء إلى اكتتاب تطوعي ساهم فيه مجموعة من المشاركين. بينما تحمل المؤلفان الرئيسيان بقية تكاليف الطبع والتنسيق مع المطبعة وإعداد العمل طوال الفترة المذكورة، فضلا عن توزيع الكتاب عبر سلسلة من المكتبات في المدن الرئيسية.

ــ ما هي الأسماء التي مرت من المؤسسة، وهل هناك مشروع جديد لتاريخ مسارات أخرى؟

– خلال الفترة المدروسة الممتدة من 1967 إلى 1977 مرت بهذه المؤسسة أسماء مرموقة من هيئة التدريس والإدارة، يمكن أن نذكر من بينها: سالم يفوت، وكمال عبد اللطيف، وأمينة عوشر، ومحمد مفتاح، ومحمد بلاجي، وعبد الرحمان كاظمي، والعربي عمور، ومحمد عنيبة الحمري، وأحمد بنميمون، وأحمد المديني، وسعيد إهراي، وفاطمة المذكوري، ومحمد كلزيم، وإدريس الناقوري. وفي وقت لاحق، مر منها محمد العمري وسعاد البكدوري الخمال.

ومن بين قدماء التلاميذ يمكن الإشارة إلى الوزير السابق عزيز حسبي، والروائي محمد صوف، والناقد السينمائي حمادي كيروم ، ورئيس التحرير السابق لجريدة ليكونوميست ومحمد بنعبيد، والدكتور محمد السيدي، والدكتور محمد حساوي ، والدكتور محمد البكري، والمدير السابق للصندوق المغربي للتقاعد محمد بن إدريس ، والمخرج السينمائي مصطفى الدرقاوي ، والصحفي جمال الدين براوي.

أما بالنسبة للمشروع الجديد المماثل، فسيكون بالفرنسية، وقد اقترحه علي بعض قدماء تلاميذ القسم الداخلي لثانوية ابن خلدون بالجديدة في فترة الستينيات. وهي ثانوية عريقة يعود تأسيسها لسنة 1928 وكانت تستقطب تلاميذ داخليين من جميع مناطق المغرب.

المصدر : وكالات

عاصفة “دانا” تجتاح إسبانيا وتؤثر على المغرب ومديرية الأرصاد توضح

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى