بعـد 8 سنوات.. هل حققت الإصلاحـات السياسية مطالب حركة 20 فبراير؟

تحل اليوم الأربعاء، الذكرى الثامنة لحراك الـ20 من فبراير، الذي بصم عليه المغاربة سنة 2011 من خلال خروج المئات من الشباب في 54 مدينة وقرية للمطالبة بعدد من الإصلاحات إبان الربيع العربي الذي زحف على مجموعة من الدول.

تفاعل الملك محمد السادس مع هذا الحراك كان سريعا حينما استجاب لمعظم مطالب الحركة، معلنا حزمة إصلاحات، لعل أبرزها إطلاقة صياغة دستور جديد، وصفه أساتذة العلوم السياسة والقانون الدستوري بالمتقدم، فهل يا ترى حققت الإصلاحـات السياسية مطالب حركة 20 بعد 8 سنوات؟

يرى الدكتور حسن خطابي، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق سطات (جامعة الحسن الأول)، أن “المغرب ظل يحتل مراتب متأخرة في الترتيب العالمي للتنمية البشرية، رغم الأموال التي تم ضخها في مبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، مؤكدا “وفي المجال السياسي ظلت الفئة الشابة، التي تشكل الأغلبية، غائبة عن المحطات الإنتخابية، مما عمق الهوة بين السياسيين والناخبين، فانخفضت نسبة المنخرطين في الأحزاب السياسية، وأضحت الحركة الدينية بديلا مهيمنا على الساحة السياسية المغربية”.

أما على المستوى الاقتصادي، فيقول حسن خطابي إنه “تم تطبيق مبادئ المذهب الليبرالي، المتمثلة أساسا في تجميد الأجور والرفع التدريجي للدعم الموجه للمواد الأساسية، كأحد أهداف الإصلاحات الماكرو اقتصادية المفروضة من طرف البنك الدولي، فصار التفاوت حادا بين أفواج المتخرجين وبين منافذ التشغيل، ووجد خريجو الجامعة أنفسهم متروكين لمصيرهم المجهول، فانخرطوا في تنسيقيات وتظاهروا أمام البرلمان والوزارات لعرض مطالبهم والدفاع عنها”.

وأوضح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سطات، في ورقة تحليلية خص بها “سيت أنفو”، لقد “خلق تفاعل الشباب المغربي مع شبكة الأنترنت لديهم مرونة في التواصل، فحولوا ارتباطاتهم الإفتراضية إلى إرادة نضالية، واتفقوا على الخروج إلى الساحات العمومية في 20 فبراير2011، فانبثقت عن ذلك حركة 20 فبراير التي أعلنت عن انطلاقها بأسلوب الإحتجاجات السلمية، مستعملة لغة جديدة استطاعت من خلالها إخراج الحقل السياسي من الجمود التي يعيش فيه، وتبنت شعار “كرامة، حرية، عدالة اجتماعية””.

المتحدث نفسه أضاف قولا: “ثم جاء الخطاب الملكي، بتاريخ  9 مارس 2011، وعد فيه الملك بإصلاحات دستورية، وإعادة توزيع السلطة عن طريق تفعيل السلطة التشريعية والتنفيذية، وتوسيع اختصاصاتهما، وتكريس القضاء كسلطة مستقلة . فتجاوز بذلك ما كانت تطالب به الأحزاب السياسية المغربية”.

وأوضح مؤلف كتاب “قضية الصحراء المغربية، بين الشرعية التاريخية والمشروعية القانونية” أن “النتيجة المباشرة لهذا الوضع الجديد كانت ظهور روح جديدة لدى الرأي العام المغربي، حيث أخذ الناس يتداولون شعارات الحركة بشكل عفوي”. مضيفا “وكان العامل الذي ساعد على تعاطف المغاربة مع الحركة هو أنها لم تدع إلى إسقاط الملكية في المغرب، بالنظر إلى مكانتها لدى الرأي العام، مما كرس دور الملك كفاعل سياسي في عملية التغيير، كان من نتائجه خطاب 9 مارس الذي طرح برنامجا جريئا للإصلاح السياسي عنوانه العريض : تعديل للدستور وإنجاز إصلاحات سياسية، تتضمن توسيعا لاختصاصات الحكومة والبرلمان والقضاء، وتعزيز الحقوق والحريات، وتوسيع دور المجتمع المدني والمعارضة البرلمانية، وتعميق المكاسب السياسية في إطار الديمقراطية التشاركية، وعلى رأسها مسألة تعديل الدستور، التي كانت في السابق ممارسة ملكية صرفة، إلا أن الأمر سيتغير بعد 20 فبراير 2011، حيث أتيحت لجميع التيارات السياسية فرصة التعبير عن مواقفها من الدستور، فتم إحداث لجنة خاصة، مكونة في أغلبها من أساتذة بكليات الحقوق المغربية، طلب منها “الإصغاء والتشاور مع المنظمات الحزبية والنقابية ومع الفعاليات الشبابية والجمعوية والفكرية والعلمية المؤهلة وتلقي تصوراتها في هذا الشأن”، وأحدثت إلى جانبها آلية سياسية لمتابعة التشاور حول مشروع الدستور، تضم رؤساء الهيئات السياسية والنقابية . وقدم مشروع الدستور للملك بتاريخ 17 يونيو 2011، وتم تحديد الفاتح من يوليو كموعد لتقديمه للإستفتاء”.

وأبرز الدكتور حسن خطابي في حديثه مع الموقع، أن دستور 2011 تضمن تحولات على عدة مستويات، لخصها اساط التعليم العالي، في “سمو الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية، إدراج الإختيار الديمقراطي والحريات ضمن الثوابت التي لا يمكن أن تطالها أية مراجعة دستورية؛ اعتبار اللغة الأمازيغية لغة رسمية؛ الإعتراف بالتعدد الثقافي على مستوى الهوية؛ تعزيز مكانة المعارضة؛ التفصيل في الحريات والحقوق الأساسية؛ تعزيز فصل السلطات؛ تقوية مكانة السلطة التنفيذية المنبثقة عن البرلمان؛ توسيع مجال القانون؛ اعتماد الجهوية على مستوى التنظيم الترابي؛ دسترة هيئات الحكامة الجيدة والنهوض بحقوق الإنسان”.

وبخصوص اختصاصات للملك في الدستور، أوضح خطابي أن” أهمها إمارة المؤمنين، التي تم ضبطها وحصرها في المجال الديني ورئاسة الدولة وقيادة الجيش ورئاسة مجلس الوزراء والمجلس العلمي الأعلى والمجلس الأعلى للأمن والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، في المقابل أصبح لزاما عليه تعيين رئيس الحكومة من الحزب السياسي المتصدر للإنتخابات، الذي أصبح بإمكانه، بالتفويض من الملك، أن يترأس مجلس الوزراء والمجلس العلى للأمن بناء على جدول أعمال محدد . أما السلطة التنفيذية فقد أصبحت مهمة حكومية صرفة، حيث تم توسيع وضبط اختصاصات مجلس الحكومة الذي تحول إلى مؤسسة دستورية”.

وكان من الضروري وفقا لأستاذ العلاقات الدولية،” بعد المصادقة على الدستور أن يتم تفعيل مقتضياته، لا سيما ما يتعلق منها بالانتخابات التشريعية، التي أجريت بتاريخ 25 نوفمبر 2011، في جو طبعه الحياد الإيجابي للسلطة، ومواصلة حركة 20 فبراير مسيراتها المطالبة بالمقاطعة”، مضيفا “كان الإعلان عن النتائج في مهلة قصيرة، تبوأ فيها حزب العدالة والتنمية موقع الصدارة . وبعد تشكيل الحكومة، التي تكونت من تحالف ضم أربعة أحزاب، اتجهت الأنظار نحو حركة 20 فبراير، التي اتضح أنها تفتقر إلى عنصري الإنسجام الفكري والمشروع السياسي الذين يتطلبهما استمرار ونجاح الحركات السياسية، فأدى انسحاب جماعة العدل والإحسان منها إلى أفولها”.

وختم الدكتور حسن خطابي تحليله بالقول: “لقد كسب الإسلاميون انتخابات ما  بعد 20 فبراير، الذين لم يكن من بينهم الشباب الذي قاد الحراك، ورفع شعار”كرامة، حرية، عدالة اجتماعية”، وهو شعار حداثي، لكن الحداثة تفترض وجود قاعدة اجتماعية تتبناها، إلا أن هذه القاعدة ينقصها الوعي السياسي ويحركها الشعار الديني أكثر مما تحركها شعارات الحداثة، ولهذا كسب الإسلاميون الانتخابات، مع أنهم يختزلون الديمقراطية في العملية الإنتخابية، ما داموا واثقين من الفوز بها، لكنهم يرفضون قيمها ومبادئها الليبرالية، وهو ما يعني أن الطريق مازال طويلا أمام الديمقراطيين في المغرب، الذين عليهم بدل مزيد من التعبئة حتى يتمكنوا من تحقيق ما كانوا ينادون به أثناء حراك 20 فبراير، فالوضع في المغرب، كما يصفه بعض الباحثين، يُختزل في وجود دستور جديد يُطبق بعقلية ما قبل حراك 2011”.



whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
محامي يكشف العقوبات التي تنتظر “مومو” والمتورطين في فبركة عملية سرقة على المباشر







انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى