عين على الأنتربول ويد على الميدان.. المغرب يفكك جسر تهريب الكوكايين بين محور أمريكا اللاتينية وإفريقيا
تحليل إخباري: مصطفى وغزيف
بعملية نوعية وضربة قاصمة، تنجح مصالح الأمن الوطني في قطع شرايين التهريب من كارتيلات اللاتينية إلى صحراء إفريقيا. إذ بات الموقع الاستراتيجي للمغرب والخبرات الأمنية المتراكمة والتقنيات المتطورة، يمثل حصناً منيعاً في وجه شبكات المخدرات العالمية، ودرعا صلباً على بوابة إفريقيا وأوروبا. ففي عمليتين منفصلتين ، تجمعان بين دقة التوقيت وحرفية التنفيذ، بصمت المنظومة الأمنية المغربية، بقوة، على رسم معادلة جديدة في مكافحة تهريب المخدرات، حين أطبقت قبضتها على شحنات كوكايين دولية في عمليتين منفصلتين على طرفي المملكة. مشهد أمني استثنائي يكشف عن تطور لافت في استراتيجيات المواجهة مع شبكات التهريب العابرة للقارات، حيث تلاقت خيوط العملية، التي باشرتها مصالح الأمن الوطني والجمارك بين ميناء طنجة المتوسط شمالاً ومعبر الكركرات جنوباً، لتسقط في شباك الأمن 72 كيلوغراماً و 180غراماً من المخدر الصلب، وتسدل الستار على فصل جديد من فصول من جهود قطع شريان نشاط التهريب الدولي. عملية أمنية نوعية لم تكن لتتحقق لولا عيون ساهرة في غرف العمليات، وأياد محترفة في الميدان، وتنسيق رفيع مع شركاء المملكة في مكافحة تهريب المخدرات الصلبة.
ففي كل من ميناء طنجة المتوسط ومعبر الكركرات الحدودي، عكست العمليتان مستوى التنسيق العالي بين مصالح الأمن الوطني والجمارك، حيث تم توظيف كل الخبرات في الكشف والمراقبة، مع سرعة في الاستجابة والتدخل.
*خط دفاع مغربي صلب*
في تفاصيل العملية الأولى، التي جرت على مسرح معبر الكركرات – البوابة الجنوبية للمملكة – كشفت العين الثاقبة لرجال الأمن عن مخبأ سري احترافي داخل شاحنة للنقل الدولي قادمة من إحدى دول إفريقيا جنوب الصحراء. وفي مشهد يعكس دقة العملية، تم ضبط 197 صفيحة من الكوكايين، بوزن إجمالي بلغ 55 كيلوغراماً و 950 غراماً، ليتم إيقاف سائق الشاحنة البالغ من العمر 55 سنة.
وفي مشهد آخر بالبوابة البحرية الشمالية للمملكة – نجحت الجهود المشتركة بين عناصر الشرطة والجمارك، بميناء طنجة المتوسط، في كشف شحنة ثانية مخبأة داخل حاوية بحرية لنقل البضائع قادمة من أمريكا اللاتينية. وفي تفتيش دقيق أسفر عن العثور على 14 صفيحة من الكوكايين بوزن إجمالي وصل إلى 16 كيلوغراماً و 230 غراماً، لتصل الحصيلة الإجمالية للعمليتين إلى 72 كيلوغراماً و 180 غراماً من الكوكايين، في ضربة تؤكد نجاعة المنظومة الأمنية المغربية في مكافحة التهريب الدولي للمخدرات والمؤثرات العقلية.
وتكتسي هاتان العمليتان أهمية استراتيجية بالغة في التحكم الجغرافي، من خلال إحكام السيطرة على المنافذ البحرية الشمالية وتأمين الحدود البرية الجنوبية، ما ساهم في قطع طرق التهريب بين إفريقيا وأوروبا.
*عين على الأنتربول ويد على الميدان*
وامتد البعد الاستراتيجي للعمليتين إلى المستوى الدولي، من خلال تفعيل التعاون الوثيق مع الأنتربول وتبادل المعلومات مع الدول المعنية، ما عزز مكانة المغرب كشريك فاعل في منظومة مكافحة الجريمة المنظمة.
وفي خطوة استباقية لتتبع خيوط هذه الشبكة الدولية، باشرت مصالح الشرطة القضائية تحقيقاً شاملاً تحت إشراف النيابة العامة، متسلحة بالتنسيق الوثيق مع مكاتب الأنتربول في الدول المعنية، بهدف تفكيك حلقات هذه الشبكة الإجرامية وكشف مسارات ووجهات التهريب.
وتكشف هذه العمليات النوعية عن منظومة أمنية متطورة تجمع بين دقة الرصد، وسرعة التدخل، وفعالية التنسيق الدولي، مما يرسخ مكانة المغرب كشريك استراتيجي موثوق في المعادلة الأمنية العالمية.
*القبضة المغربية الحديدية*
وفي الوقت الذي تتواصل فيه الأبحاث بخطى ثابتة، من لدن مصالح الشرطة القضائية المختصة ترابيا تحت إشراف النيابة العامة، تبقى رسالة المغرب واضحة: لا مكان لتجار المخدرات ولا تهاون مع شبكات التهريب، مهما تطورت أساليبها أو تعددت مساراتها.
وتتجاوز أهمية هذه العمليات النوعية الجانب الأمني المباشر لتؤسس لنموذج متطور في التوظيف الأمثل للتكنولوجيا في العمل الأمني. فالمنظومة الأمنية الذكية التي طورها المغرب أثبتت قدرتها على التكيف السريع مع أساليب التهريب المتجددة، مع الحفاظ على فعالية عالية في الكشف والتصدي.
وتؤكد هذه النجاحات المتتالية أن المواجهة الناجعة مع شبكات التهريب الدولية لم تعد تعتمد فقط على القوة الصلبة التقليدية، بل أصبحت تستند بشكل متزايد إلى القدرة على توظيف التكنولوجيا المتقدمة بذكاء وفعالية. وبهذا النهج المتطور، يرسم المغرب ملامح استراتيجية أمنية عصرية تجمع بين الكفاءة التقنية والفعالية الميدانية، ليشكل نموذجاً يحتذى به في مجال مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
في ظل هذا المشهد الأمني الذي يؤكد نضج التجربة المغربية، يرسم المغرب خارطة أمنية متقدمة تجمع بين الاحترافية العالية والفعالية الميدانية. فالنجاح في تفكيك محور تهريب الكوكايين بين القارتين ليس مجرد إنجاز عملياتي، بل هو ترجمة فعلية ميدانية لمنظومة أمنية متكاملة تستند إلى ثلاثية “الخبرة البشرية – التقنية المتطورة – التنسيق الدولي”.
إلى ذلك، يبرز النموذج الأمني المغربي المتفرد، ملامح استراتيجية محكمة تتخطى حدود المقاربة التقليدية. فالمملكة ليست مجرد حلقة في سلسلة التعاون الدولي، بل أصبحت مرجعاً يُحتذى به في صياغة المعادلة الأمنية الإقليمية والدولية. وتكشف العمليات النوعية الأخيرة عن عمق الرؤية الاستباقية التي تتبناها المنظومة الأمنية المغربية، حيث تتحول المعطيات الاستخباراتية إلى نجاحات ميدانية ملموسة، مُشكِّلة بذلك درعاً واقياً، ليس فقط لأمن المملكة، بل لأمن المنطقة بأكملها.
وفي ريادة هذا المشهد الأمني المتكامل، يبرز المغرب كقوة أمنية فاعلة تجمع بين يقظة العين وحكمة العقل وقوة اليد، مؤكداً أن احترافية أجهزته الأمنية ليست مجرد شعار، بل واقع يتجسد في كل عملية وينعكس في كل نجاح، يرسخ الثقة الدولية المتنامية في النموذج الأمني المغربي.
تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية