الهجُوم على حفل “البابا”.. دفاع عن الدين أم حالة نفسية

بمجرد صعود “فرانسواز أطلان” و”سماح الهادني” و”كارولين كاساديس” فوق خشبة معهد تكوين الأئمة والمرشدين بالعاصمة الرباط، لترديد ترانيم الديانات التوحيدية الثلاث مرفوقين الأوركسترا الفيلهارمونية المغربية، حتى تعالت الأصوات المنددة بالعرض الموسيقي الذي حضره الملك محمد السادس وبابا الفاتيكان، يوم السبت الماضي.

وحاول الغاضبون من الحفل إلى ربطه بالأذان، رغم أن ما ردده الفنان المغربي لم ترد فيه مطلقا “حي على الصلاة” و”حي على الفلاح” التي تعد إحدى أسس لإعلان دخول وقت الصلاة، مما يُحتم علينا اللجوء لعلم النفس الإجتماعي لمحاولة فهم ردود الفعل الغاضبة من العرض الموسيقي عبر الجواب على السؤالين: لماذا انتفض البعض لمهاجمة الحفل الذي جسد ترانيم الديانات الثلاث في معهد تكوين الأئمة؟، وهل رفض اللوحة تعبير نفسي؟.

في هذا الصدد، أبرز  عادل الحسني الباحث في علم النفس الاجتماعي، بأن “هناك مفهوم مركزي في المدرسة التحليلية يحاول مقاربة ردود الفعل الغاضبة من أي سلوك يمس المنظومة العقدية للمجتمع المنظومة الدينية المنتشرة في عدة مجتمعات، المفهوم المعني هنا يسمى “الدفاع عن الطوطم”، يحاول فرويد شرحه ببساطة قائلا: هو دفاع جماعي منفعل حول موضوع عقدي لكن دون مبرر منطقي واضح ولغاية يمكن سبرها بالتحليل النفسي”.

وأضاف الحسني في تصريح لـ”سيت أنفو”، أن “اللوحة الفنية عُرضت أمام شخصيتين قياديتين في الدين والسياسة، واجتماع هذه المعطيات، أي عرض الموسيقى حدث كبير دوليا وله تأثير على أتباع ديانتين كبيرتين وسينسب هذا التأثير لقيادة دينية معروفة، كل هذه العناصر جذبت طبيعة الطرف المنتفض ضد الحدث من منطلق الدفاع عن الطوطم، أي من منطلق غريزة تأثرت بالمس بمعتقد، وأغلب المادة “الدعوية”  التي صيغت من قاموس الإسلام السياسي سواء كان سلفيا أو إخوانيا”.

وتابع: “وأولى نتائج التحليل تعطينيا أن الطرف المنتفض هو خصم للقيادة الدينية الرسمية ومنافسه في كسب ولاء المسلمين عموما، والحدث شبيه بـ”سوق العار” أي الحدث الذي أثار استغراب المؤمنين،لأنه غريب ويتم توجيه هذه الإحساس بالغرابة من قبل خصوم الإسلام الرسمي إلى غضب بتفسير الحدث كمس بالمقدس، وأهم نتيجة في التحليل تأتي كجواب مباشر على سؤالك، هو أن الحدث مناسبة ثمينة لتحريك غريزة الدفاع الطوطم لصالح كسب ولاء المؤمنين لتيار الإسلام السياسي عموما”.

وأبرز الباحث بأنه “معلوم أن السيطرة كعلمية تدبير مستمرة للصراع لا تُستحضر كثيرا كحالة لا واعية، ويظن الكثيرون أن التسلط هو قصد لا أخلاقي واعي، لكن من الناحية السيكولوجية، فالمتسلطون يقعون تحت أنفسهم بشكل لاواعي، فهتلر وموسوليني وأمثالهم لم يفصلوا ذواتهم وحتى حياتهم الشخصية عن أدوارهم الاجتماعية والسياسية، وهنا شدد فرويد على الحذر من القوى والشخصيات الجادة لحماية الحضارة من تسلط الأفراد والفئات ، في حالة ردود الفعل حول اللوحة ردة الفعل النفسية تأتي ضمن سلسلة مستمرة من الفعل وردود الفعل المتعصبة تجاه الاختلاف والآخر”.

وشدد أن “هذه الفئة تعيش حالة لا عقلانية تحيي فيها عقلية الاهتمام المستمر بالسيطرة على  القطعان التي طبعت النفسية البشرية خلال مرحلة الحياة البدائية حيث كانت المجموعات البشرية تعيش كقطعان كانت سيطرة أقوى الذكور المنفعلين على البقية كأحد طرق البقاء، ومعروف أن الدين إذ يحمل نصوص عامة للنهي أو الأمر في موقف ما لكنه لا يحمل تفاصيل لتمدين السلوك في الموقف بشكل دقيق ، فتمدين السلوك يحتاج لتحيين من قبل الفلاسفة والقانونيين، لذلك فالقوى الدين/سياسية تعبر عن حالة نفسية تسيطر عليها أكثر من كونها ترفض لوحة فنية ترى أن تخالف تعاليم عموم المسلمين”.


سفيان رحيمي يثير ضجة في مصر

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى