العثماني: رغم محاولات الإصلاح لا نتوفر على منظومة تعليمية وطنية ذات جودة
أقر سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، على أنه وبالرغم من كون قطاع التربية والتكوين والبحث العلمي بالمغرب، عرف عدة محاولات للإصلاح، بدءا بمختلف المساعي الإصلاحية التي بذلت منذ الاستقلال، مرورا بتشكيل اللجنة الخاصة للتربية والتكوين وإعداد الميثاق الوطني للتربية والتكوين (1999)، وانتهاء بتنزيل البرنامج الاستعجالي (2009-2012)، إلا أن كل الاصلاحات فشلت منذ الاستقلال والى اليوم، وكل المجهودات لم تمكن من تحقيق النتائج المرجوة والمتمثلة أساسا في إرساء منظومة تعليمية وطنية ذات جودة.
وأوضح العثماني، زوال اليوم الاثنين، خلال الجلسة الشهرية المخصصة لمساءلة رئيس الحكومة حول السياسات العمومية لحكومته، أنه بالرغم من أهمية الموارد المالية المخصصة لقطاع التعليم والتكوين، والتي تشكل ما يناهز 6 % من الناتج الداخلي الاجمالي (تم رصد، برسم قانون المالية لسنة 2018، مبلغ 59,2 مليار درهم للتربية والتكوين أي بزيادة 5 مليار درهم مقارنة بميزانية 2017)، فإن هذا القطاع لازال يواجه تحديات عديدة، لعل أهمها ما يتعلق بالجودة والمردودية، والتي تبقى دون المستوى المطلوب مقارنة مع دول اخرى ذات مستوى دخل ومجهود ميزانياتي مثل بلادنا أو أقل منه.
وأشار العثماني إلى أن مختلف الدراسات والتقارير التحليلية أجمعت على هذا التشخيص ” ولعل أحدثها، الدراسة التحليلية المستفيضة والمعمقة للإكراهات التي تعيق النمو الاقتصادي بالمغرب، التي أنجزها البنك الإفريقي للتنمية في سنة 2015 بطلب من الحكومة وبتعاون مع هيئة تحدي الألفية الأمريكية، والتي كشفت أن ضعف الرأسمال البشري وعدم ملاءمته لاحتياجات المقاولات يشكل إحدى الإكراهات الرئيسية التي يتعين معالجتها لتحقيق نمو شامل والحد من الفقر والفوارق”.
ومن هذا المنطلق، يضيف العثماني، جعلت الحكومة في صميم أولوياتها مسألة التنزيل الفعلي والعملي والمتجانس للرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي 2015-2030 “من أجل إرساء مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء”، التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بتكليف من الملك، حيث تمت ترجمة مضامين هذه الرؤية الاستراتيجية، التي توافقت عليها مختلف مكونات المجلس، في مشروع القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، والذي تمت صياغته تنفيذا لتعليمات الملك الذي دعا الحكومة إلى “صياغة هذا الإصلاح في إطار تعاقدي وطني ملزم، من خلال اعتماد قانون-إطار يحدد الرؤية على المدى البعيد انطلاقا من المحددات المرجعية للإصلاح التي تضمنتها الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، كما تمت ترجمتها في مشروع القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
إلى ذلك، أوضح العثماني، أنه وبخصوص تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص في ولوج التربية والتكوين، تشير المعطيات الإحصائية المتوفرة إلى تسجيل تحسن بعض مؤشرات التمدرس منذ الشروع في تنزيل الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، حيث تحسن نسب التمدرس الخاصة بالأسلاك الثلاثة حيث بلغت 99,1 % بالنسبة للابتدائي و87,6 % بالنسبة للثانوي الاعدادي و66,6 % بالنسبة للثانوي التأهيلي، خلال الموسم الدراسي 2016-2017، كما حصل تطور إيجابي لنسبة التمدرس بالتعليم الأولي، حيث انتقلت من 45,3 % خلال الموسم الدراسي 2015-2016 إلى 49,5 %خلال موسم 2016 -2017 مسجلا ارتفاعا ب2,4 نقطة.
في حين تم تراجع نسبة الهدر المدرسي خلال موسمي 2015 -2016 و 2016-2017، حيث انخفضت من 1,92 % إلى 1,2 % بالنسبة للابتدائي و من 10,8 %إلى 10,2 % بالنسبة للثانوي الاعدادي ومن 11,5 %إلى 9,6 %بالنسبة للثانوي التأهيلي.
وأكد العثماني أنه وبالرغم من تحسن المؤشرات التربوية، فان القطاع لازال يواجه تحديات كبرى، ويتعلق الأمر بتعميم التمدرس وتقليص نسبة الهدر المدرسي وتعميم التعليم الأولي، لا سيما بالعالم القروي. وفي هذا الإطار، ترتكز الجهود المبذولة بدءا من الموسم الدراسي الحالي (2017-2018) وفي أفق المواسم المقبلة، على التقليص من الخصاص في العرض المدرسي، عبر تنويع هذا العرض بما يستجيب للخصوصيات المجالية لمختلف ربوع المملكة (أ) وكذا تعزيز الدعم الاجتماعي من أجل التمدرس(ب)، وتوسيع البنية التحتية المدرسية، حيث وصل إجمالي المؤسسات التعليمية إلى 10911 تعليمية (منها 5946 مؤسسة تعليمية بالوسط القروي)، بزيادة 78 مؤسسة عن الموسم الدراسي الماضي، مع هدف 150 مؤسسة خلال الموسم المقبل 2018-2019، ومواصلة توسيع البنية التحتية بنفس الوتيرة في أفق الموسم الدراسي 2020-2021.
كما دعا رئيس الحكومة إلى مواصلة إحداث المدارس الابتدائية الجماعاتية، حيث بلغ عدد المدارس المحدثة 124 بزيادة 8 وحدات عن الموسم الماضي، مع هدف إحداث 100 مدرسة جماعاتية جديدة برسم كل موسم دراسي في أفق بلوغ 1000 مدرسة جماعاتية، بالاضافة إلى تأهيل المؤسسات التعليمية (543 13 مؤسسة تعليمية ووحدة مدرسية) وتجديد الأثاث المدرسي (طاولات وسبورات ومكاتب للأساتذة)، مع مواصلة تأهيل المؤسسات المتبقية في أفق الانتهاء من تأهيل كافة هذه المؤسسات بمناسبة الدخول المدرسي 2018-2019.
وفي ذات السياق، ركز العثماني على ضرورة التخفيف من حدة الاكتظاظ (30 تلميذا بالقسم كحد أقصى بالسنة الأولى ابتدائي و40 تلميذا بالقسم كحد أقصى بباقي المستويات)، وذلك في أفق بلوغ هدف 30 تلميذا بالقسم كحد أقصى بالسنة الأولى ابتدائي 34 تلميذا بالقسم كحد أقصى بباقي المستويات، مع دعم منظومة التربية والتكوين بالإمكانيات البشرية اللازمة، من خلال توفير 20 ألف منصب شغل بالتعاقد على مستوى قطاع التعليم، على أن يبلغ عدد المشتغلين بالتعاقد في هذ القطاع حوالي 55 ألف ما بين 2018 – 2019.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية