الشاعر والزجال محمد سعید الحمام من تطوان ٠٠جمرة متوقدة تشتعل مع هبوب ریاح الإبداع

حاوره الأستاذ صبري الحو

محمد سعيد الحمام ابن تطوان العامرة وسليل ربوعها الأصيلة يمزج في تجربته الإبداعية ما بين الشاعر العامية (الزجل) وبين الشعر الفصيح المنفتح على عالم الحداثة والمندفع نحو غرض الغزل. هي ازدواجية إبداعية تميز شاعرنا عن غيره من الشعراء، مع غلبة الكم الهائل من الشعر الفصيح والحديث، تم جمعه في ديوانه البكر “ورقات وردية”.

محمد سعيد، يقول العشق والحب والغرام بلغة وأسلوب الشعر، وفي قصائد يقول شعر الغزل في ثوب الزاهد المتصوف، وهو جمع عسير وشبه مستحيل، صحيح ليس الأول في هذا النوع لكن ازدواجية قول الغزل بالصوفيه في جنسين من الشعر الزجل والفصيح يميزه عن باقي سابقيه .

الشاعر محمد سعيد فتح قلبه في حوار أجراه معه الأستاذ صبري الحو، وسنحاول في هذا الحوار الوقوف عند وعلى سمات الإبداع عند الشاعر محمد سعيد الحمام، بكل تأكيد ليست إحاطة لكل السمات، فالشاعر يخفي خلفنا غابة من الإبداع في تجربته الزجلية الفريدة، وقد لا يكون هذا الحوار كافيا للإلمام بكل أعماله، فهو جمر وقّاد تحت رماد هادئة، لذا فالأمر قد يستدعي تخصيص حيز إضافي في المستقبل للوقوف على هذه التجربة بكل تفاصيلها، وقبل هذا وذاك نشهد أن الشاعر محمد سعيد الحمام وشعره على لسان كل أبناء تطوان.

إليكم نص الحوار، الذي أجراه معه الأستاذ صبري.

حول هذه التجربة نفتح الباب على مصراعيه لنلج إلى باحة القصيدة الشعرية الحرة، وأول ما يطالعنا في قصيدة أسر وعتق
يا سيدة العشق الخفي
ماذا فعلت بقلب..
بتصبب عشقا
في غفلة مني
في لحظة سلامي
ناوليني وردا
وازدادي رفقا
نخرت أوصالي
وأسرتني بحللك
ولا أريد من
أسرك عتقا …
بقبلة كانت قبلة
فهل كانت بالفعل صدقا
تفنّنت في تعذيبي
بكل أساليب الهجر
وما رأيت في البعاد فرقا…
كنتِ تخططين لهزمي
وازداد فتيل
هواك نارا
وحرقا
مجنون بك
فاجعلي واحة قلبي
بقبلاتك مطرا ورعدا
وبرقا…

س – أول ما يمكن طرحه من أسئلة عل هذه التيمة حول هذا المضمون الشعري، هو ظروف القصيدة …فما هي تلك الظروف التي ألهمتك و طالعتنا بهذه التحفة الشعرية؟.

ج – أول ظرف أخصه بالذكر هو رغبتي في صقل موهبتي الشعرية بغض النظر عن الملهم الشخصي أو الموجود ضمنيا في مشاعري حيث ابني قصيدتي عل أساسه…ومن هنا أذكركم بالمثل العربي الشهير أعذب الشعر وأكذبه .

س – إن عتبة العنوان المختار بدقة متناهية لقصيدتك أسر وعتق تدل عل عالم رحب من تجارب الحب ولو كان مجرد خيال يركب براقه الشاعر محمد سعيد الحمام …هل تختار عناوين قصائدك من شعراء آخرين أم أنك تنحو منح الحرية الشخصية في الاختيار ؟.

ج – طيب العنوان هو مفتاح كل نص إبداعي سواء كان شعرا أو نثرا، وبما أنني أتكلم عن الشعر فتجربتي في اختيار العناوين تؤكد عل رغبتي في تقريب المتلقي من وحي الإبداع في تجربتي لتسهيل الطريق أمامه وتجهيزها وتعبيدها من أجل سلامة النص.
أنت خير أمة
في نظري
أنت التي أحبك
كحبي لهمسة القمر …
أنت العروبة
في المبتدأ والخبر
لما النوم
لم الصمت
لما البكاء عل الأطلال
وعل المنحدر
يا خير أمة
أضاعت مجدها
ولم تنظر ال
التاريخ و العبر
تطال علينا العجم
وصرنا كقصعة
تؤكل دون حذر
أضعنا الأندلس
وصقلية عبثا
وطاردنا الغناء
والرقص ومجون
الغجر…
أواه يا عرب
هل من قومه
نزيل بها
قليلا من الضرر

س – أراك قد غيرت شاعرنا محمد سعيد الحمام تيمة القصيدة وابتعدت عن الغزل إلى خدمة البعد القومي من خلال قصيدتك وضاع المد العربي!. فهل كان هذا الاختيار منطلقا من الحماسة الذاتية ام مجرد موالاة ومحاكاة لتجربة الكبار مثل درويش ؟.

ج – طبعا الشعر شعور قبل أن يكون مجرد توثيق وكتابة …و الحقيقة أنني ابتعد عن الغزل لتنويع تجربتي الشعرية المتواضعة وأيضا لاغناء هذه التجربة بمواضيع أخرى …فالقومية العربية تطرق إليها كتاب وأدباء ومبدعون وحاولت أن أدلي بدلوي أيضا في هذه البئر لاعتبارين شخصيين؛ من منطلق ودافع غيرتي عل العروبة لانتمائي إليها ورغبتي في مجاراة نصوص أدبية تنصب في البحر القومي نفسه .

س – هل يمكنني أن اقرأ عن هذه القومية العربية نصوصا أخرى لأنك تكلمت عن العروبة بشكل عام …هل هناك جديد؟.

ج – كأنك تقرا أفكاري أستاذي صبري الحو، فقد نظمت قصائد أخرى عن فلسطين، أحاول صب جام غضبي عل المغتصب لهذه الأرض الطاهرة وتهويدها وأسوق لكم مثلا بقصديه …عيون قلبي انت
أخبرو أمي أن القدس عربية…
أخبروا أختي أنها أراضي فلسطينية…
أخبروها أن دمائنا لها تشوى بعين….
جارية…..
مغربي أنا…. قولوا لها…
قلوبنا…
تتنفس عروبة ….
أخبروها..
لا تقيدوها…
لا تجعلوا تذكارا..
أن العرب باعوها…..
قايضوها…
سحلوها…خلسة…بغثة
في بيلفور ….
صفدت سلاسل…
دثروها بوشاح . ….
وميثاق…يطير
سحابا ركاما ضبابا …
دفعوها…
لحائط المبكى صبغوها…
بالأسود ….صبغوها…
القبة السوداء…فضحوها…
اخبروا أن المسلمين ضيعوها…
في ليلة كانت ظلماء جردوها…
أخبروها …
أخبروها…
أن القلب يسأل العين أقنعوها…
بواقعة الاحتلال…دنسوها…
أنها ستعود يوما صدقهوها
كذبة ألفنها عمروها….
سنين…وأعوام…استوطنوها…
صهاينة غيرالعرب شيدوها..
حزموها…
نسفوها…
باعوا لنا الوهم.. صدروها…
علموها…وعولموها…
أن القدس عاصمة للصهاينة…
عروا خاصرتها المسبوكة ذهبا….
مددوها
على طاولة المفاوضات سلخوها
اعلموها
أعلموها…
اعلموها
أخبروها أن أمتي تبكي بعين
دامعة خاشعة مشوية….
أخبروها…
قولوا لها…
اعلموها..
أخبروها..
أخبروها..
أرشدوها
دلوها….
تاهت فتهنا أعيدوها…
أيا عرب…أيا عرب…
تعبنا مللنا…تعرق جبيننا..
خوفا عليها ….
ذكِّروها…
أن القدس عاصمة فلسطين…
أرجعوها….

س – بصراحة وجدتك أكثر إبداعا في عرض العروبة وفي شعر المقاومة الفلسطينية.

لنعود إلى ديوانك ورقات وردية، انتابني فضول معرفة ظروف اختيار هذا العنوان لديوانك؟. فهناك الكثير ممن بدأ منتوجه الإبداعي بكلمة ورق …أوراق مثل عبد الله العروي في روايته أوراق …فهل تقصد بورقات…تنوع وكثرة القصائد كما هي أوراق شجرة؟ …وهل هذه الأوراق تينع دائما؟ وتقاوم اصفرار وسقوط الخريف؟ …وأقصد بذلك هل ستبقى ورقات وردية ثابتة في المجتمع الثقافي وفي الخزانة الشعرية؟ أم أن هناك محاولة لعودة الطبع وإضافة الجديد؟.

ج – سؤالك في الصميم، فالكمال لله وأي مبدع غالبا ما يعيد النظر في منتوجه لتقييمه! و تقويمه! وتنقيحه! أو تصحيحه بإبداعات أخرى …وكل شيء قابل للتطور والتغيير و فقا لمعادلات العمر والحياة. وإن كانت هناك ضرورة لإعادة طبع الديوان فلن أتردد حتى يصل إلى القارئ في أجمل حلة شكلا ومضمونا.

س – هل بمكن رؤية ورقة أخرى من هذه الورقات، وأي القصائد تختار لنا ؟؟

ج- انظر إلى قصيدة “دغدغت” فهي نمط من الشعر السريالي المنفتح عل عوالم الإدراك و الفهم المتعدد، وإن كل قارئ سيقرأ القصيدة الدالية ليصلل إلى مدلول مختلف:

صوتك لا يعدو خربشات
تدغدغ أذني طلقات
صوتك لا يعدو غيمات
تتبخر بعد دوي أصوات
تفتك في حلقك مزمجرات
أضنها صخبا للأسف شطحات
كثرة بالكثرة خزعبلات
وشتان بين الظن و الضن
اشرحها لك يعطيك مسلمات
هيهات لهز جبل بظفر
فصمتك ينس الصرخات
ريحك هوجاء أثارت زوبعات
لن يرض بها الكبار في الثقافات
ولن نبحر في مركب
مثقوب أصلا طاولته أرضات
قد يغرق بلسع الموجات
طار الربان
اقلع الأباطرة
خر الهرم
نسف العلم
أغرفت السفينة
فهل يسمع صوت
من وسط الزجاجات
هل ينبت ورد وسط
الصخرات
وهل تقلع الطائرة
بلا أجنحة
و لا بوصلات
أبدا حت يشب الغراب
وجميع الكائنات
وتذوب الثلوج في المحيطات
ويسقط نجم الدب
في المتاهات
وشتان بين القلح …والقرع
لا طبول دقت نهاية البطولات

بالعودة إلى قصيدة : مقام الزهاد..نراك شاعرنا محمد سعيد الحمام قد اعتمدت على التناص في عتبة العنوان أيضا.. فأي سامع ل: مقام الزهاد. سيتبادر إلى سمعه أن قصيدتك ضاربة في الصوفية بينما هي ضرب من الغزل العذري..
السؤال : لماذا تراوغ القارئ باسلوب التناص في قصائدك ؟
مقام الزهاد.
اعبري خطوط يدي
بجناح رموشكِ
خففي السير و لا تجنحي..
نامي بباحة كفي
اصعدي هودجي
و لا تخجلي
صهوة عشقي
وافرحي…
اقطعي…بسكين العطف
كل الخطوط
وتريثي
فكل خط هو
سنوات احلامي.
فسري شيفرة غرامي
واشرحي..
امسكي قرص الشمس
بقلبي
فشعاعها لافح يا عمري
وإن غضبت مني
فاصفحي…
ضميني بلا كبرياء
لعل الضم يرفعني
إلى مقام الزهاد
حيث تولد سعادتي
وأملي
ومطمحي…

ج : ليس غريبا على النفس المشبعة بحقيقة الحب الذي يتغلغل في نفسية المبدع حتى ولو فرضناه خيالا لضرورة فرض اللمسة الإبداعية على ساحة القصيدة وساحات المجتمع وأعرافه، أن يمتطي صهوة التناص منطلقا أحيانا من خرق اللغة كقولي : امسكي قرص الشمس بقلبي، لتقريب المتلقي من واحة صدق العاطفة الخيالية وفي هذا التعبير خرق أيضا لجمع المتناقضين بين الواقع الخيال، واختصارا فنهج قصائدي لا يكون بمستوى البساطة التي تُنفّر القارئ، بل أسبح في عوالم شاسعة أفق الخيال والتحرر.

شكرا للشاعر محمد سعيد الحمام


وليد شديرة يدخل القفص الذهبي.. إليكم هوية زوجته -فيديو

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى