مجلس الشامي يكشف مقترحاته لإنجاح إقلاع قطاع السياحة وتموقعه الاستراتيجي وطنيا ودوليا
قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أبرز مقترحاته من أجل إنجاح إقلاع قطاع السياحة وتموقعه الاستراتيجي على الصعيدين الوطني والدولي، وذلك خلال لقاء تواصلي افتراضي، نظمه أمس الثلاثاء، لتقديم الرأي الذي أدلى به حول ”السياحة، رافعة للتنمية المستدامة والإدماج: من أجل استراتيجية وطنية جديدة للسياحة”.
ووقف رأي المجلس، الذي تم إعداده في إطار إحالة ذاتية، عند المجهودات المهمة المبذولة، منذ الاستقلال، في القطاع السياحي من أجل توفير البنيات الأساسية والمعدات اللازمة وكذلك إطار تنظيمي ومؤسساتي خاص به، وهو ما مكّن من تحسين تنافسيّة المغرب على الصّعيد القارّي في السنوات الأخيرة حيث أنه استطاع تصدّر الوجهات السياحية الإفريقية.
وفي هذا السياق، أعلن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أنه انطلاقاً مِن جلسات الإنصات المنظمة مع الفاعلين المعنيين والخُلاصات المُستَمدة مِن تشخيصِ واقعِ حالِ قطاع السياحة، ومنْ خلال ترْصيد المُبادرات الناجحة على الصعيد الوطني، والاستفادة منَ الدّروسِ المُستخلَصَة منَ التجارب الدولية، عَمِل المجلسُ على اقتراحِ جُملةٍ من التوصيات تتمحور حوْلَ ستّةِ مَحاورَ رئيسية.
ويتعلق المحوَر الأوّل بالحكامة، حيثُ يوصي المجلس بوضع قانون إطار للسياحة وبإرساء تخطيطٍ استراتيجيّ مندمجٍ، يَضْمَن التقائية الوسائلِ والمواردِ، ويُمَكِّنُ من تَتَبُّع وتقييم مَجْمُوع سلسلة القِيمَة.
وفيما يتعلق بالمِحوَر الثاني، الذي يتناول السيّاحة المستدامة والمسؤولة، يوصي المجلسُ، الذي يترأسه أحمد رضى شامي، بتفعيل الميثاق المغربي للسياحة المستدامة، والمساهمة من خلال النظام الجبائي في النهوضِ بالاستثمارات المستدامة والمُنتِجة والمحدِثة لفُرص الشّغل والمُحفِّزة لِخَلْقِ القِيمَة في المجالات الترابية التي تَحْتَضِنُ هذه الاستثمارات واعتماد مقاربة “سياحة 365 يوماً”.
أمّا المِحوَر الثالث، المتعلق بالرَّقمنة، فيوصي المجلس باقتراح منظومة مغربية للحجز والأداء لتجنب خروج العملات الصعبة وتلقي العمولات من لدن فاعلين خارج المغرب، وكذا تطوير آلية التواصل الرقمي الرسمية بتسليط الضوء على حفز انتظارات الزبون.
وفي ما يتعلق بالمحور الرابع، الذي يتناول السيّاحة الداخلية، فًمِنَ الأهميّة بِمَكان اقتراح منتجات خاصة بالسياحة الوطنية بمختلف فروعها، على أن تتلاءم هذه المنتجات مع القدرة الشرائية للسائح المغربي. كما يتعين تشجيع السياحة الاجتماعية والتضامنية وتطوير المآوي الموجهة للشباب وابتكار عرض مناسب للمغاربة المقيمين بالخارج، مع الأخذ بعين الاعتبار أسلوبهم في العيش وأنماط استهلاكهم في مجال الأنشطة الترفيهية والرياضية.
وبالنسبة للمحور الخامس، فيتعلق بالرأسمال البشري، وفي هذا الصدد، يوصي المجلس على الخصوص بإعادة النّظر في مسالك التكوين المهنيّ والجامعيّ ذات الصلة، منْ خلال تحيين خريطة التشغيل في القطاع السياحي والعمل على إبرام اتفاقية قطاعية جماعية في مجال التكوين وتعزيز الكفاءات.
وأخيراً، يتناول المحور السادس التّوْطينَ الترابي، حيثُ تُشكِّل الجهويّة المتقدمة وميثاق اللاتمركز فرصةً لتحقيقِ التوازُن في تنمية السياحة بين المجالات الترابية والوِجْهات السياحية، وفي هذا الإطار، يوصي المجلس بإرساء الالتقائية بين الاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بقطاعات السياحة والثقافة والصناعة التقليدية والشباب والرياضة والتنمية المستدامة وغيرها، والحرص على توطينها على المستوى الترابي، وبدعم تنفيذ الاستراتيجيات الجهويّة للسياحة المستدامة، منْ خلال مواكبة المجالس الجهوية في إعداد وَوَضْع مشاريع في هذا المجال ضِمْن برامج التنمية الجهوية، وتقديم عرض متنوع يتمحور حول مسارات سياحية تَعْبر عدة مجالات ترابية ذات توجه سياحي مشترك.
بدوره، أشار أحمد رضى شامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في كلمته الافتتاحية، على أن المجلس يطمح، من خلال الرأي الذي أدلى به حول ”السياحة، رافعة للتنمية المستدامة والإدماج: من أجل استراتيجية وطنية جديدة للسياحة”، (أشار) إلى بلورة رؤيةٍ شموليةٍ ومندمجةٍ تُسهِم في مسلسل وضْع استراتيجيةٍ جديدةٍ، وذلك من خلال العمل على تطويرِ سيّاحةٍ مستدامةٍ، وقادرةٍ على الصُّمود في مُواجهة التقلبات الاقتصادية والمالية والبيئية والصحية، ودامِجةٍ للساكنة، وتُمَكِّنُ من إرساءَ سياحة الجهات، وخلْقَ الثروةِ والعملِ اللائق لاسيّما لفائدةِ النساء والشباب.
وأضاف، أنه إذا كانت الصّناعة السياحية بالمغرب قد واجهت من قبْلُ عِدَّة صعوبات ذاتِ صلةٍ بتطورات الظّرفية الوطنية والدولية، فأنّ جائحة كوفيد-19 ساهمت في تفاقُم هذه الصّعوبات بشكل كبير، وبالتّالي خلّفتْ آثارًا اقتصادية واجتماعية قويةً على دينامية هذا القطاع.
من جهته، قدّم غنام، عضو المجلس ومقرر الموضوع، رأي المجلس ” السياحة، رافعة للتنمية المستدامة والإدماج: من أجل استراتيجية وطنية جديدة للسياحة”.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم التأكيد في الرأي المذكور على دور قطاع السياحة كدعامة أساسية للنمو الاقتصادي في بلادنا، حيث أنه في سنة 2019، استقبل المغرب 12.9 مليون سائح عَبْرَ المراكز الحدودية، وساهم هذا القطاع بحوالي 7 في المائة في الناتج الدّاخلي الإجمالي و20 في المائة في صادرات السلع والخدمات، كما تقدّر مساهمته في التّشغيل بِـ 550.000س، أيْ 5 في المائة من السّاكنة النّشيطة (مرصد السياحة، 2020).
ويكشف تحليل قطاع السياحة في المغرب خلال العشرين سنة الماضية، أنه يواجه عددًا من الاختلالات الهيكلية، ضمنها استراتيجيات تواجه صعوبات في سبيل تحقيق أهدافها المرسومة؛ وإشكالية التركيز الثلاثي (على مستوى المُدُن والجهات، وتوزيع الوافدين/ المَبيتات بحسب بلد القُدوم، وحسب المواسم)؛ وقصور أساسي على مستوى آلية القيادة ؛ وصعوبات على مستوى تمويل القطاع؛ فضلا عن آلية ترويج وتسويق لا تواكب التحولات (انخفاض الأداء المسجل مقارنة مع أهداف رؤية 2020)؛ وكذا غياب خريطة التشغيل السياحي، وأدوات القيادة بكيفية واضحة ومحددة.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية