تعديل مدونة الأسرة والقانون الجنائي في صلب تطلعات الحركة النسائية بالمغرب

تتطلع الحركة النسائية المغربية، وهي تعيش أجواء الثامن من مارس، إلى تعزيز المكتسبات التي حققتها المرأة خلال السنوات الأخيرة، والمطالبة بالمزيد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، من أجل الارتقاء بمكانتها كفاعل أساسي في تحقيق التنمية وتطوير المجتمع.

ويأتي تعديل مدونة الأسرة على رأس مطالب الحركة النسائية هذه السنة لاسيما بعد خطاب العرش الأخير، الذي دعا فيه  الملك محمد السادس إلى إصلاح المدونة وتعزيز المشاركة الكاملة للنساء في مختلف المجالات.

وتتزايد مطالب الحركة النسائية من أجل تنزيل الفصل 19 من الدستور، واستحضاره كمرجعية قانونية لتأطير النقاش حول مراجعة مدونة الأسرة.

وفي هذا السياق، قالت أمينة التوبالي، عضوة ائتلاف “المناصفة دابا”، إن ” الاختلالات والسلبيات التي أبانت عنها بعض الأعطاب التي ظهرت مع سوء التفعيل أو بحكم انتهاء مدة صلاحية بعض بنودها، تشكل مبررا مشروعا لإعادة فتح ورش إصلاح المدونة بغية تطويرها وجعلها مسايرة لمتطلبات العصر”.

وأوضحت في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه “بعد مرور 18 سنة على صدور مدونة الأسرة، تبين أن هناك خللا ظهر من خلال الأرقام المخيفة لحالات الطلاق والتي تؤثر بشكل سلبي على الأطفال، أولا بصفتهم ضحايا لتلك التجارب الفاشلة، إضافة إلى أثر ذلك على المجتمع باعتبار أن التماسك الأسري هو السبيل الأسمى لمجتمع يوفر الأمن الاجتماعي للجميع”.

من جهة أخرى، يشكل تمكين النساء من الولاية على الأبناء أحد المطالب أيضا. وفي هذا الصدد، تؤكد الفاعلة الحقوقية أميمة عاشور، أن “النساء كيفما كانت مواقعهن ومناصبهن وظروفهن الاجتماعية، يعانين بسبب قوانين تكبل حقوقهن ومصير الأطفال ومصلحتهم الفضلى، وهو ما يتعارض مع التحول الاجتماعي والديمغرافي الذي يعرفه المجتمع المغربي، والذي واكب تطور وضع المرأة ومكانتها وحقوقها”.

وشددت الفاعلة الحقوقية، وهي رئيسة سابقة لجمعية “جسور ملتقى النساء المغربيات”، في تصريح مماثل، على ضرورة مراجعة الولاية والوصاية ضمن الأوراش المفتوحة لتعديل مدونة الأسرة، والتي يجب أن ينخرط فيها البرلمانيون والحقوقيون والأستاذة والقضاة والفقهاء، لكي “نفكر بمنطق المغرب الذي يتطور”.

من جهة أخرى، تتطلع الحركة الحقوقية والنسائية إلى أن يستجيب مشروع القانون الجنائي لمختلف مطالبها المرتبطة أساسا بتعزيز الحقوق والحريات.

وتؤكد الباحثة فاطمة الزهراء برصات، في هذا الصدد، على ضرورة “القيام بمراجعة شاملة للسياسة الجنائية سواء بشقيها الموضوعي أو الشكلي، وذلك بعد مرور أزيد من ستة عقود على تطبيق القانون الجنائي الذي لم يعرف أية مراجعة شاملة، بل مراجعة اقتصرت على مقاربة تجزيئية محكومة بهاجس الجواب على مستجدات ظرفية”.

وأكدت الباحثة في القانون العام، في تصريح مماثل، أن “القانون الجنائي يحتل أهمية كبيرة وله من الحساسية ما يجعله من ضمن أولويات الأوراش التي يجب أن تخضع للمراجعة لتلائم الدستور المتقدم على مستوى الحقوق والحريات إلى جانب الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والتي يبوؤها دستور 2011 مكانة مهمة جدا”.

وأضافت الباحثة أنه لابد من استحضار، خلال مراجعة القانون الجنائي، انخراط المملكة المغربية في مختلف الآليات الدولية والأممية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى التعاطي الإيجابي مع التطور الذي عرفه المجتمع المغربي.

وأوردت برصات أن المغرب في حاجة إلى إعادة النظر في آليات العدالة الجنائية وقواعد منظومة التجريم والعقاب وإقامتها على مبادئ الحرية والكرامة الإنسانية في كونيتها باعتبارها منظومة كاملة غير قابلة للتجزيء، داعية إلى إعادة النظر في الفلسفة المؤطرة للمنظومة الجنائية بما يتناسب مع الحمولة الحقوقية لمجموعة من المصطلحات، خاصة كل ما يتعلق بالنساء.

وخلصت الباحثة إلى ضرورة إعادة النظر في الوسائل التقليدية لآليات العدالة الجنائية وإدماج العقوبات البديلة، وجعل القانون الجنائي مدخلا من مداخل محاربة الفساد وتخليق الحياة العامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، بالإضافة إلى توسيع مفهوم التمييز ليشمل كل أشكال التمييز، كما تناول ذلك الدستور، لافتة في هذا السياق إلى مختلف أشكال التمييز ضد النساء، والتي يجب أن يضع مشروع القانون الجنائي حدا لها.

المصدر : وكالات

هزة أرضية تضرب إقليم الحوز

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى