هل تُجرى الانتخابات التشريعية في وقتها؟
هل تجري الانتخابات التشريعية في وقتها؟ هذا واحد من الأسئلة التي يجري تداولها في الساحة السياسية في الآونة الأخيرة، والسبب هو آثار جائحة كوفيد 19 على البلاد كما يعتقد البعض، وإنما أيضا على الزمن السياسي الذي بات أكثر دقة في ما تبقى من الآن إلى الوقت المحدد للانتخابات وهو يونيو 2021.
لكن في المقابل، وبنفس المنطق دائما، ما الذي يمنع من إجراءها في وقتها المفترض، إذا كان الزمن السياسي المتبقي، وهو من الآن إلى يونيو من السنة القادرمة، سنة بالتمام والكمال؟
المؤكد حتى الآن، أن الإجراءات التي تباشرها وزارة الداخلية لا تفيد أن هناك إشارات لتأجيل الانتخابات التشريعية إلى وقت آخر، والمؤكد أيضا أن الأحزاب السياسية تنتظر استئناف المشاورات من أجل الإعداد للاستحقاقات المقبلة لكي تتم في وقتها المفترض، بل من المصادر الحزبية التي أكدت لـ«سيت أنفو» أن هناك مشروع جدولة لإجراء كل الانتخابات المهنية والبلدية والتشريعية في وقت متقارب لا يتجاوز شهر يونيو المقبل، وإن كان هذا الأمر يتطلب مجهودا استثنائيا.
وإذا عدنا إلى مواقف الأحزاب السياسية في هذا الشأن، فلا شيء يشير إلى رغبة أي منها إلى تأجيل الانتخابات، وآخر ما تم التعبير عنه في هذا الشأن، جاء من رفاق نبيل بنعبد الله الذين طالبوا يوم أمس في اجتماع المكتب السياسي الحكومة باستئناف المشاورات، وهو ما يعني مبدئيا أنها انطلقت من قبل.
يقول المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية في بيانه :«يدعو إلى استئنافِ الحوار والمشاورات بين الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية بخصوص القوانين والترتيبات التي ستؤطر الاستحقاقات الانتخابية المقبلة التي يتعين أن تُنَظَّمَ في آجالها القانونية».
أقصى ما تم التعبير عنه في هذا الموضوع هو تشكيل حكومة وحدة وطنية لمواجهة آثار الجائحة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وهو المطلب الذي لم تتجاوب معه كل الأحزاب السياسية وفي حينه، بل هناك من اعتبره هروبا إلى الأمام ورغبة في الدخول إلى الحكومة، في الوقت الذي لم تعره العديد من الأحزاب السياسية أي اهتمام.
وإذا كان لا بد من الوقوف كثيرا عند تأجيل الانتخابات التشريعية، بما يعني الدخول في فترة استثنائية، فإن هاته الأخيرة مؤطرة بموجب الدستور، وبالضبط بالفصلين 59 و74، حيث يقول الفصل الأول :« إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية،أمكن للملك أن يُعلن حالة الاستثناء بظهير، بعد استشارة كل من رئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب،ورئيس مجلس المستشارين، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب إلى الأمة. ويُخول الملك بذلك الإجراءات التي يفرضها الدفاع عن الوحدة الترابية، ويقتضيها الرجوع، في أقرب الآجال، إلى صلاحية اتخاذ السير العادي للمؤسسات الدستورية».
ويؤكد الفصل 74 من الدستور:«يمكن الإعلان لمدة ثلاثين يوما عن حالة الحصار، بمقتضى ظهير يوقعه بالعطف رئيس الحكومة، ولا يمكن تمديد هذا الأجل إلا بالقانون».
وإذا لاحظنا أن الظروف التي تمر منها البلاد لا يوجد ما يدعو إلى اللجوء إلي الفصلين، فإن فكرة التأجيل تبدو محسومة.
وفي هذا الإطار، أكد رشيد لزرق أستاذ القانون الدستوري بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أن الدعوات لتأجيل الانتخابات، خاصة من طرف الداعين إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، الغاية منه هو الدخول إلى الحكومة ليس إلا، مضيفا في تصريح لـ«سيت أوفو» أن إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي الذي اقترح حكومة وحدة وطنية، رد عليه عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة بالرفض، مؤكدا هذا الأخير، ودائما على لسان رشيد لزرق، أن حكومة وحدة وطنية لا يمكن تشكيلها بداعي أجواء «كورونا» وإنما يمكن تدارسها في حالة تأجيل الانتخابات التشريعية.
أستاذ القانون الدستوري زاد وأكد في نفس التصريح، أن دستور المملكة الذي يتبنى الخيار الديمقراطي، بما يعني ضمان سير المؤسسات المؤسسات سيرا عاديا، وهو ما يتعارض مع دعوات تأجيل الانتخابات، كما أن تبرير الاقتراح بدعوى آثار كورونا مردود عليه، يقول رشيد لزرق، لأن هناك قانون الطوارئ الذي يؤطر هذه الفترة التي تجتازها البلاد، وقانون الطوارئ ليس إلا قانونا، والدستور الذي يتبنى الخيار الديمقراطي للبلاد، أعلى وأكبر وأشمل.