عشريني محكوم بالإعدام.. قضى 17 سنة في السجن تعادل عمر ابنته

في سياق الشهادات التي يقدمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان لمحكومين بالإعدام، في إطار تسليط الضوء على هذه الفئة، وملامسة بعض القضايا والإشكالات التي تطرحها هذه العقوبة القاتلة من الناحية الحقوقية والإنسانية، وذلك بإعطاء الكلمة للذين يترقبون الموت على أمل أن يتم الحفاظ على حياتهم، يقدم مجلس بوعياش شهادة ح.ي من مواليد سنة 1981، مغربي الجنسية، متزوج، تابع تعليمه إلى غاية المستوى الإعدادي ومهنته بائع متجول.

تم اعتقاله في تاريخ 24. 5 .2003، حيث وجهت له تهم تكوين عصابة إجرامية والمس بسلامة الدولة الداخلية بارتكاب اعتداءات الغرض منها إحداث التخريب والقتل في أكثر من منطقة والمشاركة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والمشاركة في الإيذاء العمدي المؤدي إلى عاهات مستديمة. وقد تمت مؤاخذته من أجل جميع التهم المنسوبة إليه. وبناء على ذلك، أصدرت المحكمة في حقه عقوبة الإعدام بتاريخ 19. 8. 2003.

لم أقتل ولم أتورط في أي شيء… كنت فقط أتبع توجها فكريا معينا

يقول المواطن المحكوم بالإعدام إنه دائما ما يسأل نفسه عن سبب إدانته بالإعدام. فبالنسبة له، فهو لم يقتل ولم يتورط في شيء، كان فقط يتبع توجها فكريا معينا، ولم تكن له نية للقيام بأي عمل إرهابي. يعترف بخطئه، لكنه يؤكد أنه قام بمراجعات مؤخرا، ومع ذلك فحكم الإعدام الصادر في حقه لم يتغير.

يضيف في شهادته: كانت حياتي عادية، أمتهن تجارة الأحذية الجاهزة في قيسارية الحي المحمدي. كنت متزوجا وكان لي ولد مات قبل دخولي السجن وابنة تركتها وعمرها ثلاثة أشهر.

انخرط في برنامج مصالحة وسبق أن قدم طلب العفو لكن دون أن يلقى أي جواب. في بادئ الأمر استدعته إدارة السجن وأخبرته أنه يتعين عليه كتابة طلب العفو، فأجابهم بأنه سيوافق على ذلك بشرط تحرير الطلب بصيغته: أنا مسجون بسبب فكر آمنت به وليس بسبب مشاركتي في تفجيرات 16 ماي. وقد رفضت الإدارة هذا الشرط، ومنذ ذلك الحين، توقفت عن تقديم الطلب واستأنفت ذلك خلال الأربع سنوات الأخيرة حيث كتبت الطلب عدة مرات، غير أنني لا أعرف سبب الإبقاء على حكم الإعدام الصادر في حقي.

17 سنة من السجن تعادل عمر ابنته

يضيف المدان بالإعدام أنه يتمنى أن يحظى ملفه بالاهتمام، فقد قام بعدة مراجعات ومقابلات مع المسؤولين…سبعة عشر سنة من السجن، فترة تعادل عمر ابنتي. أريدكم أن تطلبوا إعادة النظر في ملفي فأنا لا أستحق الإعدام.

في البداية، كانت ابنته التي ولدت بعد اعتقاله تأتي لزيارته، لكن مع مرور الوقت ومع توالي الإفراج عن أبناء الحي، تأثرت عائلته جدا من جراء ذلك، خصوصا ابنته التي يئست، في حين لا تستطيع زوجته زيارته لأنها مريضة بالصرع بسبب تراكم الصدمات التي تعرضت لها، ليضيف: أنا مسجون فقط بسبب فكر آمنت به.

فيما يخص ظروف محاكمته، فقد تم تعيين محام للنيابة عنه، “أنا لا أتذكر اسمه غير أنه زارني في اليوم الأول وأخبرني بأنه تم توكيله من طرف المحكمة، وقد كان جادا في التعامل مع ملفي من خلال مرافعاته وتدخلاته أمام هيئة المحكمة حيث كان يطالب القاضي بالبراءة وليس ظروف التخفيف أو غيرها. خلال محاكمتي، لم تكن هناك مواجهة مع باقي المتهمين، مع أنني طلبتها. فأنا لم أقابل قاضي التحقيق إلا مرتين. ليس لي تجربة سابقة في السجن ولم يسبق أن تعرضت للاعتقال قبل ذلك“.

هناك أمل في الحل 

كانت الأسابيع والشهور الأولى من اعتقاله صعبة. لم يكن بإمكانه الخروج من زنزانته ولم يسمح لعائلته بالزيارة، حيث لم ير عائلته طيلة ثلاثة أشهر إلى حين صدور حكم الإعدام بحقه.

“بعد قضائي سبعة عشر سنة وراء القضبان، هناك أمل في إيجاد حل لملفي، لكنه أمل يزيدني تعاسة لكون الملف لا يعرف تطورا، فكل سنة أخبر عائلتي بأنها ستكون الأخيرة لي في السجن، لكن لا شيء يتغير. الحمد لله علاقتي ظلت طيبة بعائلتي، فرغم أنهم لا يزورونني إلا أنهم يبعثون لي ما يلزمني من مصاريف لتلبية احتياجاتي. عندما تم إخلاء سبيل العديد من المحكومين بسبب هذه الأحداث الإرهابية، ومنهم زوج خالة ابنتي، الذي أدين معي في نفس القضية بعشرين سنة، أصيبت عائلتي بالإحباط“.

يتسطرد المحكوم بالإعدام أن المندوبية قامت بتصنيف السجناء إلى الصنف “أ” و”ب”، وهو ينتمي للصنف الأول. يمكن لمسجوني الصنف “أ” التجول بحرية داخل السجن بينما يمنع على باقي سجناء الصنف “ب” هذا الحق. لا يعرف ما هي المعايير التي يتحدد من خلالها كلا الصنفين… فالإدارة هي وحدها من تقرر. “أنا لست ضد الفكرة لكنني ضد مقارنة السجناء المحكومين بعقوبات طويلة الأمد، خصوصا المحكومين في قضايا الإرهاب، بمعتقلين آخرين لهم عقوبات أخف ولفترات أقصر“.

يقول“لم يشرح لنا أحد شيئا، فلم تكن هناك أي دورة تكوينية أو غيرها، فكانت الزيارة تستمر من ساعة إلى ساعتين حسب الظروف، أما الآن فالمدة التي تستغرقها هي 30 دقيقة، والتساؤل المطروح هنا هو هل وضعي مثل باقي السجناء المدنيين الذين يزورهم أهلهم أسبوعيا بينما أنا لا أراهم إلا موسميا كل ثلاثة أشهر؟ وبسبب هذه الظروف هناك العديد من السجناء يعانون عدم قدرتهم على قضاء وقت أطول مع أسرهم، فالوقت المخصص للزيارة غير كاف بتاتا“.

يضيف المتحدث في شهادته أنه يشتغل داخل السجن. وبالنسبة للأنشطة، الإدارة هي من تقرر تنظيمها ولا يحق إلا لسجناء الصنف “أ” المشاركة فيها. يحمد الله أنه يتمتع بصحة جيدة وهناك طبيب يحضر بصفة أسبوعية إلى السجن. لكن يبقى أشد ما يعانيه هو مشكل الزيارة ونقص الفضاءات بالإضافة إلى مطالبه الحقوقية. وفيما يخص القائمين على السجن فالمعاملة عادية مبنية على الاحترام المتبادل.

لحد الآن يتساءل عن سبب إدانته بحكم الإعدام. فهو يعتقد أنه يستحق أن يفرج عنه بعد تراجعه عن أفكاره. ولهذا يتمنى أن تتم إعادة النظر في قضيته.



whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب
محامي يكشف العقوبات التي تنتظر “مومو” والمتورطين في فبركة عملية سرقة على المباشر







انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى