من الرقابة إلى التقييم.. دور مجموعات العمل الموضوعاتية في ترصيد العمل البرلماني وتطوير السياسات العمومية

تحول نوعي شهدته المؤسسة التشريعية منذ إقرار دستور 2011، إذ انتقلت وظيفتها من التشريع والرقابة على عمل الحكومة إلى ممارسة أكثر انفتاحا تتمثل في تقييم السياسات العمومية؛ برزت معها مجموعات العمل الموضوعاتية كآلية هامة في ترصيد العمل البرلماني وتثمين أداء نخبه.

وفي ظل الرهانات التي تسم الدورة البرلمانية الربيعية، التي تفتتح أشغالها اليوم الجمعة، يبرز عمل مجموعات العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسات العمومية، لاسيما في ظرفية تتطلب التفاعل مع عدد من القضايا ذات الأولوية، وتجعل بالتالي تقييم هذه السياسات آلية لتحسين الأداء الحكومي وتعزيز الحكامة الجيدة.

ومن بين مجموعات العمل التي تعنى بالسياسات العمومية والتي من المنتظر أن تعرض حصيلة عملها في جلسة عامة خلال الدورة البرلمانية الربيعية، مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم برامج محو الأمية.

وفي هذا الإطار، قالت رئيسة مجموعة العمل، زينب السيمو، إن المجموعة شارفت على الانتهاء من تنفيذ برنامج عملها، إذ سينكب عضوات وأعضاء المجموعة في الفترة المقبلة على مناقشة مسودة التقرير وإدخال التعديلات النهائية على مضمونه، وذلك من أجل مناقشته في جلسة عمومية كما ينص على ذلك الفصل 101 من الدستور.

وفي ما يتعلق بمنهجية عمل مجموعة العمل، أوضحت النائبة البرلمانية، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن العمل اعتمد إلى جانب مختلف الأنشطة الهادفة على جمع أكبر قدر من المعطيات من طرف القطاعات المتدخلة في البرنامج سواء عبر جلسات الاستماع داخل المجلس أو زيارات العمل لمقرات بعض القطاعات الأخرى.

وسجلت أنه لتعزيز هذا الرهان وإضفاء صبغة عملية عليه، سهرت مجموعة العمل الموضوعاتية بين الدورتين على تفعيل البعد الميداني، مشيرة بخصوص التحديات التي واجهت عمل المجموعة إلى أن عامل الوقت يعد أكبر تحد “إذ أن المساطر الإدارية تأخذ من وقت المجموعات الموضوعاتية الشيء الكثير، وهو ما يضيق من مجال عملها”.

من جهة أخرى، سجلت البرلمانية أنه تبين من خلال عمل المجموعة الموضوعاتية ذاتها أنه بإمكان هذه الأخيرة تعزيز الشفافية ومساءلة الحكومة أثناء التقييم ثم من خلال التقرير التقييمي بعد مناقشته.

فبالنسبة لمرحلة التقييم، توضح البرلمانية، حرصت المجموعة على تناول موضوع التقييم بكل جوانبه وتجلياته، والعمل على الاستماع لكل الفاعلين المتدخلين، من قطاعات حكومية ومؤسسات دستورية ومجتمع مدني إضافة الى الخبراء والأكاديميين، وذلك من أجل بسط صورة واضحة ومحايدة لواقع تمويل السياسة وآفاقها وسبل تقويمها.

أما بخصوص تقرير التقييم، تضيف، “فإن الاستنتاجات والتوصيات التي ستصدر عبره والتي تكون نتيجة لتحليل علمي وموضوعي للمعطيات التي وفرتها عملية التقييم، من شأنها تعزيز الشفافية وأن تسائل العمل الحكومي أثناء جلسة المناقشة، أو باعتبارها مرجعيات للعمل البرلماني بعد صدور التقرير، عبر آليات الأسئلة الشفوية والكتابية أو أثناء القيام بمهام استطلاعية أو خلال التشريع”.

وتعد دعوة مكتب المجلس إلى تشكيل مجموعة العمل الموضوعاتية التي يوكل إليها تتبع إنجاز التقييم في الموضوع الذي حدده، بناء على رهانات التقييم وأسبابه وغاياته ومحيطه وكذلك نوعيته والأسئلة التقييمية الجوهرية التي تؤطره، مرحلة هامة لتنفيذ عملية التقييم ثم مناقشته في الجلسة السنوية.

وفي هذا السياق، أكد أستاذ القانون الدستوري رشيد المدور، في تصريح مماثل، أن آلية المجموعات الموضوعاتية المؤقتة فتحت آفاقا مهمة أمام البرلمان، مكنته من الانفتاح على مواضيع كان يصعب، في التجارب البرلمانية السابقة، مناقشتها في اللجان أو في الجلسات العامة بالمنهجية التي تتيحها مجموعات العمل هاته.

وأوضح الأستاذ الجامعي أن المنهجية العلمية التي اختارها البرلمان وهي تشكيل لجنة موضوعاتية متخصصة في موضوع التقييم، قبل عقد الجلسة السنوية لمناقشة السياسات العمومية وتقييمها، وتتألف من أعضاء أيضا متخصصين أو لهم علاقة بالموضوع، تعد منهجية مفيدة تجعل التقييم مبنيا على أسئلة م فك ر فيها ومدروسة.

وسجل أن وظيفة تقييم السياسات العمومية باعتبارها تمرينا ديمقراطيا جديدا، انطلقت مع دستور 2011، “وإن جاءت تعزيزا لدور البرلمان في مجال مراقبة عمل الحكومة، تبدو كأنها مشتقة من الوظيفة الرقابية للبرلمان، إذ فصل المشرع الدستوري التقييم عن الرقابة وجعله اختصاصا قائما بذاته يختلف عنها من حيث الأهداف والغايات”.

وأوضح المتخصص في القانون البرلماني أن هذا الفصل هو للتأكيد من جهة، على المفهوم الجديد لموقع البرلمان في بنية النظام السياسي وأيضا لجعل تقييم السياسات العمومية أفقا للتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفذية، من خلال تشكيل مجموعات العمل الموضوعاتية المكلفة بهذا التقييم، بطريقة علمية، والتي يعقبها إخبار رئيس الحكومة بموضوع التقييم.

وفيما يتعلق بنجاعة التقييم، أبرز الأستاذ الجامعي أنه يتجلى في التشخيص الدقيق للسياسية موضوع التقييم، التي قد تكون الحكومة قد انتهجتها منذ تشكيلها، وبلوة التوصيات الموجهة للحكومة من أجل التصحيح أو التقويم.

وأضاف أنه يمكن استثمار المادة العلمية والمعرفية التي يوفرها هذا التقييم في العمل الرقابي للبرلمانيين، لتشكل بنكا للأسئلة الشفوية أو الكتابية، أو إذا تطور الأمر استغلالها في المهام الاستطلاعية أو لجان تقصي الحقائق، أو في ملتمس رقابة، مشيرا إلى أنه يمكن ترصيد هذا العمل وتطويره.

وإلى جانب مجموعات العمل الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسات العمومية، تشتغل مجموعات عمل موضوعاتية بمجلسي البرلمان على قضايا ذات راهنية، من قبيل ” الذكاء الاصطناعي” و”الشؤون الإفريقية” و”الانتقال الطاقي” و”المساواة والمناصفة”.

وتعمل مجموعات العمل الموضوعاتية على توسيع دائرة التفكير بشأن هذه القضايا إلى جانب متخصصين وخبراء ومؤسسات دستورية أيضا، من خلال عروض ولقاءات وزيارات ميدانية، وذلك في أفق إعداد تقارير تحال على مكتب المجلس الذي يؤول له قرار الحسم فيها، بحسب ما ينص عليه النظام الداخلي.

المصدر : وكالات

لقجع يحذر نبيل باها

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى