اكتشاف آثار بشرية تحت الدار البيضاء تعود إلى مليون و300 ألف سنة
لا زال مشروع “الدار البيضاء ما قبل التاريخ” يجود بنتائج علمية، إذ “تمكن فريق بحث مغربي- فرنسي -إيطالي من تأريخ بقايا الأطوار القديمة للثقافة الأشولية المكتشفة بموقع “طوما 1 بالدار البيضاء”، بمليون و300 ألف سنة، وهي الآن تشكل أقدم شاهد بإفريقيا الشمالية على هذه الثقافة المادية المنتمية إلى ما يعرف بالعصر الحجري القديم الأدنى خلا عهود ما قبل التاريخ”.
وأضاف بلاغ صادر عن المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، اطلع “سيت أنفو” على نُسخة منه، أن “الطور القديم للثقافة المادية الآشولية المتميز بصناعة الأدوات كبيرة الحجم يشكل تطورا تكنولوجيا كبيرا خلال مراحل التطور البشري، وقد ظهر هذا الطور للمرة الأولى بإفريقيا الشرقية منذ مليون و800 ألف سنة، وبإفريقيا الجنوبية بين مليون و 600 ألف ومليون سنة”
وتابع: “أما بإفريقيا الشمالية، ورغم وجود عدة مواقع أركيولوجية أشولية، فهي لا توفر إلى حدود الآن إلا على مواقع معدودة تخص الفترات القديمة للثقافة الأشولية، كما أن التأريخات تطرح عدة إشكالات وتبقى غير مؤكدة، وهكذا، فإن الدراسة التي تم نشر نتائجها بمجلة التقارير العلمية، توفر أول إطار زمني عالي الدقة يمكن من تأريخ أقدم أطوار الثقافة الأشولية بشمال إفريقيا”.
ولفت أن “اكتشاف أقدم الشواهد المادية المتعلقة بالثقافة الأشولية تم في المغرب بمنطقة الدار البيضاء وبالضبط في الطبقات الأثرية المعروفة بالمستوى الإركيولوجي بموقع طوما 1 ( طوما 1 -ل1)، والتي تعرف حفريات وأبحاثا منتظمة منذ 1985 من طرف فريق بحث مغربي – فرنسي، وقد مكن الموقع الذي كان يؤرخ سابقا بحوالي مليون سنة من العثور على مجموعة جد غنية من اللقى تضم أدوات منحوتة وحصى طبيعية وبقايا حيوانية متحجرة”.
وأكدت أن “الهدف الأساسي كان خلال فترة الآشولي الأول بموقع طوما 1 موجها نحو صنع أدوات قطع وفؤوس يدوية كبيرة الحجم ذات وجهين أو ثلاثة على حصى طبيعية أو فوق شظايا كبيرة مستخلصة من صخور المرويت (الكوارزيت)، والتي يتم اقتناؤها من المناطق المجاورة مباشرة”.
وأورد أن “مجموعة الأدوات الحجرية تتميز بإنتاج العديد من الشظايا صغيرة ومتوسطة الحجم انطلاقا من صخور المرويت والصوان، لابد من الإشارة إلى أن دراسة الأدوات المعدلة من حصى الصوان، مكن من تحديد نظام تقني موجه نحو صناعة شظايا صغيرة شبيهة بالشفرات صغيرة الحجم عن طريق ”تقنية الطرق ثنائية القطب على السندان“”.
ونبه إلى أنه “بناء على الدراسات المغناطيسية/الاستراتيغرافية والجيوكميائية المنجزة مؤخرا في طبقات السلسلة الجيولوجية البلايستوسينية لموقع طوما 1 واعتمادا على المعطيات والدراسات الليثوستراتيغرافية والبيوستراتيغرافية وكذا التأريخات التي توصل إليها البحث خلال السنوات السابقة، تمكن فريق علمي مغربي – دولي متعدد الاختصاصات ولأول مرة بشمال إفريقيا من اقتراح إطار كرونو- استراتيغرافي عالي الدقة وتأريخ الأشولي القديم (أي الطور الأول للثقافة المادية الأشولية) بمليون و300 ألف سنة”.
وأشارت إلى أنه “يعد إذن المستوى الأثري “ل” بموقع طوما 1 اليوم، أقدم موقع أشولي بشمال إفريقيا، وبفضل النتائج المحصل عليها، فهو يحتل اليوم لأول مرة مكانة أساسية داخل النقاش الحالي حول بزوغ الثقافة الأشولية بالقارة الإفريقية”.
وذكر أن “إنجاز هذه الأبحاث تم من طرف فريق يضم باحثات وباحثين ينتمون إلى عدة مؤسسات ومختبرات، المغرب يمثله المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، أما فرنسا فيها جامعة بول فاليري لمونبوليي 3، والمعهد الوطني للبحث العلمي، ووزارة الثقافة، وجامعة بوردو، والمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي، وجامعة السربون، وجامعة أيكس مرسيليا، ومعهد الباليونتولوجيا البشرية، وشركة باليوطايم، ومن إيطاليا، يحضر قسم علوم الأرض بجامعة ميلانو، وقسم الهندسة والجيولوجيا بجامعة شيتي بيسكارا.
وأوضح أن “أشغال البحث يأتي في إطار برنامج البحث المغربي – الفرنسي ”ما قبل التاريخ بالدار البيضاء“ المنجز بموجب اتفاقية تعاون ثنائي بين المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث التابع لوزارة الثقافة والشباب الرياضة – قطاع الثقافة، ووزارة أوروبا والشؤون الخارجية، وجامعة بول فاليري لمونبوليي بفرنسا.
وتم إنجاز الدراسة المغناطيسية من طرف قسم علوم الأرض التابع لجامعة ميلانو بإيطاليا، كما استفاد برنامج البحث من دعم مشروع لابيكس أرشيميد (مونبوليي)، وجهة أكيتان وكوليج فرنسا، ومتحف التاريخ الطبيعي بباريس، وجامعة بوردو وقسم التطور البشري بمعهد ماكس بلانك لأنتربولوجيا التطورية باليبزيغ (ألمانيا).
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية