بتهم القتل وجرائم أخرى.. فرنسي محكوم بالإعدام بالمغرب يكشف معاناته وتفكيره في الانتحار
قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان سلسلة من الشهادات لمحكومين بالإعدام، بهدف إطلاع الرأي العام على أوضاع هذه الفئة، وملامسة بعض القضايا والإشكالات التي تطرحها هذه العقوبة القاتلة من الناحية الحقوقية والانسانية.
ومن بين الشهادات التي قدمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان أمس الخميس، هي شهادة لشخص حكم عليه بالإعدام سنة 1995، بتهمة تكوين عصابة إجرامية والقتل مع الإصرار والترصد والتحريض على الدعارة والسرقة.
المتهم من مواليد سنة 1972، فرنسي وجزائري الجنسية، رجل أعزب تابع تعليمه إلى غاية المستوى الدراسي الأساسي ثم اشتغل رصاصا، تم اعتقاله في تاريخ 27غشت 1994 حيث وجهت له تهم تكوين عصابة إجرامية والقتل مع سبق الإصرار والترصد والسرقات الموصوفة باستعمال السلاح والتحريض على الدعارة. وطبقا لذلك، أصدرت بحقه محكمة الاستئناف بفاس عقوبة الإعدام في تاريخ 28.1.1995.
السجن الانفرادي.. عذاب لا ينتهي
يقول المحكوم عليه بالإعدام، أنه ظل في سجن تولال أربعة أشهر فقط، ولم يعرف سبب ترحيله، لأنه طيلة الخمسة وعشرين سنة التي أمضاها في السجن، قضى منها أربعة عشرة سنة في السجن الانفرادي، وناضلت طيلة هذه المدة إلى جانب لجنة حقوق الإنسان الفرنسية (من 1994 إلى 2007) حتى ألغت إدارة السجن حبسه الانفرادي.
وحاول المحكوم عليه بالمؤبد أن يحكي تفاصيل دقيقة عن السنوات التي قضاها داخل السجن، قائلا “كنت أعيش في السجن المركزي بالقنيطرة كباقي السجناء، يتم فتح أبواب الزنازن على الساعة التاسعة صباحاً ولا تقفل إلا مع حلول الظهيرة، أما هنا فلا نخرج إلا نصف ساعة في الصباح ونصف ساعة أخرى في المساء.، كنت أختلط في القنيطرة مع باقي السجناء، بينما هنا لا يمكنني التحدث مع أحد، هناك كان يسمح لي باستعمال الفرن والهاتف وغيرهما، أما الآن فلا يمكنني حتى الاتصال بعائلتي”.
ويضيف المحكوم عليه بالإعدام، “في سجن القنيطرة، كنت أتوفر على سخان كهربائي للأكل ومذياع، وكان بإمكاني التحدث مع الآخرين، أما حاليا أنا هنا منذ أربعة أشهر ولم يسبق لي الحديث مع أي شخص، حتى في الفسحة أكون وحيدا، بينما في القنيطرة كان بإمكاني الولوج لمكتبة السجن ومخالطة السجناء الآخرين.
لزم الفراش لأربعة أشهر بسبب آلام في الظهر
وقال المحكوم عليه بالمؤبد، أحب قراءة الروايات الفرنسية وغيرها، فأنا أقرأ كل شيء لتمضية الوقت، إلا أن مدير السجن أخبرني أنها غير متوفرة في المكتبة، لا يمكنني ممارسة الرياضة فأنا أعاني من آلام في ظهري ورجلي لكن ما يزعجني أكثر هو الحمى الدائمة التي لا تفارقني والآلام التي أحس بها على مستوى القلب، والتي تمنعني من الاستلقاء على جانبي الأيسر.
وتابع المتهم، “أنا أستحق عقوبة الإعدام، فأنا مذنب بدون شك، واعترفت بعد مواجهتي بالأدلة، أنا مذنب وأقر بذلك، لكن أخرجوني من العزلة وامنحوني حقوقي المشروعة، فقد كنت منضبطا طيلة هذه المدة، لم أثر أي مشكلة حتى أن كل الموظفين في السجن يسألونني لماذا أنا في السجن الانفرادي منذ مدة طويلة”.
وأضاف المحكوم عليه بالإعدام، مضت أربعة شهور ولا شيء تغير، لقد تم نقلي من القنيطرة وأنا مستلق على سرير، إذ لم يكن بوسعي التحرك بسبب آلام في ظهري، رأيت الطبيب ربما ثلاث مرات منذ نقلي هنا، لكنني لم أتمكن من زيارة طبيب القلب بالقنيطرة. طبيب السجن أخبرني بضرورة مراجعة طبيب القلب خارج السجن من أجل الفحص بالأشعة، وقد انتظرت طيلة سنتين كي يسمح لي بالخروج، ولما تعذر علي إجراء الفحوصات بمدينة القنيطرة، وكان علي الانتقال إلى مدينة سلا، لم تسمح لي الإدارة بذلك.
محكوم عليه بالإعدام.. أتعذب نفسيا
ما يزعجني ليس الاعتقال، فأنا استحق الإعدام، لكن ما يؤرقني هنا هو العزل والسجن الانفرادي فأنا أتعذب نفسيا.. زنزانتي ضيقة جدا، ولا يمكنني الحصول على وسادة ولا أغطية ولا مذياع.
السجناء هنا صنفان، صنف يسمح له بالاختلاط والحق في الفسحة ساعة في الصباح وساعة في المساء، بينما الصنف الثاني لا يمكنه الاختلاط بالآخرين ولا يخرجون للفسحة إلا نصف ساعة صباحا ونصف ساعة أخرى مساء.
أفكار انتحارية.. أضرب عن الطعام
قال المحكوم بالإعدام، أعرف أن عقوبة الإعدام لا إنسانية، لكن تطبيق العقوبة سيحد من معاناة كثير من المحكومين بالإعدام داخل زنازنهم، لقد رأيت الكثيرين ينتحرون، كما شاهدت بعيني من مات بعد إضرابه عن الطعام، وأنا بدوري قمت بذلك عدة مرات. لقد رأيت العديد من الحالات المؤثرة جدا.
بالطبع لقد راودتني أفكار انتحارية، خصوصا مؤخرا، حيث لا أستطيع حتى شمّ الهواء، السبب الوحيد الذي يمنعني هو خوفي من الله عز وجل لكنني أبقى بشرا، وفكرة الانتحار وتلك الأفكار لا تفارقني في بعض اللحظات.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية