تنقيبات تكشف وجود آثار مورية ورومانية بمدينة ليكسوس
كشف المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، أنه أجري في منتصف شهر مارس 2023 الموسم الرابع من التنقيبات الأركيولوجية بحي مصانع تمليح السمك وإنتاج الكاروم في مدينة ليكسوس، وهي واحدة من بين أهم مواقع ما قبل الإسلام في غرب حوض البحر الأبيض المتوسط.
وتدخل هذه الأبحاث في إطار مشروع “ليكسوس كاروم” بتمويل من وزارة الشباب والثقافة والتواصل ووزارة الثقافة الاسبانية والذي يشرف عليه المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بدعم من مديرية التراث الثقافي وتنسيق محافظة موقع ليكسوس الأثري.
وأكد المعهد في بيان له، أن اهتمام الباحثين انصب خلال البعثة الأخيرة على تحديد امتداد مصانع الكاروم بمدينة ليكسوس التي تعد أكبر مصانع بالامبراطورية الرومانية، علما أن الدراسات التي قام بها الفريق المغربي-الاسباني في يوليوز 2022 كشفت عن أن المساحة التي تمتد عليها هذه المصانع أكبر بكثير مما كان معروفا، بحيث يمكن مضاعفتها.
وانكب الفريق عند مباشرة أبحاثه وفق منهج تعدد الاختصاص، على التحقق من مجموعة من المعطيات الجيوفيزيائية اعتمادا على نتائج المسح الكهربائي والمغناطيسي الذي أنجزه باحثون من جامعة ماربورغ الألمانية في شهر شتنبر من السنة الماضية، في منطقة شملت جزءا منها في السابق تحريات جيوفيزيائية لفريق مغربي-إيطالي.
وأظهرت الاستبارات وجود بنيات أركيولوجية في نقاط بعيدة عن المدينة، خارج مدار أسوارها، ما سمح للفريق، بتحديد مكان صهاريج تمليح السمك من جهة وبعض نقاط الامتداد العام للمدينة خلال الفترتين المورية والرومانية من جهة أخرى. هذه المعطيات هي من الأهمية بمكان ولا بد من أخذها بعين الاعتبار في تحديد المجال الذي يمتد عليه الموقع والمحافظة على بقاياه. وفق بلاغ المعهد.
وتتمثل أهم نتائج هذا الموسم من الأبحاث أيضا في التعرف على الضاحية الشرقية من المدينة التي توجد خارج مدار المدينة الذي يحدده السور المتأخر، حيث كشفت الحفريات، عن مجموعة من الأزقة وبقايا أخرى لها طبيعة سكنية وحرفية، تشكل مجالا هاما للإنتاج، في جهة لم يتم في السابق الكشف فيها سوى عن منزل “المليحات الثلاث” ومبنيين جنائزيين ضخمين.
من ناحية أخرى، تم الكشف عن بقايا أركيولوجية في مجال سهل فيضي يوجد جنوب الطريق الوطنية التي تربط الرباط بطنجة، وهي المنطقة التي كانت أبحاث سابقة تعتبرها جزءا من خليج عميق كان يمتد قبالة الموقع منذ عهود مورية غابرة تحدد في الفترتين الفينيقية والبونية، قبل أن تملأه الترسبات في الفترة الوسيطية.
وتشير البقايا المكتشفة والمتمثلة في مجموعة من المباني اعتمادا على التحريات الجيوفيزيائية، كما يدل التنقيب في واحد منها، يقع بمحاذاة المجرى الحالي لنهر اللوكوس، بأن هذا المجال الذي يمتد على مساحة تفوق الهكتارين من المرجح أنه شكل جزءا من حي بحري vicus maritimeظهر تحت حماية المدينة الرومانية في المجال الذي يربط البحر بالبر.
من ناحية ثالثة، تم التعرف لأول مرة، وبشكل لا غبار عليه، على جزء من السور الجنوبي للمدينة الرومانية وباب فتح في هذا السور يعود للفترة الرومانية المتأخرة، بالإضافة إلى مباني خارج الأسوار تحمل ملاطا من نوع opus signinum يستعمل لتلبيس الصهاريج. وإذا كنا نجهل الآن وظيفة هذه المباني فإنها، بالنظر لموقعها في هذه الجهة من الموقع، تختزن أسرارا واعدة.
وقام أعضاء الفريق كذلك برسم وتصوير كل اللقى الأركيولوجية الأثرية المكتشفة بالموقع خلال تنقيبات صيف 2022 وهي تتكون بالأساس من الفخار والمواد المعدنية والزجاجية، منها بعض المواد المستوردة من الشرق في الفترة الرومانية المتأخرة والتي لا زالت مميزاتها غير واضحة المعالم بالنسبة لمدينة ليكسوس.
أجريت هذه الأبحاث الميدانية في إطار اتفاقية شراكة وتعاون بين المعهد الوطني لعلوم الاثار والتراث وجامعة قادس، وتولى تنسيقها كل من محمد اكبيري علوي، أستاذ باحث بالمعهد الوطني لعلوم الاثار والتراث بالرباط، وداريو برنال كاساسولا، أستاذ الأركيولوجيا بشعبة التاريخ والجغرافيا والفلسفة بجامعة قادس.
ويعد هذا المشروع مثالا مميزا حول علاقات التعاون الوطيدة في ميدان البحث والتكوين والتبادل التي تربط المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط وجامعة قادس.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية