الناقد بن الهاشمي: التناسج الثقافي أفق لتجاوز الثنائيات الموهومة والهويات العمياء

أوضح الناقد والأكاديمي هشام بن الهاشمي أنه “من عوائق الثقافة العربية ارتباطها بالماضي، وهنا نستحضر صرخة عبد الله العروي المدوية: “مخيف هذا التعلق بالماضي”، وهي صرخة تروم التوجه نحو المستقبل بدل تحنيطه فرفض الانفتاح على ثقافة الآخر والانتهال من معينها بدعوى الاشتباه في طويته أو بدعوى رفض الاستسلام له أو التسليم بغلبته، قد لا يكون مظهرا للمانعة دائما بل ربما نحول إلى انتحار ثقافي، مما يستلزم التبادل الرمزي والتناسج الثقافي بين الثقافات”.

وأضاف الدكتور الهاشمي في ندوة “المسرح العربي بين سؤال الخصوصية وحتمية الانفتاح” عقدتها كليّة الآداب واللّغات بجامعة محمد الشريف مساعدية – سوق أهراس بالجزائر عن بعد في نهاية الأسبوع الماضي، أن “التلاقح بين الثقافات، وتفاعل عناصر فنية تنتمي إلى ممارسات مسرحية مغايرة لم يتوقف يوما، لأنه وسيلة للتجديد والتغيير، فالثقافات التي لا تنفتح تموت، إذ تعجز عن تجديد عطائها، فقد تفاعل المسرح الياباني بالصيني، كما مزج موليير في فرنسا بين تقاليد المهزلة الفرنسية (الفارس) وكوميديا ديلارتي”.

وأبرز المتحدث ذاته، أن “التناسج الثقافي” يراعي مبدأ التغيير وناموس السيرورة الذي يميز الثقافة، مما يفرز الاختلاف ليس بوصفه نوافي وأضداد، وإنما وفق مبدأ الترابط الذي يميز الضفائر المنسوجة، فهو يضمر إمكانية التعايش بين الفرجات والثقافات لخلق حالة “المابينية” التي تغدو فيها تقنيات صناعة الفرجة في حالة سفر دائم وترحال مستمر”.

وأكد صاحب مؤلف الكتابة المسرحية العربية وأسئلة ما بعد الكولونيالية أن “التناسج يتيح تقويض أوهام الخالص والأصيل، ذلك أن الوضع البيني يجعل الهوية الفنية تفعم وتشق بما هو قادم من جغرافيات الآخر، وبذلك  يستشرف “التناسج” أفقا مغايرا للتفكير ينزاح عن الثنائيات الموهومة والتقسيمات التراتبية، كما يتجاوز الانغلاق والانطواء والتقوقع داخل إطار الهويات العمياء”.

ولفت الأستاذ الجامعي أن “التناسج الثقافي وحدة إنسانية مشتركة وتلاحم بشري، وليست طبوغرافيا أحادية تقودها رؤية متمركزة، وهذا يستلزم التخلي عن ذلك الاطمئنان الذي كُنَّا نتداول به بعض المفاهيم من قبيل الهوية والاختلاف، فالهوية تُشَقُّ وتُفعم بما هو قادم من حدود جغرافيات وأفضية الآخر، بحيث يغذو من الصعب بل من المتعذر تعيين الهوية استنادا إلى خصوصية نقية أو خالية من تأثير الآخر”.

ونبه إلى أن “الخصوصية عندنا فلا تعني تميز المسرح العربي، وتفرده عن باقي أشكال التبادل الثقافي، وإنما تعني الخصائص التي تفصله عن النوع الغربي وجمالياته، ولذلك تضمنت الخصوصية هنا معنى سلبيا يوحي بالاختلاف الوحشي المتضمن معنى الانقطاع، والعزلة، والتباعد عن بقية الثقافات والحضارات. ومن ثم إنتاج ذات الثنائيات الموهومة، والتقسيمات التراتبية من قبيل: شرق وغرب، وشمال وجنوب، بدل التلاقح الفني والتناسج الثقافي بين العوالم”.


بلاغ هام لكافة نساء ورجال التعليم بالمغرب

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى