المصلحة الفضلى للطفل في قضايا البنوة تُجمع دكاترة وحقوقيين بالبيضاء

نظمت اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بجهة الدار البيضاء سطات، أول أمس الجمعة ندوة فكرية حول موضوع: “المصلحة الفضلى للطفل في قضايا البنوة”.

في هذا السياق، قالت رئيسة اللجنة، السعدية وضاح، إن تنظيم هذا اللقاء يأتي انسجاما مع مضامين التقرير السنوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان المتعلق بوضعية حقوق الإنسان خلال سنة 2020 في الشق المرتبط بحقوق الطفل، وهو فرصة للمساهمة في النقاش العمومي المفتوح حول قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ 29 شتنبر 2020 المتعلق برفض إثبات بنوة طفلة لأبيها البيولوجي اعتمادا على نتائج الخبرة الجينية.

من جهته أكد الدكتور والقاضي، أنس سعدون أن الإطار القانوني الحالي الذي يجعل البنوة غير الشرعية ملغاة بالنسبة للأب يشجع على تنامي ظاهرة الولادات خارج إطار مؤسسة الزواج، لسهولة تنصل الآباء من المسؤولية اتجاه أطفالهم، وأن عددا من الفتيات ضحايا الاغتصاب أو التغرير يتفادين التبليغ عن الاعتداءات الجنسية التي يتعرضن لها، مخافة حرمان أطفالهن من النسب مما يؤدي الى الإفلات من العقاب، مؤكدا على أهمية وضوح القاعدة القانونية ومواكبتها للعصر ولتقدم العلوم.

من جهتها، قالت الدكتورة نزهة جسوس، إن العلوم الحديثة تقدم نتائج يقينية في مجال البنوة والنسب وأن التوافقات التي ساهمت في إنتاج مدونة الأسرة أحدثت فراغات مردها بالأساس عدم الحسم في بعض الإشكالات الجوهرية ومن بينها اعمال الخبرة الجينية، متسائلة، كيف نقبل بالإقرار كآلية يلجأ لها الآباء للاعتراف بأبنائهم المولودين خارج الزواج، ولا نسمح بإعمال الدليل العلمي في حالة رفض الآباء الإقرار بالنسب.

من جهة أخرى توقفت رئيسة اتحاد العمل النسائي عائشة لخماس، على إشكالية استمرار العمل ببعض الآراء الفقهية التي أصبحت متجاوزة وقيلت في سياق زماني ومكاني مختلف على خلاف النص القرآني الصريح في نسبة الأطفال لآبائهم، على حساب الواقع وعلى حساب حقوق الطفل والمرأة، معتبرة أن عددا كبيرا من الآباء يحجمون عن الاعتراف بأبنائهم لأسباب اقتصادية خوفا من أحكام النفقة، وهو ما يساهم في تفاقم ظاهرة الأبناء دون هوية، وهي ذات الإشكالية التي تعرض لها الدكتور في علم الاجتماع المصطفى المريزق حينما توقف على الوضعية الاجتماعية للأطفال خارج مؤسسة الزواج.

بدوره، تطرق الدكتور خالد حنفيوي، إلى إشكالية المصلحة الفضلى للطفل مقدما لمحة عن اللقاءات التي نظمها المجلس الوطني لحقوق الانسان مع الأطفال في تفعيله لمبدأ المشاركة.

وفي تعليقه على قرار محكمة النقض الأخير قال الدكتور عبد الكريم طبيح، إنه قرار يؤسس لاستمرار مآسي الأطفال المزدادين خارج إطار مؤسسة الزواج، اعتمادا على أقوال الفقه، لا نصوص مدونة الأسرة التي تتضمن مقتضيات كفيلة بحماية حقوق الأطفال من قبيل التنصيص على أن النسب يثبت بالظن، وأن البنوة تتحقق بتناسل الطفل من أبويه، وعلى إمكانية اللجوء الى الخبرة القضائية، معتبرا أنه قرار تجاهل السياق الدستوري الجديد، الذي كرس مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية على التشريع الداخلي.

وقد أجمع المشاركون على أهمية التعجيل بمراجعة جذرية لمدونة الأسرة لملاءمتها مع الدستور والاتفاقيات الدولية، وإصدار مدونة شاملة لحقوق الطفل، ومراجعة مناهج التكوين في المعاهد والجامعات ذات الصلة بالمهن القانونية والقضائية، ونشر الأحكام القضائية، واعداد وثائق ودلائل استرشادية لمهنيي العدالة لتيسير أعمال الاتفاقيات الدولية، وضرورة تعريف المصلحة الفضلى للطفل.

جدير بالذكر، أن التقرير السنوي الأخير للمجلس الوطني لحقوق الانسان، أكد على أن الجانب التطبيقي ما يزال دون المستوى المطلوب فيما يخص إعمال المعايير الدولية وتحقيق حقوق الطفل، مما يتطلب ضرورة المصادقة على البروتوكول الاختياري لحقوق الطفل المتعلق بتقديم البلاغات والاستجابة للتوصيات الخاصة بها، وإلغاء المادة 20 من مدونة الأسرة المتعلقة بتزويج الطفلات، وحماية حق الطفل في النسب بغض النظر عن الوضعية العائلية للأبوين، وأجرأة المجلس الاستشاري للأسرة والتضامن.

 

 

 

Related Post