صلاح الدين بصير.. “مارادونا الصحراء” الذي أسرّ قلوب جيله

الحنين هو الدافع وراء استحضار الماضي، تلجأ إلى ذاكرة تحتفظ بما انقضى، سجية تشتاق لما مر، تلهث نحو الماضي وتبحث في خباياه حتى وان كان سحيقا، تضغط على ذاكرتك لتعصر أدق التفاصيل، ابتسامة تلقائية ترسم محياك وأنت تستعيد حكايات وأحداث كانت وراء سعادتك، تستحضر نجما لن يخضع اسمه لغياهب النسيان، ذاك الذي ترك بصمة يستحيل أن تمحى، ستتذكره بمبارياته الكبيرة، بأهدافه وانجازاته، بتلك اللحظات السعيدة التي وهبها للمغاربة ولكل من تابعوه، صلاح الدين بصير الموهبة الفذة والنجم الذي اعتلى القمة مخلدا نفسه بين أساطير الكرة الوطنية.

رأى صلاح الدين بصير النور في 5 شتنبر 1972 بالدار البيضاء، نشأ على حب كرة القدم زاولها بكل جوارح كباقي أقرانه الذين كانت تستهويهم تلك الكرة التي يلاحقونها لساعات دون كلل أو ملل. التحق بصير إلى نادي الرجاء الرياضي في سن صغير، تدرج في فئات النادي وتشبع من فلسفته، مهارة وسرعة، صناعة للعب وحس تهديفي، ميزات اختزلت في بصير الذي كان استثنائيا آنذاك وحاز على اهتمام من تابعوه إلى أن تقرر تصعيده سنة 1990 إلى الفريق الأول.

مع الرجاء صنع بصير اسمه وأشاع نفسه وإمكانياته، تألق وأبدع وكان أحد نجوم الأخضر في تلك الفترة، لعب 160 مباراة بقميص الرجاء وسجل 147 هدف، حصيلة ست سنوات أهّلته للانتقال إلى نادي الهلال السعودي سنة 1996، ليقدم مردودا جيدا في الأراضي السعودية، لاعباً بقميصه 24 مباراة ومسجلا 14 هدفا.

سنة 1997 كان بصير على موعد مع العالمية، إذ لفت أنظار مسؤولي نادي ديبورتيفو لاكورونيا الذين أعجبوا بإمكانياته، ليوقع بصير لهذا الفريق الاسباني، الذي خاض معه أربعة مواسم، متمكنا خلالها من تسجيل 5 أهداف من أصل 37 مباراة، ومتوجا معه بلقب الدوري الاسباني سنة 2000.

عرج بصير سنة 2001 إلى فرنسا باسم نادي ليل، كان بصير في سنواته الأخيرة، والاعتزال أصبح أمام مرآه، هدفان من أصل 33 مباراة حصيلة هذا الدولي المغربي في الدوري الفرنسي، قبل أن يوقع سنة 2002 لنادي باوك سالونيكا اليوناني لعب معه 12 مباراة وسجل هدفا وحيدا، ليضع بصير سنة 2003 نقطة نهاية لحكايته كلاعب صال وجال وكان خير سفير للكرة الوطنية.

مع المنتخب الوطني المغربي صنع بصير المجد، ودخل قلوب المغاربة كما رصع اسمه بأحرف من ذهب. كانت بدايته بقميص الأسود في الودية التي جمعت المنتخب الوطني بنظيره الكاميروني، في الدار البيضاء، سنة 1994، والتي انتهت بهدف في كل مرمى، لقاء تلو آخر يتألق ويثبت مكانه بالمنتخب، أهدافه ومستوياته الكبيرة جعلته يصبح أحد أبرز اللاعبين المغاربة، إلى أن نجح في قيادة المغرب إلى كأس العالم 1998 بفرنسا، حيث شارك في المباريات الثلاث بدور المجموعات من المونديال، وتمكن من تسجيل ثنائية في اللقاء الأخير أمام اسكتلاندا، بيد أن الانتصار لم يؤهل المنتخب إلى الدور الموالي.

كانت المباراة الأخيرة لبصير بقميص المنتخب الوطني، سنة 2002، أمام جنوب إفريقيا لحساب الجولة الثالثة من منافسات كأس أمم إفريقيا المنظمة بمالي، معلقا معها قميصه ومرسخا اسمه كثاني هداف تاريخي بالمنتخب الوطني بعد أحمد فرس، برصيد 27 هدفا من أصل 59 مباراة، كرقم سيظل راسخا باسمه.

بصير أو مرادونا الصحراء، ألقاب صدرت في حقه اعترافا بإمكانياته، بمؤهلاته التي سطعت في الملاعب، كان كنجمة تتراقص في تلك المساحة الخضراء، يتحرك بسرعة وأناقة إلى أن يلدغ الشباك، بدأ من العدم وأنهى مشواره في القمة، صنع مجدا خاصا ونصب نفسه بين الأساطير، حكاية بصير الشهيرة التي سحرت العقول وأسرت القلوب.


انخفاض أسعار اللحوم الحمراء المستوردة ومهني يوضح لـ “سيت أنفو”

whatsapp تابعوا آخر الأخبار عبر واتساب






انضم إلينا واحصل على نشراتنا الإخبارية




زر الذهاب إلى الأعلى