ارتفاع نفقات علاج المغاربة ومراجعة التعريفة المرجعية.. حمضي يوضح لـ”سيت أنفو”
لازال عدم مراجعة التعريفة المرجعية لغاية اليوم يثير غضب أطباء القطاع الخاص، الذين نادوا لسنوات بمراجعتها، بدعوى أن المؤمنين المغاربة أي المرضى أكبر مستفيد منها وستمنح لهم الحق في الولوج للعلاج بما يتناسب مع قدرتهم الشرائية، خاصة وأن المرضى اليوم يضطرون إلى أداء ما بين 50 و60 في المائة من نفقات العلاج، بسبب ارتفاع تكاليف العلاج وعدم العمل بالتعريفة المرجعية لسنة 2006 التي تم تتم مراجعتها منذ هذا التاريخ.
وفي 13 يناير 2020، اجتمعت وزارة الصحة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي ونقابات القطاع الصحي الخاص وتم توقيع اتفاق يقضي بمراجعة التعريفة المرجعية لخدمات القطاع الخاص، وقعه صندوق الضمان الاجتماعي وغابت عنه كنوبس، وهو الاتفاق الذي لم يدخل حيز التنفيذ منذ تاريخ توقيعه إلى غاية اليوم، فما السبب؟، وما المقصود بالتعريفة المرجعية؟ وما الفرق بينها وبين أسعار خدمات القطاع الخاص؟، وكيف يمكن ضبطه لعدم استغلال التعريفة المرجعية لرفع أسعاره؟.
كان لنا الحوار التالي مع الدكتور الطيب حمضي باحث متخصص في النظم والسياسيات الصحية.
سؤال: كثيرا ما يتم خلط الحديث بين التعريفة المرجعية وأسعار خدمات القطاع الخاص، فما المقصود بالتعريفة المرجعية؟
جواب: إن مقدمي الخدمات الأطباء والمصحات بالقطاع الخاص من جهة والمؤمنين أي صناديق التغطية الصحية وباقي شركات التأمين الصحي، يتفقون على تعريفة، التي على أساسها يتم تعويض المرضى بنسبة 70 في المائة، حين دفعهم لملفات التعويض عن المرض لصناديق التغطية الصحية، وبالتالي لا علاقة لها بأسعار القطاع الخاص. وسابقا تم الاتفاق على تعريفة الطب العام في حدود 80 درهما، و150 درهما للطب الاختصاصي، والإنعاش ب1500 درهما للإنعاش، يؤدي المريض الفرق، وتؤدي صناديق التغطية الصحية نسبة 70 في المائة.
لكن الأسعار تتغير، مثلا بالنسبة للإنعاش، أصبح المريض يؤدي ما يقارب 2500 و3000 درهم لليلة الواحدة، لكنه يعوض على أساس 1500 درهما لليلة الواحدة، بنسبة 70 في المائة فقط. ولذلك، يجب مراجعة هذه الأخيرة ليستفيد المؤمنون من الحق في الولوج للعلاج بشكل أفضل وبكلفة تناسب قدرتهم الشرائية.
سؤال: أين وصلت مفاوضات مراجعة التعريفة المرجعية بين الأطراف المعنية؟
جواب: تم اعتماد التعريفة المرجعية المعمول بها حاليا سنة 2006 التي وقعت أمام الملك محمد السادس، وانطوت هذه الاتفاقية على بعض الحيف، لكن تم وعد الأطباء بمراجعتها كل ثلاث سنوات، وهو ما لم يتم إلى غاية اليوم ونحن في بداية سنة 2023، لكن مع مراجعة المنظومة الصحية، هناك جزء كبير من الأطباء بمختلف اختصاصاتهم لم يعودوا يحترمون هذه التعريفة لأن لا علاقة لها بالواقع، وبما أن المغاربة سيستفيدون جميعا من التغطية الصحية، فإنه يجب إنجاح هذا الورش، وذلك في إطار مفاوضات واتفاق بين القطاعين العام والخاص.
فالتعريفة المرجعية الحالية لا تساير كلفة الخدمات حتى بالمستشفيات العمومية، وهناك القانون الإطار 65.00 الذي ينظم التغطية الصحية بالمغرب، والذي ينص على أن مراجعة الاتفاقيات الوطنية بين مقدمي الخدمات، وذلك في إطار إجراء حوار تفاوضي بين الأطراف ثم الاتفاق على مراجعتها، والآن، تم الاتفاق على الإطار القانوني وقواعد العمل، وبعدها سنمر للمفاوضات على التعريفة الوطنية المرجعية والتحفيزات التي ستمنح للأطباء للمساهمة في التوازنات المالية للصناديق ومسار العلاجات وغيرها. نحن بالكاد انتهينا من المرحلة الأولى وننتظر الشروع في المرحلة الثانية.
سؤال: ما الذي يعنيه عدم مراجعة التعريفة المرجعية منذ سنة 2006 إلى غاية اليوم بالنسبة لمنخرطي صناديق التغطية الصحية؟
جواب: معناه ببساطة أن المريض حين يتعالج مثلا ويتلقى العلاج بالإنعاش أو عملية جراحة أو غيرها، فإنه في حالة إجراءه لعملية جراحية كان سعرها في 2006 يعادل 5000 درهم، بينما أصبح ثمنها اليوم يقدر ب 13 ألف درهم، فإن المريض يعوض على أساس 5000 درهم فقط. فإنه يضطر إلى أداء الفارق من جيبه، بما يعادل 5000 أو 7000 درهم، بالإضافة إلى الفارق الذي يؤديه ولا يعوض عليه من صناديق التغطية الصحية.
أما في حالة الاستشارة الطبية التي يتراوح سعرها ما بين 250 و300 درهم حسب الاختصاص الطبي، فإن صناديق التغطية الصحية تعوضه بنسبة 70 في المائة باحتساب 150 درهما فقط كتعريفة مرجعية التي تم تحديدها في 2006 أي تعويضا ب 90 درهما فقط، وبالتالي، يضطر إلى أداء الفارق من جيبه، كما يؤدي نسبة الفارق في التعويض من جيبه أيضا.
وهذا يجعل المنخرطين يؤدون ما بين 50 و60 في المائة من نفقات العلاج رغم أداءهم لواجباتهم الاشتراكية شهريا، وهو ما يعني أنهر غم توفرهم على التغطية الصحية إلا أنهم لا يستفيدون من العلاجات، نظرا للفارق الذي يؤدونه والتعويض الذي يتلقونه من الصناديق.
سؤال: سبق وتوصلتم سنة 2020 إلى اتفاق حول مراجعة التعريفة المرجعية تم توقيعه مع صندوق الضمان دون مشاركة كنوبس فيه، ليتم بعدها عدم تنفيذه لحد الآن، ما سبب عدم صدوره في الجريدة الرسمية وتفعيله؟
جواب: صحيح، فقد تم خلال 13 يناير 2020 توقيع اتفاق لمراجعة التعريفة المرجعية مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لكن كنوبس لم تنخرط فيه بسبب مشاكلها المالية، والتي أرى أنها ستستمر إذا لم يتم حلها بطريقة هيكلية، لأن الاشتراكات بالكاد تغطي مصاريفها ولن تستطيع مستقبلا تغطيتها.
وبعد توقيع الاتفاق، أرسلت إلى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة وقتها، إلا أن الاتفاقيات لم تنشر بالجريدة الرسمية، والسبب في ذلك، أنه سيصبح هناك نوعين من المؤمنين، مؤمنو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي انخرط في مراجعة التعريفة المرجعية ووقع الاتفاقية، ومنخرطو كنوبس الذين لن يستفيدوا من نفس التغطية الصحية، وبالتالي سنكون أمام نظامين للتغطية للصحية، بتعريفتين مرجعيتن مختلفتين، وهو ما اعتبر من الناحية السياسية مخالفا.
بعد أسابيع من توقيع الاتفاق، جاءت جائحة كورونا التي ضربت بلدنا على غرار باقي دول العالم، ولم يتم نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية من طرف رئيس الحكومة وقتها، لعدم توقيع كنوبس، حيث لا يمكن أن يكون هناك نظامين للتغطية كما أسلفت الذكر، وهو ما حرم منخرطي صندوق الضمان الاجتماعي من الاستفادة من التغطية الصحية بالتعريفة المرجعية التي تم الاتفاق عليها وقتها، وتخفيف عبء العلاج عليهم نظرا لعدم نشرها بسبب عدم توقيعها من لدن كنوبس. وبالتالي عدم تطبيقها.
سؤال: هناك تخوف من رقع القطاع الخاص لأسعاره إذا ما تمت مراجعة التعريفة المرجعية، هل هناك ضوابط وضمانات قانونية وأخلاقية للوقوف في وجه استغلال مراجعة التعريفة المرجعية من بعض المنتسبين للقطاع الخاص؟
جواب: إن الأطباء يطالبون أن تعوض صناديق التغطية الصحية منخرطيها بناء على الأثمنة الحقيقية التي يؤدونها مقابل تلقي خدمات علاجية، تتناسب مع قدرته الشرائية، حيث كما قلنا نسبة التعويض ضعيفة، كما أن المؤمن يضطر إلى الانتظار لحوالي ثلاثة أشهر للاستفادة من التعويض ويؤدي نفقات العلاج كاملة قبل ذلك. فالقدرة الشرائية والحاجيات هي التي تحدد العلاقة بين الصناديق والقطاع الخاص. إذ هناك مصحات لا تطبق التعريفة المرجعية لسنة 2006، بل يطبقون تعريفة مرجعية مرتفعة ويرفعون الأسعار بثلاث مرات أو أكثر، لكن الوكالة الوطنية للتأمين الصحي تراقب، وتقوم بحملات للسهر على احترام التعريفة المرجعية، ومع عدم مراجعتها، فإنه يصعب القيام بالمراقبة، لكن حين مراجعة التعريفة المرجعية، فإنه سيصبح بإمكان الوزارة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي السهر على احترام مراقبتها وتفعيل القرارات الجزائية في حق المخالفين.
إذن التعريفة المرجعية المتفق عليها بين مقدمي الخدمات وصناديق التأمين الصحي تعطي الإمكانية للدولة لمحاربة الزيادة في الأسعار والأتعاب بطريقة غير قانونية لأن هناك من يستغل الفوضى. فمثلا اليوم لن تستطيع وكالة التأمين الصحي معاقبة مصحة خاصة بسبب سعر خدماتها. وحين تكون العلاقة واضحة، فإنه يتم تطبيق العقوبات في حق من يتجاوز القانون وتكون لمؤسسات الرقابة قوتها.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية